يُقال "الجميع يعمل، لكن ليس الجميع يتميز"، والمهندسة الشابة خلود شوربا، التي تبلغ من العمر اليوم 28 عاما، أثبتت أن سرّ النجاح يكمن في التركيز على الهدف!

أرادت التقدم ولم يستوقفها أي عائق، بل هزمت حاجز العمر - الذي يضعه أحيانا المجتمع من خلال الأفكار المسبقة - بالطاقة غير المحدودة، والأفكار العصرية والخلاقة، والفكر المتجدد والمميز. مسيرتها المهنية القصيرة بالفترة والطويلة بالخبرة، تدل على أن النجاح لا يرتبط بمرحلة عمرية، والتفوق لا يعرف سنا معينا. فبإيمانها العميق بموهبتها الكبيرة، حصلت على الشجاعة الكافية لتثبت مهاراتها وقدراتها!

كان لـ"الاقتصاد" هذه المقابلة الحصرية مع مؤسسة شركة "The Concept"، خلود شوربا:

من هي خلود شوربا وكيف قررت تأسيس شركة "The Concept"؟     

تخصصت في الهندسة الداخلية في "الجامعة ال​لبنان​ية الأميركية"، "LAU"، وتخرجت عام 2014 بتفوق، كما حصلت على ​جائزة​ "Torch Award" التي تقدم سنويا الى طالب واحد فقط من المتخرجين في مجال الهندسة بأقسامها كافة.

خلال السنة الجامعية الأخيرة، خضعت لفترة تدريب في شركة متخصصة في هندسة الديكور، وبعد التخرج توظفت في شركة عقارية ضخمة في لبنان. من هنا، اكتسبت خبرة واسعة في حقول عدة منها الهندسة المدنية والداخلية، و​العقارات​، والمشاريع السكنية والتجارية،...

عام 2016، أطلقت "The Concept"، اذ شعرت حينها أن الوقت قد حان لكي أؤسس شركتي الخاصة.

كيف قررت المخاطرة والتخلي عن وظيفتك الثابتة في ظل الأوضاع الصعبة القائمة في البلاد؟

خلال فترة عملي كموظفة، ترقيت مرات عدة حتى أصبحت أحد كبار المصممين في الشركة (senior designer)، ولكن وصلت الى مرحلة شعرت فيها بأنني محدودة ومقيدة، وغير قادرة على تحقيق المزيد من التقدم، فقررت القيام بهذه المخاطرة؛ مع العلم أن عائلتي وأصدقائي لم يحبذوا هذه الفكرة في البداية.

ورغم كل شيء، أصريت على هذه الخطوة، لكي أرى الى أين ستوصلني. وأشكر الله اليوم لأن النتائج جاءت أفضل من المتوقع، بسبب سمعتنا الجيدة في السوق، والأصداء الايجابية من الزبائن.

الى أي مدى تعتمدين على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل نشر اسمك واسم شركتك بين الناس؟

عندما قررت التخلي عن وظيفتي الثابتة لافتتاح شركتي الخاصة، اتجهت نحو التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ففي عصرنا هذا، تعتبر المواقع الاجتماعية بمثابة دعم كبير للشركات الناشئة، وللنساء بشكل خاص.

وبالتالي بدأت بتحميل ​الصور​، وتقديم النصائح والأفكار الجديدة للمتابعين، ومع مرور الأيام بات الناس يتفاعلون معي أكثر فأكثر. من هنا، اكتسبت ثقة الجمهور، التي ساعدتني في الحصول على المزيد من المشاريع؛ ومنذ ذلك الوقت، أشعر بأن تأسيس الشركة كان أفضل قرار اتخذته الى حد اليوم!

  ما هي الصفات التي تساعدك على تحقيق النجاح وضمان الاستمرارية؟

  الهندسة هي شغفي منذ الطفولة، لكن هذا المجال صعب للغاية، وبالتالي علينا التفوق     واكتساب الخبرة الميدانية من أجل التقدم فيه. ولهذا السبب، ثابرت وتحليت بالصبر فعملي هو خدمة، شغف، وابتكار.

وبعد ثلاث سنوات من العمل، عمدنا الى توسيع الشركة، وحصلنا على مكتب أكبر، وضاعفنا عدد الموظفين، وحصلنا على مشاريع أكثر،... فبدأت بالتركيز أكثر على تنظيم ورش العمل. اذ أن موقع "​انستغرام​" مهم جدا، ولكن عندما نسعى للتحول الى المزيد من الاحترافية، علينا الانتقال من العالم الافتراضي الى أرض الواقع.

