يُعتبر النجاح سببا من أسباب السعادة في الحياة، وهدفا يَبتغيه الجميع! لكنه لا يحصل بالصدفة، بل يعدّ ثمرة الجهود المبذولة، ومكافأة العمل الجاد والتخطيط الدقيق.

ورائدة الأعمال اللبنانية آية أناني تعرفت الى متطلبات النجاح جيدا، وعمدت الى تطبيقها في مسيرتها، فأطلقت مشروعا مميزا ومفيدا، وركزت على ضمان استمراريته لما يقدمة من قيمة مضافة للمستهلك والعامل أيضا. فهي اهتمت بتمكين المرأة ودعمها، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تخيّم علينا منذ فترة.

ونظرا لأهمية مشروع "CraveHome" كان لـ"الاقتصاد" لقاءا ثانيا مع صاحبة المبادرة آية أناني، للتعرف أكثر الى الجانب الريادي من شخصيتها.

من هي آية أناني وكيف قررت تأسيس "CraveHome"؟    

تخصصت في ​إدارة الأعمال​، وحصلت على إجازة جامعية من "جامعة القديس يوسف"، "USJ"، وعلى ماجستير من "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB".

في بداية المسيرة، عملت كمحللة مالية في شركة، وبعد أن تزوجت وأنجبت ابني، تركت العمل. خلال تلك الفترة، كنت أفكر دائما في كيفية إطلاق مشروعي الخاص، دون الالتزام بدوام عمل محدد وطويل، يبقيني بعيدة عن ابني.

عام 2017، لاحظت زيادة الإقبال على الأطعمة الصحية كبديل عن وجبات المطاعم، وبالمقابل وجدت إمكانيات واسعة لسوق الطهاة المنزليين؛ وذلك لأنني كنت بنفسي إحدى زبائن السيدات اللواتي يحضرن المأكولات اليوم في "CraveHome".

وبالتالي لاحظت وجود عدد كبير من السيدات اللواتي يحضرن الوجبات في منازلهن، وهن بحاجة الى مصدر دخل، لكنهن لا يمتلكن القدرة على الوصول الى الأسواق بسبب الافتقاد الى المهارات في إدارة الأعمال، بالاضافة الى الجرأة لاتخاذ هذه الخطوة.

ومن هنا، وجدت أن مشروعي هو عبارة عن قناة أو صلة وصل بين السيدات والأسواق. كما أنه يعطي الفرصة للمستهلكين للحصول على مأكولات منزلية صحية ولذيذة، نظيفة وآمنة، وغير موجودة عادة في الأسواق.

       ما هي "CraveHome"

 CraveHome"" منصة إلكترونية للطبخ المنزلي، تهدف الى ربط سيدات ​المنازل​ 

 بالمستهلكين. وهناك شروط معينة للإنضمام إلى المنصة،  وأهمها ​​سلامة الغذاء​؛ فعلى كل سيدة راغبة بالإنضمام إلينا، تعبئة إستمارة عبر الموقع على ​الانترنت​، وبعد ذلك يقوم فريق  من أخصائيين بزيارة السيدة في منزلها للتأكد من أن جميع شروط النظافة وسلامة الغذاء موجودة، ولتقييم قدراتها في مجال الطهي. ومن ثم يتم إتخاذ القرار بضم السيدة الى المنصة، أما في المرحلة التالية، فتخضع السيدات اللواتي تم قبولهن إلى دورة     تدريبي أو ورشة عمل شاملة تتعلق بالطبخ والتغليف (Packaging) وطريقة التعامل مع المنصة الإلكترونية وإستقبال الطلبات وغيرها من الامور الاخرى. وفي المرحلة  الأخيرة، ستتمكن السيدات من طرح أطباقهن للمستهلكين من خلال منصة "CraveHome".

بعد أكثر من سنتين على إطلاق المشروع، هل تعتبرين أنه حقق كل النتائج المتوقعة منه؟

من ناحية الإقبال، لاقى المشروع نجاحا واسعا، أكان على صعيد المستخدمين، الذين رحبوا بفكرة تقديم المأكولات المنزلية بشكل عملي، أم على صعيد السيدات العاملات عبر المنصة، من مختلف المناطق اللبنانية.

أما بالنسبة الى أفق هذا المشروع، فلا أعتقد أنه وصل فعليا الى المكان الذي يستحقه، وذلك بسبب ​الأزمة الاقتصادية​ الحاصلة في البلاد، بالاضافة الى غياب التمويل لهذا النوع من المشاريع؛ فالمبادرات المشابهة في دول أخرى، وصلت الى مراحل متقدمة جدا.

