خاص ــ الاقتصاد

وقع تاجر ​لبنان​ي ضحية عملية احتيال مدبّرة، رسم خطتها بإتقان شابٌ روسي من أصل سوري، أقنعه بتسليمه أموال طائلة لنقلها الى ​روسيا​، وشراء بضائع بأسعار زهيدة وشحنها الى لبنان لتحقيق أرباح طائلة، وما إن وصل بالأموال الى روسيا، استولى عليها وتوارى عن الأنظار.

خيوط هذه العملية حيكت في صيف العام الماضي، حيث عرض رجل الأعمال "طارق. ت" في الشكوى المباشرة التي تقدّم بها أمام قاضي التحقيق في بيروت، بأنه شريك أساسي في شركة "مصران الغنم اللبناني"، التي تتاجر في المصران، وأشار إلى أن علاقة صداقة قوية تربطه وأفراد عائلته بالشاب عبد الحميد معرّاوي، هو سوري حائز على الجنسية الروسية، ولكون الأخير يمارس التجارة نفسها، وأثناء زيارة الأخير مركز الشركة خلال شهر تموز 2018، أبلغه بأن مادة المصران موضوع تجارته متوفرة بأسعار زهيدة في روسيا، وأطلعه على تطبيق موجود على هاتفه، وعلى بعض الفواتير الخاصة به، وأقنع "طارق. ت" ووالده وأفراد عائلته، بضرورة زيارة روسيا، وأنه قادر على تأمين عقود اتفاقات مع شركات روسية مقابل عمولة بنسبة 2% من قيمة المشتريات.

وافق التاجر اللبناني على هذا العرض، لكنّ واجهته عقبات تتعلّق بتحويل الأموال من لبنان الى روسيا، حيث لا تتعامل ​الشركات الروسية​ باعتمادات ​المصارف​، وبهدف تجاوز هذه الإجراءات تم الاتفاق على أن يسلّم والد "طارق" إلى الى الشاب الروسي مبلغ 200.000 دولار أميركي بمثابة أمانة، على أن يقوم الأخير بتسليم المبلغ الى "طارق" في روسيا قبل 25 أيلول 2018، الّا أنه لم يتمكن من الوصول الى هناك الّا في 25 أيلول، وبعد وصوله اتصل بالمدعى عليه الذي بدأ يماطل ويقدّم الأعذار الى أن أقفل هاتفه بعد خمسة أيام وتوارى عن الأنظار.

بقي التاجر اللبناني في روسيا حتى 2 تشرين الثاني 2018، محاولاً العثور على المدعى عليه، كما وجّه له إنذاراً طالبه فيه بإعادة الأمانة المسلّمة اليه والبالغ مقدارها 200.000 دولار أميركي، الّا أن الإنذار أعيد من دون تبليغ، ومدوّن عليه عبارة أن المدعى عليه ترك مكتبه منذ مدّة طويله، عندها سارع المدعي الى تقديم شكوى ضدّه أمام النيابة العامة في بيروت، بجرمي إساءة الأمانة والاحتيال.

قاضي التحقيق في بيروت ريتا غنطوس، أجرت تحقيقات استنطاقية في هذه الدعوى، واستدعت المدعى عليه الروسي عبد الحميد معرواي، لكنه لم يحضر جلسات التحقيق، فسطّرت مذكرة توقيف غيابية بحقه، وأصدرت قراراً ظنياً، أفادت فيه بأن المدعى عليه استغلّ اكتسابه الجنسية الروسية ووجود صور على هاتفه الخليوي لإيهام المدعي ووالده بأنه يستطيع التوسّط بينهما وبين شركات روسية، لشراء مادة "المصران" من روسيا بثمنٍ يقلّ عن سعرها في لبنان، لإقناعهما بوجوب تسليمه المال العائد لإتمام الصفقة نقداً لينقله الى روسيا بطريقته الخاصة بسبب صعوبة تحويل الأموال وعدم تعامل الشركات الروسية بالاعتمادات المصرفية، وحمله على تسليمه مبلغ 200.000 دولار أميركي، بموجب تصريح بأنه استلم هذه الأموال على سبيل الأمانة، لتسليمه الى المدعي في روسيا، حيث استولى على الأموال وتوارى عن الأنظار.

واعتبرت القاضية غنطوس، أن توقيع المدعى عليه على تصريح باستلامه المبلغ موضوع الدعوى على سبيل الأمانة، انما كان جزءاً من المناورات الاحتيالية التي توسلها لإقناع المدعي "طارق. ت" على تسليمه الأموال، وخلصت الى اتهامه بجرم الاحتيال المنصوص عنه في المادة 655 من قانون العقوبات التي تصل عقوبتها الى السجن ثلاث سنوات، فيما منعت عنه المحاكمة لجهة جرم إساءة الأمانة لعدم توفر عناصرها، وأحالت المدعى عليه مع الملف على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمته.