تنتظر الأوساط الحكومية بترقب كبير تقرير "​ستاندرد آند بورز​" المرتقب خلال شهر آب الحالي عن الإقتصاد ال​لبنان​ي، على امل ان يأتي إيجابيا على إعتبار أن التقرير سيصدر بعد أن أقر ​مجلس النواب​ مشروع موازنة 2019، ووقعها ​رئيس الجمهورية ميشال عون​.

ولكن يبدو أن المؤسسات الدولية سيما منها مؤسسات التصنيف العالمية، غير مقتنعة تماماً بأرقام ​الموازنة​، ونسبة التفاؤل التي تعبر عنها الحكومة، لذلك جاء تقرير مؤسسة التصنيف الدولية "​موديز​" الأخير سلبيا تجاه لبنان، كما أن ​صندوق النقد الدولي​ أكد بدوره على أهمية أن يبدأ لبنان بعملية تعديل مالي وإصلاحات هيكلية كبيرة لإحتواء ​الدين العام​ وزيادة النمو. وتوقع أن تؤدي تدابير ميزانية لبنان لعام 2019 لخفض العجز المالي إلى نحو 9.75% من ​الناتج المحلي​ الإجمالي.

ولفت الصندوق إلى أنه بناءً على المعلومات الحالية من المرجح أن يتجاوز العجز المتوقع بكثير المستوى المستهدف الذي أعلنته السلطات في لبنان. وحذر من أن المخاطر وأوجه الضعف مازالت قائمة بالنسبة للبنان، وعدم تحقيق الأهداف وإحراز تقدم في الإصلاحات قد يؤدي إلى تآكل الثقة، مشيرا إلى أن ​شراء السندات​ المنخفضة الفائدة المقترحة سيؤدي إلى تدهور ميزانية ​مصرف لبنان​ وتقويض مصداقيته.

فهل سيأتي تقرير "ستاندرد آند بورز" إيجابياً ؟ وما هو مصير مشاريع "سيدر" في حال جاءت التقارير القادمة سلبية ؟ ماذا عن التصعيد الواضح وتفاقم الخلاف السياسي داخليا ؟ وما هي إنعكاساته على الإقتصاد؟ وأين نتجه في حال إستمرار تعطيل الحكومة ؟؟

أسئلة كثيرة أجاب عنها الخبير الإقتصادي، البروفسور جورج نعمة​ في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

ما هي توقعاتك لتقرير "ستاندرد آند بورز" المنتظر ؟

وكالات التصنيف الإئتمانية لديها معايير معينة تعتمد عليها خلال إعداد تقاريرها.

إقرار الموازنة هو خطوة مهمة، ولكن يجب أن نعترف أيضا بأن هذه الموازنة جاءت متأخرة جدا، ولن يكون لديها أثر كبير، ولن نتمكن من الوصول إلى الأرقام المنشودة من خلال هذه الموازنة.

من جهة أخرى، المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الدولية لم يعد لديها ثقة بالسلطة التنفيذية في لبنان، وهي على علم تام بأن هناك عمليات تجميل للأرقام حصلت في الموازنة الأخيرة.

وبالتالي هناك إيجابية من الناحية الشكلية فقط، ولكن إقرار الموازنة بحد ذاتها ليس أمراً كافيا لكي تنظر إلينا وكالات التصنيف بإيجابية، والتقرير الذي سيصدر في 23 آب الجاري عن "ستاندرد آند بورز" لن يلحظ الموازنة فقط، بل سيستند أيضا إلى نسبة الدين العام ووتيرة إرتفاعه، كما إلى سندات اليوروبوندز، وكل ما يرتبط بالقطاع المصرفي وبالسيولة، وبنسبة الدولرة، ومحاولة الدولة لإصدار سندات بقيمة 11 تريلون ليرة والجدل الحاصل بين الحكومة والمصرف المركزي و​المصارف التجارية​ حول الإكتتاب بهذه السندت، والذي يبيّن بوضوح أن ​القطاع الخاص​ ليس لديه الشهية لشراء تلك السندات.

كل هذه الامور ستؤثر على التقرير، وكل شيء يشير إلى ان هناك إحتمال كبير جدا لتخفيض جديد لتصنيف لبنان الإئتماني.

ما هو تأثير التصنيف المتوقع على لبنان ؟ وماذا عن مصير مشاريع "سيدر" ؟

تخفيض التصنيف سيؤثر بشكل مباشر على الدين العام وعلى سندات الخزينة اللبنانية وإرتفاع الفوائد على الدين، كما على شهية المستثمرين بالإكتتاب في السندات اللبنانية.

أما بالنسبة لمشاريع "سيدر" فإعتقد ان هناك حالة طارئة اليوم، علينا البدء سريعاً في المشاريع، والرئيس الحريري وضع هذا الملف على جدول أعمال أو جلسة للحكومة من أجل البدء بإعداد آلية واضحة لتنفيذ المشاريع والبدء بها، ولكن الأزمة السياسية التي إستجدت منذ أكثر من 5 أسابيع، وعطلت ​مجلس الوزراء​ أوقفت هذا الأمر. واليوم نحن بإنتظار حل الخلاف الحاصل وعودة الحكومة للإنعقاد من أجل وضع الآليات والبدء بالتحضير لمشاريع "سيدر".

ويجب الإشارة إلى ان هذه المشاريع برأيي لم تعد كافية لإنتشال لبنان من أزمته الإقتصادية، فالموضوع الإقتصادي أصبح كبير جدا والوضع وصل إلى حدّ "التفلت".

ولكن بدون شك مشاريع "سيدر" ستساهم في إدخال العملات الصعبة من الخارج.

في حال تفاقم الخلاف السياسي داخليا وإستمرار تعطيل الحكومة .. ما هي الإنعكاسات على الإقتصاد؟ وإلى أين نتجه ؟

لا شك ان الأزمة السياسية الحالية تؤثر بشكل سلبي وكبير على الأوضاع الإقتصادية، فنحن نمر اليوم بأصعب مرحلة في تاريخنا منذ إنتهاء الحرب اللبنانية، ونحن بأمس الحاجة لإنعقاد مجلس الوزراء وإتخاذ القرارات اللازمة والضرورية والإنقاذية. ولكن للأسف هناك تعطيل ممنهج، والدولة عاجزة.

أضف إلى ذلك أن الأحداث الأمنية الأخيرة التي حصلت في الجبل إنعكست سلبا على الحركة السياحية في منطقة تعتبر من أهم مناطق الإصطياف في لبنان، والتي تستقطب عدد كبير من السياح سنويا. كل هذا سيؤدي إلى تداعيات سلبية أيضا خاصة أن التعويل على الموسم السياحي هذا العام كان كبيراً.

وبدون أدنى شك، إستمرار تعطيل الحكومة وإستمرار العمل بهذه الطريقة سيؤدي بنا إلى الهاوية مباشرةً، فالوقت ليس بصالحنا ونحن بأمس الحاجة لخطة إنقاذية بأسرع وقت تكون مبنية على معايير علمية وإقتصادية، ولكن للأسف نحن بعيدين كل البعد اليوم عن هذا الأمر اليوم، وبالتالي هناك خطر كبير جدا للسقوط في الهاوية، خاصة انه لا يوجد أي عمل جدي لوقف هذا الإنحدار.