ما زال التفاؤل سيد الموقف بعد فترة قصيرة من انطلاقة الموسم السياحي الصيفي في ​لبنان​. والأرقام المحققة تثبت أن لبنان بدأ يستعيد جزءا من دوره كوجهة سياحية للأجانب و​الخليجيين​ أيضا.

الأجواء الإيجابية انطلقت مع المهرجانات التي تزين مختلف المناطق والأقضية، وذلك وسط تمنيات أصحاب المؤسسات بصيفٍ واعد وناجح. فبعد سنوات طويلة من ​الركود​، يحاول القطاع النهوض مجددا واستعادة مجده.

فهل ستتمكن ​السياحة​ من تحقيق الأرقام المتوقعة؟ هل عاد السائح الخليجي فعليا؟ وكيف تساهم المهرجانات المختلفة في تنشيط حركة السياحة الداخلية؟

للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها، كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع نقيب أصحاب وكالات ​السياحة​ والسفر ​جان عبود:

قلت منذ أيام قليلة أن الموسم السياحي هذا العام سيكون بالإجمال، أفضل من السنوات الماضية، لكن ليس بالنسبة التي كنا نتوقعها. ما سبب ذلك؟

بحسب الاحصاءات، ارتفعت حركة القادمين الى لبنان بنسبة 10% خلال أول خمسة أشهر من عام 2019، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.

لكن 50% من القطاع السياحة ككل، مرتبط بالإعلام، وبالتالي يجب أن يخفف الإعلاميون من حدة أخبارهم، وذلك بسبب التأثيرات الكبيرة المتأتية من الأخبار المسيئة والمشوهة لصورة لبنان، وموجودة دائما عبر وسائل الاعلام.

فاذا أردنا حقا مساعدة ​القطاع السياحي​، يجب عدم الإضاءة الى هذا الحد على الأمور السلبية في البلاد. فالسياحة قطاع أساسي ومهم لاقتصادنا المحلي، وكلما كان الاعلام ايجابي ومشجع كلما تحمس الناس أكثر على زيارة لبنان.

فعلى سبيل المثال، شهدت شرم الشيخ منذ فترة على تفجيرات في ثلاثة ​فنادق​، وقد تحدث الإعلام عن هذا الموضوع لمرة واحدة فقط، ومن ثم اختفى عن الأخبار، وذلك لأن هذه المنطقة تعد مقصدا سياحيا بامتياز؛ ومن هنا، على إعلامنا المحلي اتباع هذه الاستراتيجية أيضا.

كيف تقيم حركة السياح منذ انطلاقة الموسم السياحي والى حد اليوم؟

حجوزات​ الطيران بالنسبة الى الوافدين تعتبر جيدة، فكل يوم لدينا 64 رحلة طيران بسعة 150 راكبا، أي أن ​مطار بيروت​ يستقبل حوالي 12 ألف شخص يوميا، ما يعتبر عددا جيدا جدا.

واليوم هناك خطط وبرامج من قبل ​شركات الطيران​ لإضافة المزيد من الرحلات على الخط، ما يعد أيضا مؤشرا إيجابيا.

هل عاد السائح الخليجي فعلا؟

السائح السعودي عاد الى لبنان، وأعتقد أن الخليجيين سوف يعودون قريبا أيضا، وسيضعون بيروت على خارطتهم السياحية؛ فالأمور كافة تسير على خير ما يرام.

هل تشجع مكاتب السفر المواطنين اللبنانيين على السياحة الداخلية؟

السياحة الداخلية كانت شبه معدومة في الماضي، في حين أن اليوم بات الوعي حولها أكبر، واللبناني أصبح مهتما أكثر باكتشاف بلده؛ فمحمية ​أرز​ الشوف استقبلت 99 ألف زائر في العام الماضي، نسبة 99% منهم من اللبنانيين، ما يعني أن الوجهات الجميلة والمميزة باتت تستقطلب عددا كبيرا من المواطنين المحليين.

فقد توطدت ثقافة السياحة الداخلية أكثر في داخل اللبناني، كما أن هذه الثقافة تنمو أكثر فأكثر مع الأجيال الجديدة، الثقافة لتصبح مع الوقت بمثابة مطلب للناس.

ونحن ننظم في مكاتبنا رحلات عدة الى المناطق اللبنانية كافة، والطلب بات كبيرا على هذا النوع من الرحلات. لكن الأسواق السياحية لا تبنى بين ليلة وضحاها بل هي بحاجة الى وقت وجهد.

وتجدر الاشارة الى أن النقطة الأهم تكمن في أن تعتبر الطبقة السياسية الحاكمة، السياحة من القطاعات المهمة. اذ أنه تم تخفيض ​موازنة​ الوزارة، مع العلم أنها تشكل العامود الفقري للبلد، وبالتالي هي بحاجة الى التمويل من أجل التسويق للبنان.

وفي ما يتعلق بمشروع القانون حول زيادة الضريبة على أسعار التذاكر، فلم يتم إقراره الى حد اليوم، ولكن لو أقر فلن تتأثر أسعار التذاكر الى حد كبير. فمن يريد السفر، كان يدفع 35 دولار كضريبة، في حين أن هذه الضريبة سترتفع الى 45 دولار. أما الزيادات الأخرى فهي على تذاكر الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال، وبالتالي من يسافر بهذه الطريقة لن يتأثر بأي زيادة متواضعة. وبالتالي فإن الأمور كافة هي بمثابة مواقف سياسية، ولو يحيدون السياحة عن المناكفات السياسية لكنا "بألف خير". فالسياحة هي ​بترول​ البلد، "حلوا عنها بقا!".

ما هي الوجهات التي يفضلها المسافرون اللبنانيون هذا العام؟

الوجهة الأولى للبنانيين هي ​تركيا​، وتليها شرم الشيخ و​اليونان​ بالدرجة الثالثة. بالاضافة طبعا الى مختلف الوجهات الأخرى مثل ​فرنسا​ و​إسبانيا​ و​بلغاريا​ وجورجيا ويريفان. وفي كل سنة نقدم وجهة جديدة تزيد من رغبة اللبنانيين بالسفر.

أما بالنسبة الى الحجوزات، فارتفعت بالمقارنة مع العام الماضي. ففي 2018 كان هناك 75 طائرة منخفضة التكلفة المستأجرة (chartered) في الأسبوع الى مختلف الوجهات، في حين أن اليوم ارتفع العدد الى 90 طائرة. ما يعني أن الطلب موجود وبكثرة.