احتل موقع "​فيسبوك​" عناوين الأخبار مؤخرًا مع خطط الشركة لإنشاء عملة مشفرة، والذي اطلق عليها اسم "ليبرا" والتي اثارت الكثير من المخاوف التنظيمية حول خصوصية البيانات والاستخدام غير القانوني المحتمل، وحذرت مجموعة السبع من أن هذه العملة المستحدثة سوف تشكل مخاطر قانونية "خطيرة".

وتعتبر "ليبرا" تجربة في الأنظمة النقدية للعصر الرقمي ، وتمت مقارنتها ب​العملات​ المشفرة الشائعة مثل "ال​بيتكوين​" وغيرها ومع ذلك ، فإن العديد من الخبراء يتساءلون عما إذا كان من الممكن أن تسمى "ليبرا" عملة المشفرة.

وعلى الرغم من ان "بيتكوين" و"ليبرا" يشار اليهما الى انهما عملات مشفرة الى ان هناك العديد من الاختلافات الرئيسية فيما بينهما .

التكنولوجيا مختلفة :

واحدة من أكبر الاختلافات تكمن في التكنولوجيا الأساسية وراء كلا العملتين،

حيث انه وباستخدام عملة "بيتكوين" يتم تسجيل المعاملات على منصة "البلوكتشين" وهي في الاساس قاعدة بيانات تحتفظ بها شبكة من أجهزة ​الكمبيوتر​ ، حيث يتم تأمين المعاملات بطريقة تجعل من المستحيل فعليًا العبث بها.

كما ان عملة "ليبرا" تستخدم شكلا من اشكال منصة "البلوكتشين"، ولكن "ليبرا" على عكس "بيتكوين حيث تطلب اذنا على الأقل في الوقت الحالي - بمعنى أنه لا يمكن إضافة المعاملات إلا من قبل مجموعة من الأطراف الموثوق بها.

وهنا يأتي دور جمعية "ليبرا" ، وهي مجموعة شركات مقرها ​سويسرا​ ، منها "​فيزا​" و "اوبر"، حيث استثمر كل شركة من أعضاء هذه الجمعية ما لا يقل عن 10 ملايين دولار في هذه العملة الرقمية .

واشار إيدو ساده مان مؤسس ورئيس مؤسسة "ساجا" وهي شركة تشفير عملة تعمل على حساب ​جيه بي مورغان​ ان "ليبرا" ستخلق بنية مركزية تحكمها مجموعة غير منتخبة تتألف حصريًا من المؤسسات الكبيرة التي اشترت حقوق التصويت الخاصة بها.

كما إنها مختلفة عن شبكة "البيتكوين" ، والتي يمكن الوصول إليها وصيانتها من قبل أي شخص لديه ما يكفي من الأجهزة اللازمة والوصول إلى الإنترنت.

ومن ناحيته اشار بيتر فان فالكنبرغ ، مدير الأبحاث في مركز "كوين" لسياسة العملة المشفرة ، انه "يتم تعريف العملات المشفرة من خلال عدم اعتمادها على الوسطاء الموثوق بهم".

واضاف نعتقد أن "ليبرا" ليست عملة مشفرة بسبب تصريحها عن المعاملات المالية واعتمادها على جهة إصدار موثوق بها للاحتفاظ بإدارة صندوق من الأصول التي تدعم العملة".

حالات الاستخدام المختلفة:

تعرف العملة الافتراضية او الرقمية "بيتكوين" بانها نظام دفع شيئ مقابل شيئ ، مما يسمح للناس بتبادل الأموال دون المرور عبر"وسيط" اي بمعنى أحد البنوك، ويشيع استخدام هذه العملة اليوم كشكل من أشكال الاستثمار ، حيث يستخدم مصطلح "HODL" وهي عبارة عامية شائعة في الصناعة لوصف الشراء والاستمرار في العملة المشفرة على المدى الطويل، وكثيرا ما يشار إليها باسم "​الذهب​ الرقمي".

اما الغرض الأساسي من "ليبرا" هو استخدام هذه العملة في المدفوعات وتحويل الأموال، وترتبط العملة بسلة من العملات المدعومة من الحكومة وغيرها من الأصول، لتجنب التقلبات الحادة التي غالباً ما تظهر في العملات المشفرة مثل "البيتكوين" وغيرها.

أسئلة تنظيمية مختلفة

سلطت عملة "فيسبوك" الضوء على الحديث عن تنظيم عملات التشفير، لكن البعض يشعر بالقلق من أن مشروع "بلوكتشين" الخاص بالشركة يمكن أن يتراكم مع الأصول الرقمية الأخرى من قبل المنظمين.

قد يكون ذلك مشكلة بالنظر إلى الفرق بين "ليبرا" والعملة الرقمية مثل "البيتكوين"، في حين يستبعد البيتكوين الحاجة إلى الوسطاء الماليين ، يعتمد نموذج "ليبرا" على الكيانات التي تشكل جمعية "ليبرا" ، كما قال فان فالكنبرغ من كوين سنتر.

وتتكون جمعية "ليبرا" حاليًا من 28 عضوًا مؤسسًا ، وتأمل أن تصل إلى 100 عضو بحلول وقت إطلاق العملة وسيتم إطلاق الرمز المميز في النصف الأول من عام 2020.

واشار فان فالكنبرج الى إنه وعلى الرغم من أن شبكة "البيتكوين" تضمن تسجيل المعاملات ، فليس من المنطقي تنظيمها لأنها لا تثق في أمناء أموال المستخدمين، مشيرا الى ان بورصات ومحافظ العملة المشفرة تتطلب ​رقابة​ تنظيمية، وهنا أثيرت العديد من الاسئلة حول مدى توافق "ليبرا" مع اللوائح المالية الحالية .

ومن ناحيته اعتبر رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة جاي كلايتون إن العملات المشفرة مثل "البيتكوين" لا يمكن اعتبارها أوراق مالية، بل يمكن الاشارة اليها على انها "بدائل للعملات السيادية" مثل الدولار واليورو.

وقال هايتر انه وبصرف النظر عن إذا نجح "فيسبوك" وشركاؤه في التغلب على العقبات التنظيمية التي رافقت "ليبرا" ، فإن العملة "سيكون لها بلا شك تأثير هائل على ​الاقتصاد العالمي​ ربما تتفوق على عملة "البيتكوين".

ومن ناحيته اشار المدير التنفيذي للعمليات التجارية للعملات الأجنبية في "اندي براينت" ان "ليبرا" يمكنها أن تبدأ في إقناع الناس بأن هناك "طرقًا أخرى" لتخزين القيمة من استخدام العملات الورقية مثل ​الدولار الأميركي​، وقال "إذا كان هذا هو كل ما تحققه "ليبرا" ، فأعتقد أنه سيكون خطوة كبيرة للأمام".