يُقال أن "الفشل ليس سوى فرصة لتجربة طريق آخر، لكن هذه المرة بذكاء أكبر"، ورجل الأعمال ال​لبنان​ي حسن الزيات اتبع هذه المقولة في مسيرته، فلم يسمح للظروف الصعبة و​القاهرة​ بأن تكسره، بل هزم التحديات بأفكاره العصرية، ودرايته الواسعة باستراتيجيات الأسواق، وأمله الكبير والحاضر دائما.

ظهرت ميوله للتجارة وعالم الأعمال منذ الصغر، حيث بدأ بالعمل مع والده في الشركة العائلية بعمر 13 عاما. وخلال فترة التخصص الجامعي أيضا، لم يتوقف عن ممارسة نشاطه العملي، بل نجح في التنسيق ما بين الاثنين.

وعلى الرغم من الدعم العائلي الذي حصل عليه، الا أنه يعتبر رجلا عصاميا بنى نفسه بنفسه، فقد استعان بما ورثه، ومن ثم اعتمد على نفسه من أجل تطويره والحفاظ عليه.

عن هذه التجربة الشيقة، كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع رجل الأعمال حسن الزيات:

من هو حسن الزيات؟ وما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت الى ما أنت عليه اليوم؟

تربيت في خضم عائلة تتعامل بلغة الأعمال منذ فترة طويلة، فقد تأسست شركة "أبناء حسن زيات" العاملة في مجال الأدوات المنزلية عام 1938، وعمرها اليوم أكثر من 80 عاما.

بالتالي بدأت مسيرتي المهنية في الشركة العائلية، ومع الوقت، طورنا العمل على مراحل عدة، داخليا وخارجيا.

أما بالنسبة الى النادي الرياضي "Z-Gym" الذي افتتحته منذ حوالي شهرين، فانطلق من هوايتي وحبي لممارسة الرياضة. فبعد أن تراجعت الحركة التجارية في البلاد، كنا بحاجة الى الانتقال الى قطاع آخر من أجل تأمين مدخول ثابت، وهذا النوع من الخدمات يلاقي في الوقت الحاضر اهتمام الكثيرين.

فالمشاريع التجارية بشكل عام، تحتاج بالدرجة الأولى الى التمويل، ويعتبر رأس المال، العامل الأقوى، وذلك لأن من يمتلك ​السيولة​ المادية سيكون قادرا على الحصول على أسعار أقل، وبالتالي المقاومة أكثر في السوق. بينما النادي الرياضي يعتمد بشكل كبير على العلاقات العامة والخدمات المقدمة الى الزبائن، وعندما يتعلق الأمر بالخدمات يصبح النجاح مرتبطا أكثر بالشخص وخبراته وقدرته على إيصال الخدمة بأفضل طريقة ممكنة الى الزبائن.

من جهة أخرى، أطلقت فريق رياضي مختص بالدراجات النارية اسمه "Lebanon Riders"، وهو جزء من مجموعة موجودة في معظم ​الدول العربية​، مرتبطة مع بعضنا البعض مثل عائلة كبيرة ومتكاملة؛ فارتباطنا ليس بالدراجة فحسب، بل بالأشخاص الذي يقودون هذه الدراجة.

ماذا يعني لك الانطلاق بمسيرتك المهنية من الشركة العائلية؟

يتعلم الشخص دائما من عائلته، كما يرتبط ارتباطا وثيقا بوالده ونشاطه المهني، وبالتالي تخلق في نفسه الرغبة في استكمال تلك المسيرة التي بدأها أسلافه.

ومن هنا، أسعى بكل جهدي في الوقت الحاضر، للحفاظ على الشركة العائلية، اذ أن هناك من ساعدني على الانطلاق، وقطع جزءا كبيرا من الطريق، وبالتالي أحاول بدوري تطوير هذه المسيرة واستكمالها، ونقلها الى الأجيال المقبلة رغم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية صعبة. فقد اكتسبت إرثا معينا وسأسعى بشكل دائم للحفاظ عليه!