هل أثر عمرك الصغير على ثقة الناس بك وبقدراتك؟

قبل التعرف الى شركتنا عن كثب، شكك البعض بقدراتنا، ولكنّ النظرة تغيرت بالكامل بعد أن تعرفوا الينا والى مشاريعنا وأفكارنا.

ومعظم الناس يفرحون بالتعامل مع شخص شاب، وخاصة في مجال الهندسة الداخلية.

ما هي العوامل التي ساعدت شركتك على المنافسة محليا وإقليميا؟

نحن نهتم كثيرا بنقاط عدة في العمل ومنها:

أولا، الكفاءة والفعالية والسرعة.   

ثانيا، الأسعار المناسبة و​التنافسية​.

ثالثا، الحلول الراقية.

رابعا، عملنا هو شغفنا، وبالتالي لا نقوم بمهمتنا وواجباتنا فحسب، بل نضع عاطفتنا في كل مشروع لكي ننفّذه بجدية وحبّ أيضا!

خامسا، نتعلم دائما من تجاربنا السابقة من أجل تحقيق المزيد من التقدم.

وبالاضافة الى ذلك، نشارك في المعارض والمؤتمرات الدولية بشكل دائم من أجل التعرف الى الصيحات الجديدة، لكي نقدمها الى زبائننا.

ولهذه الأسباب وغيرها، يختارنا الناس لاستلام مشاريعهم، في حين أن شركات أخرى تغلق أبوابها بسبب الأوضاع الصعبة في البلاد.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

طموحاتنا كبيرة، فالشركة أصبحت معروفة في السوق اللبناني، كما أنها تنفذ بعض المشاريع في ​الدول العربية​.

ومن هنا، أتمنى أن ينتشر اسمنا بشكل أكبر، لكي نتمكن من تأسيس مركز تدريبي يساعد جميع الأشخاص على التعرف الى طريقة العمل في مجالنا.

وفي المستقبل، نطمح الى تقديم برنامج لفزيوني، أو عبر "يوتيوب"، من أجل تدريب الناس على تقنيات الهندسة الداخلية.

بعض الناس يخافون من الاستعانة بخدمات مهندس الديكور بسبب الأسعار المرتفعة. ماذا تقولين لهم؟

معظم الأشخاص يعتقدون أن التكاليف سترتفع لدى الاستعانة بمهندس داخلي، وبالتالي نعالج هذه المشكلة من ناحيتين:

أولا، الشخص قد يقع في مشاكل عدة عندما يقوم بالأعمال بنفسه دون اللجوء الى مهندس الديكور، ما قد يرتب عليه المزيد من التكاليف، في حين أننا نتفادى كل الأخطاء المتعلقة بالأثاث والجدران والألوان وغيرها من الأمور، بسبب الدراسات التي نقوم بها لكل مشروع قبل تنفيذه.

ثانيا، نركز على تحقيق الفعالية والكفاءة، وخاصة من ناحية الوقت، وذلك من أجل تقديم الأسعار التنافسية وتخفيض التكاليف.

من قدم لك الدعم خلال مسيرتك؟

تلقيت الدعم من عائلتي وأصدقائي وزملائي وشريكي. وفي بعض الأحيان، دعمت نفسي بنفسي رغم الردود السلبية من المحيط.

كيف تحققين التوازن في حياتك؟

تتحمل المرأة مسؤوليات مختلفة في كل مرحلة من حياتها، ولكن التوازن في الوقت يعتبر العنصر الأهم في رحلة أي شخص.

ما هي النصيحة التي تودين إيصالها الى المرأة في لبنان وخاصة الى الشابات اللبنانيات؟

عندما أشعر بالإحباط و​اليأس​ أقول دائما: "take your dreams seriously"، أي "خذ أحلامك بجدية". وبالتالي يجب أن لا تسمح المرأة لأي شيء بأن يحدّ من قدراتها، أو يقف في طريقها.

فالإنجازات العظيمة لا تأتي أبدا من "مناطق الراحة"، وبالتالي عليها الخروج من هذه المنطقة، والتركيز على تحسين نقاط الضعف لديها، وتنمية قدراتها، وتقديم الدعم اللازم لنفسها، بالاضافة الى تخصيص الوقت والجهد لكل مشروع تسعى الى تحقيقه؛ فالنجاح هو بالنهاية قرار!