بقي ​الإقتصاد اللبناني​ للشهر الثامن على التوالي في دائرة التردد والضعف في آن معاً، وذلك بتأثير مباشر من عدم إنتظام الوضع السياسي بشكل عام، سيما تعطيل إجتماعات الحكومة على خلفية السجال الحاصل في قضية قبرشمون. 

وكان من البديهي وأمام إستمرار التخبط السياسي في البلاد أن تستمر المؤسسات الدولية في تسليط الضوء على الإقتصاد اللبناني وعلى وضع المالية العامة، وتراقب النقاط السوداء التي تدلل على عمق الأزمة الإقتصادية والمالية، على رغم إقرار موازنة العام 2019 التي أرادت الحكومة من إنجازها توجيه إشارات إيجابية إلى ​المجتمع الدولي​، خصوصا وان الحكومة إفترضت أن ​الموازنة​ ستحقق إنخفاضاً ملحوظاً في نسبة العجز إلى الناتج القومي، إضافة إلى زيادة الإيرادات وتضمين الموازنة بعض الإصلاحات. 

في واقع الحال، يبدو أن المؤسسات الدولية سيما منها مؤسسات التصنيف العالمية، غير مقتنعة تماماً بأرقام الموازنة، ونسبة التفاؤل التي تعبر عنها الحكومة، لذلك جاء تقرير مؤسسة التصنيف الدولية "​موديز​" الأخير سلبيا تجاه لبنان، الذي يأمل أن يأتي تقرير "​ستاندرد آند بورز​" المرتقب خلال شهر آب الحالي أكثر إيجابية من تقرير "موديز" على إعتبار أن التقرير المرتقب يأتي بعد إقرار الموازنة. 

البارز هذا الأسبوع ما صدر عن ​صندوق النقد الدولي​ الذي أكد على أنه من المهم أن يبدأ لبنان بعملية تعديل مالي وإصلاحات هيكلية كبيرة لإحتواء ​الدين العام​ وزيادة النمو. وتوقع أن تؤدي تدابير ميزانية لبنان لعام 2019 لخفض العجز المالي إلى نحو 9.75% من ​الناتج المحلي​ الإجمالي. 

ولفت الصندوق إلى أنه بناءً على المعلومات الحالية من المرجح أن يتجاوز العجز المتوقع بكثير المستوى المستهدف الذي أعلنته السلطات في لبنان. وأشار إلى أن التنفيذ القوي لجهود الحكومة للتعديل المالي في 2019 و 2020 والإصلاحات الهيكلية الزمعة يمكن أن يعززا الثقة ويشجعا المانحين على صرف الأموال. 

وحذر صندوق النقد من أن المخاطر وأوجه الضعف مازالت قائمة بالنسبة للبنان، وعدم تحقيق الأهداف وإحراز تقدم في الإصلاحات قد يؤدي إلى تآكل الثقة، مشيرا إلى أن ​شراء السندات​ المنخفضة الفائدة المقترحة سيؤدي إلى تدهور ميزانية ​مصرف لبنان​ وتقويض مصداقيته. 

وفي مقلب آخر أعلنت "I.H.S Market" في بيانات صادرة عنها ان عقود مبادلة مخاطر الإئتمان اللبنانية لـ 5 سنوات، إرتفعت إلى 990 نقطة أساس، بزيادة 33 نقطة أساس عن إغلاق يوم الخميس، ومردّ هذا الإرتفاع يعود إلى الوضع السياسي غير المستقر، كذلك إلى الوضع الإقتصادي والإجتماعي والمالي في البلاد، وتترجم عادة مثل هذه القرارات بتراجع الثقة في البلاد التي تطالها عملية زيادة أو رفع تكلفة التأمين على ديونها السيادية. 

أخيراً، تبقى عين المسؤولين اللبنانيين وتحديدا مصرف لبنان على التقرير الذي سيصدر في نهاية آب الحالي عن "ستاندرد آند بورز" ويخشى لبنان أن يأتي هذا التقرير سلبيا، لاسيما بعد تقريري وكالتي "فيتش" و"موديز" غير المشجعين أخيرا، وفي ظل تحديات منها الوضع السياسي غير المستقر، والتوترات بين القوى السياسية التي تؤدي إلى تعطيل عمل الحكومة وضعف النمو الإقتصادي المقدر بنحو 0.5% ومخاوف المستثمرين من الوضع. إضافة إلى المخاطر المحدقة بالقطاع المصرفي اللبناني وتوقع إرتفاع عجز الموازنة إلى 9% عوضا عن 7% وهو توقع الحكومة. لذلك تأمل الجهات المالية والمصرفية "لملمة" الوضع الحكومي قبل صدور تقرير "ستاندرد آند بورز".