تعاني الشركات المحلية من عوائق عدة بسبب الجمود الحاصل في الأسواق وتراجع الحركة. هل تواجهون هذه المشكلة؟

تتراجع الحركة كل عام بشكل سريع ودراماتيكي، ويعود ذلك لأسباب عدة، منها التخمة الموجودة في السوق بسبب كثرة المستوردين، والثورة الصناعية الحاصلة في العالم خلال السنوات العشرة الماضية، بالاضافة الى المنافسة الناتجة عن إنتاج كميات كبيرة، بغض النظر عن ما اذا كان الطلب موجود على المنتجات المصنعة، ما يسهم في تخفيض الكلفة بشكل كبير.

ما هي أبرز الصعوبات التي تواجهك خلال مسيرتك؟

لقد وقعنا في العديد من الخسائر، كما تعرضنا لمشاكل كثيرة خلال الحرب اللبنانية؛ اذ تم قصف مستودعنا، وفقدنا البضائع في المرفأ، وتكبدنا خسائر مالية كبيرة في الأسواق بسبب إفلاس الشركات،...

ومنذ حوالي سنتين، حصل حريق في مستودعاتنا، أدى الى خسارة جزء كبير من رأس مال الشركة.

بالاضافة طبعا الى تراجع الحركة في السوق، فأي عمل تجاري معرض للربح والخسارة، ولكن عندما تكون العجلة الاقتصادية سليمة، يصبح هامش الربح قادر على تغطية الخسائر والمساعدة على الوقوف مجددا واستكمال المسيرة.

فرأسمال التاجر اليوم ليس المال، بل العلاقات والخبرات. ولكن للأسف الدورة الاقتصادية البطئية في لبنان، لا تتيح لنا الاستفادة بشكل صحيح من علاقاتنا وخبراتنا.

ما هي الصفات التي ساعدتك على التقدم والنجاح في عالم الأعمال؟

أولا، المؤهلات والمهارات التي اكتسبتها من الإرث العائلي.

ثانيا، الشخصية الجاذبة التي تساعد على التقرب من الناس، واكتساب ثقتهم، وبالتالي التعامل معهم.

ثالثا، تأمين الخدمات الممتازة والتحلي بالمصداقية والاحترافية.

رابعا، كل ما نعطيه من قلبنا سينجح حتما، والتوفيق على رب العالمين.

هل أثر عمرك الصغير على ثقة الناس ونظرتهم اليك في مرحلة من مراحل مسيرتك المهنية؟

لا أعتقد أن عمري شكل أي مشكلة بالنسبة لي، طوال مسيرتي، بل على العكس. ففي رحلة أي شخص ناجح، نجد أن المصداقية الأساس، وهي ما تدفع الناس الى تقبله والتعامل معه. بالاضافة طبعا الى التخلي عن الفوقية في التعاطي، والتحلي بالتواضع والاحترام.

ما هي طموحاتك المستقبلية؟

طموح الانسان لا يتوقف على الإطلاق، وعندما يرى أنه قد وصل الى القمة، سيبدأ حينها بالتراجع.

وبالتالي يجب أن نتحلى دائما بالأمل والطموح اللامحدود. فمع التغيرات الحاصلة بشكل عام، يشعر الانسان دائما بالحاجة الى تعلم الأمور الجديدة، لكي يطور نفسه ويبقى في المقدمة؛ فكلما اجتهد أكثر كلما وصل أكثر!

ما هي نصيحة حسن الزيات الى جيل ​الشباب​؟

أولا، يجب أن يتكل الانسان على نفسه بشكل خاص وليس على الآخرين.

ثانيا، يجب أن لا يرفع توقعاته وتطلعاته، لكي لا يعاني من الإحباط وخيبات الأمل.

ثالثا، يجب التحلي بأمل كبير، ولكن بترقب؛ فالحياة معارك، ومن الممكن أن نخسر معركة، ولكن علينا المثابرة كي لا نخسر الحرب.

رابعا، يجب أن تكون أهدافنا على المدى الطويل، دون أن نخاف من خوض أي تجربة جديدة؛ فالانسان الذي لم يخطئ في حياته، هو إنسان لم يحاول أن يتطور. فالفشل يعني أننا حاولنا التقدم في مكان ما، ولم ننجح هذه المرة، ولكن من لا ينجح من المرة الأولى، قد ينجح في المرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة،... ولهذا السبب علينا دائما التحلي بالأمل!