أصدرت بعثة "​صندوق النقد الدولي​" إلى ​لبنان​ بيانها الختامي أول من أمس، بعد مشاورات أجرتها على المسؤولين اللبنانيين، أشارت فيه إلى إن العجز المتوقع في ​موازنة​ العام 2019من المرجح أن يتجاوز بكثير المستوى الذي تستهدفه الحكومة البالغ 7.6% من ​الناتج المحلي​ الإجمالي.

وقالت بعثة "صندوق النقد الدولي" المعنية بمشاورات المادة الرابعة لعام 2019 في بيان:"نتوقع أن تؤدي التدابير في ميزانية 2019 إلى خفض العجز المالي إلى حوالي 9.75% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019".

ويأتي هذا البيان اليوم بعد إعلان وكالة ​موديز​ان تباطؤ التدفقات الرأسمالية على لبنانوتراجع نمو الودائع يعززان احتمال تحرك الحكومة لاتخاذ تدابير تشمل إعادة هيكلة الدين أو اجراء آخر لإدارة الالتزامات ربما يُشكّل تخلفاً عن السداد.

ولمعرفة تأثير هذه التقارير ولبحث عدد من المواضيع الأخرى، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي حسن ​خليل​:

ما هو رأيك بتقرير "صندوق النقد الدولي" وكيف سيكون تأثيره؟

لا أتوقع أن يكون لتقرير "صندوق النقد الدولي" تأثير كبير، فهو واحد من التقارير التي تجريها المؤسسات الدولية بشكل دوري عن الدول، وهذه المرة اختاروا لبنان. التقرير يحدث ضجة كبيرة تماماً كتلك التي أحدثها تقرير "موديز" الا أن النتيجة واحدة وهي أن الوضع حسّاس جدًّا نتيجة ​الوضع المالي​ والإقتصادي الذي يشهد تراجع بوتيرة يومية (وليس وتيرة روتينية عادية، كما في السابق) نتيجة تخبّط الدولة بشأن إقرار ​الموازنة​ والتي أقل ما يقال عنها أنها "ترقيعية" وليست إنقاذية.

التقرير جاء سلبياً وأشار الى أن الحكومة لن تنجح في خفض العجز بالدرجة التي تتحدث عنها، وبرأيي حتى ان نجحوا في الخفض من 9 الى 7% الأمر لن يتغيّر لأن الرقم النهائي سيبقى بين 5 و 8 مليار دولار، الأمر يعتمد على حجم التقشّف.

هذه الأجواء التي نشهدها حالياً، لا توحي بإمكانية للتقشّف، خاصّةً أن لا أحد من الطاقم السياسي الحاكم مستعد أو راغب في خفض المحاصصة في مراكز النفوذ بمنطقته من "مجلس الإنماء والإعمار" الى "مجلس الجنوب" وصندوق المهجّرين و"​أوجيرو​" وإلى ما هنالك...

في هذا الجو، ما يقوم به "صندوق النقد" هو أنه يسلّط الضوء على واقع موجود، من دون أن يعلم أيضاً بالتفاصيل الكارثية التي نعرفها نحن كمواطنين نعيش في هذا البلد من جمعيات وهمية و"تنفيعات" وإنفاق غير مضبوط وتهريب، بالإضافة الى أخبار المرفأ وغيرها،...

ما هي أهمية التصنيفات من قبل المؤسسات الدولية برأيك، خاصّة لجهة الثقة بشفافيتها؟

لطالما نظر المسؤولون اللبنانيون بإيجابية الى تصنيفات المؤسسات الدولية، حتّى وإن كانت تدل على تراجع، أما اليوم فإننا نسمع كيل من الإتهامات يميناً ويساراً لـ"موديز"، بالرغم من أن الجميع يعلم أن الواقع اللبناني أسوأ من التصنيف. شخصياً، لا أعتقد أن هذه الإتهامات لها أي أساس من الصحة، نحن بلد مفلس وهذا الإفلاس تتم تغطيته من سوق أمانة الودائع ومن سوق ​الليرة اللبنانية​ عبر ​طباعة​ غير منضبطة مما يهدد سعر الصرف شاء من شاء وأبى من أبى، بالإضافة الى تهديد الودائع ب​الدولار​ من خلال استعمال المصرف المركزي للودائع الموجودة في ​المصارف​ التجارية لتسديد االإستحقاقات عوضاً عن الدولة، ليصبح بذلك هو صاحب الدين لأن المصارف لم تعد تكتتب، كما أن صندوق النقد حذّر "مصرف لبنان" من الإكتتاب لأن ذلك يؤثر على الإستقرار النقدي، أي أنه يهدّد الليرة والدولار أيضاً.

هل ترى أن الأحداث السياسية والأمنية الأخيرة التي شهدها لبنان ستؤثر على الأجواء الإيجابية التي كنا ننتظرها وخاصّةً في قطاع ​السياحة​؟

نعم كان هناك أجواء إيجابية وآمال معقودة على القطاع السياحي، ولكن حتّى وإن كان الموسم السياحي ناجحاً وجرى إنفاق السياح للدولارات في البلد، هذا لا يلغي الوضع الكارثي للدولة التي تحتاج الى عملية جراحية جذرية للإصلاح.

هل ترى أن نسبة النمو في العام 2019 ستبقى صفر بالمئة؟ وما الذي قد يغير ذلك؟

نسبة النمو باتت هواية تقديرات، هذه الأرقام لم تعد مهمة. الوضع العام هو المهم اليوم، المالية العامة بحاجة الى إعادة بناء، لأن أي عملية ترقيعية تفصيلية لا تؤدي الى أي تغيير في الواقع ستكون شراء للوقت فقط لا أكثر.