من جهة أخرى، نجد أن السوق اللبناني صغير، ولا يحتمل المزيد من التطور.

الى جانب مشاكل السوق وعدم الاستقرار، ما هي الصعوبات الأخرى التي تواجهك؟

كل شركات التكنولوجيا المحلية تعاني من التحدي ذاته، والذي يكمن في صعوبة التطور في سوق ضيق مثل لبنان، خاصة مع التراجع القائم خلال السنوات القليلة الماضية. وفي المقابل أيضا، لا يمكن تحقيق خطوة التوسع الى الخارج في ظل غياب التمويل.

أما التحدي الثاني، فيتمثل في النموذج المتبع في عملية تدريب السيدات وتأهيلهن؛ اذ علينا تدريبهن من ناحية التكنولوجيا، وترتيب الطلبات، والأداء،... لكي يصبحن على المستوى المطلوب الذي من شأنه أن يجعلهنّ مؤهلات للانخراط في عالم ​ريادة الأعمال​.

كيف تصفين نفسك اليوم كرائدة أعمال؟

عندما أطلقت المشروع عام 2017 حصلت على ​جائزة​ "World Bank Grant" من ​البنك الدولي​، عبر شركة "​كفالات​". وكان هذا الأمر بمثابة دفعة كبيرة بالنسبة لي، اذ عرفت من خلاله أنني أسير على الطريق الصحيح.

بعد ذلك، تم قبولي في مسرع الأعمال "Speed"، ما شكل دفعة إيجابية أخرى، لأن هذه الخطوة أتاحت لنا التواجد في "Beirut Digital District"، وفتحت أمامنا آفاق كثيرة مثل التدريب والإرشاد وبناء العلاقات، أكان مع رائدي الأعمال، أو المستثمرين، أو المدربين؛ وبالتالي اكتسبت خبرة كافية في مجال ريادة الأعمال وخاصة في قطاع المأكولات والمشروبات، ساعدتني على زيادة الثقة بقدرتي على تحقيق نموذج العمل المتبع في "CraveHome"، بأي مكان آخر.

من قدم لك الدعم في مسيرتك؟  

على الصعيد الشخصي، تلقيت الدعم من زوجي بالدرجة الأولى، بالاضافة طبعا الى عائلتي وبعض الأصدقاء.

ما هي طموحاتك المستقبلية؟

الطموحات والأحلام غير محدودة، و"CraveHome" يعتبر مشروعا ناجحا لأنه يعدّ بمثابة مؤسسة اجتماعية، وبالتالي فإن نجاحي يتحقق لدى رؤية التأثير الذي يحدثه مشروعي على السيدات اللواتي يخبرن عن بداياتهن معنا، وكيفية حصولهن على المداخيل التي أسهمت في تحسين معيشتهن، وأتاحت لهن التقدم في العمل؛ فالتأثير الفعلي والملموس هو النجاح الحقيقي بالنسبة لي.

ومن هنا، أطمح الى تطوير المشروع أكثر فأكثر، فالإمكانيات البشرية كبيرة وذات مستوى عال، لكن خطوة التوسع ليست سهلة على الإطلاق، وخاصة في ظل غياب التمويل للمشاريع الضخمة.

هل يساعدك العمل الحر على قضاء المزيد من الوقت مع العائلة؟

في بداية الطريق، كرّست كامل طاقتي لـ"CraveHome"، فعند مرحلة التأسيس علينا إعطاء الكثير من ذاتنا، ووقتنا وجهدنا لمشروعنا.

لكن اليوم تغير الوضع الى حد ما، بسبب تفويض المهام وثقتي بفريق العمل، ما أتاح لي الحصول على المزيد من أوقات الراحة.

ما هو الشعار التي تتبعينه في حياتك؟

المثابرة هي حافزي، فضمن التحديات التي يتعرض لها رواد الأعمال في حياتهم الخاصة والمعنوية والمهنية، قد يشعرون أحيانا بالرغبة في الاستسلام، ولكن من خلال الإيمان والمثابرة، نتحمل الصعاب ونصل الى أعلى درجات النجاح.

نصيحة الى المرأة.

من خلال خبرتي وتجربتي في مجال ريادة الأعمال، أستطيع القول أن الفرص قد تصبح قليلة في بعض الأحيان، ولكن من المهم أن لا نسمح لأي عائق أو مشكلة بالتأثير عليها.

فاذا كانت تمتلك المرأة فكرة أو مشروع أو طموح، عليها العمل بجدية على تحقيقه، حتى ولو غاب الدعم وساءت الأحوال في البلاد؛ عليها السعي وراء أحلامها، لأن الأحلام لا حدود لها...