سياحتنا للأسف "منحوسة"، والسيناريو ذاته يتكرر كل عام! فقد انطلقت بيروت، منذ أشهر عدة، بالتحضيرات لاستقبال موسم سياحي واعد، وذلك من خلال تنظيم المؤتمرات والمعارض، وطرح خطة سياحية من شأنها وضع هذا القطاع على السكة الصحيحة، لكي يستعيد دوره الأساسي كركيزة للاقتصاد المحلي.

ففي ظل التوقعات بعودة السائح الخليجي، والجهود المبذولة للانفتاح نحو أسواق جديدة لاستقطاب الجنسيات المختلفة، والتدابير المتخذة في مطار بيروت من أجل تسهيل حركة المسافرين، واهتمام وزير ​السياح​ة أفيديس كيدانيان شخصيا في مراقبة سير العمل، وغيرها من الخطوات الإيجابية، عشنا في جوّ يسوده الهدوء والاستقرار، ورفعنا آمالنا تدريجيا، بحلول "موسم اصطياف جيدا جدا، سيكتب التاريخ خلاله بأحرف من ذهب، أن ​السياحة​ عادت الى ​لبنان​ عام 2019 من بابها العريض"، وذلك بحسب ما قاله كيدانيان.

ولما وصلنا الى "الموعد المنتظر"، أي الى انطلاقة الموسم وبدء توافد السياح والمغتربين، حصل ما اعتدنا عليه في السنوات الماضية، وبدأنا نشهد على حوادث أمنية مؤسفة هزّت الأوضاع الأمنية، ووتّرت الشوارع اللبنانية، في ظل تزايد حدة التجاذبات بين الأفرقاء السياسيين.

فالأجواء مشحونة لكن الإنقاذ ما زال مطروحا وممكنا، على أمل أن تعالج الأمور كافة، من أجل تفادي المزيد من الخضات في المستقبل، والعودة الى أجواء التفاؤل والإيجابية. فلبنان يهتزّ دائما لكنه لا يقع أبدا، ومن هنا، لم ولن نفقد الأمل بهذا الموسم الذي يعوّل عليه الكثيرون.

كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع رئيس لجنة السياحة في ​​المجلس الاقتصادي​​ الاجتماعي، وديع كنعان، للإجابة على بعض التساؤلات حول مصير صيف 2019 من ناحية السياحة الخارجية والداخلية أيضا:

الأحداث الأمنية التي تحصل في البلاد، بداية مع استشهاد العسكريين في ​طرابلس​ عشية عيد الفطر، ووصولا الى أحداث قبرشمون – قضاء عاليه، أمس، تدل على هشاشة الأمن في لبنان. برأيك، الى أي مدى سينعكس هذا الأمر على الموسم السياحي الذي يعول عليه الكثيرون، والذي لا زال اليوم في بدايته؟ وهل تتوقع أن نشهد على إلغاء لحجوزات معينة؟

قطاعنا السياحي عمل في الكثير من الأوقات بظروف صعبة للغاية، ومع ذلك تمكن من إيجاد المخارج، أما اليوم فلم يحصل أي إلغاء للحجوزات حتى اللحظة، ونتمنى أن لا يحدث أي إلغاء في الأيام المقبلة أيضا، لا سيما أن ​القطاع السياحي​ يتحضّر لموسم مميز. وبالاضافة الى ذلك، فإن لبنان لا يزال ينعم باستقرار سياسي وأمني على الرغم من بعض الحوادث التي نشهدها، والتي سرعان ما ستحلّ لكي تعود الأمور الى طبيعتها.

اكتتبت قطر خلال الأسبوع الماضي بسندات لبنانية بقيمة 500 مليون دولار. هل أن هذا الأمر يعتبر مؤشرا على عودة العلاقات الجيدة مع قطر وبالتالي عودة السائح القطري الى لبنان؟

لبنان كان يتكل قبل العام 2011 على السياحة البينية العربية، واليوم يعتمد بشكل أساسي على الاغتراب اللبناني، على أمل أن يعود السائح العربي الى لبنان هذا الموسم بشكل أفضل من السنوات الماضية، خاصة وأن لبنان لا يعتبر كمصيف فحسب، بل هو بالفعل بلد يقدم خدمات سياحية متكاملة.

ما هي أهم المشاريع أو المقترحات التي تركزون عليها في الوقت الحاضر في لجنة ​السياحة​ في ​المجلس الاقتصادي والاجتماعي؟ وهل تتوقع أن يتم تنفيذ هذه المشاريع؟

لا شك في أن المجلس الإقتصادي والإجتماعي يلعب دورا كبيرا على مستويات عدة، وما يقوم به خلال الفترة الأخيرة، يضعه من جديد في المكان الذي يجب أن يتواجد فيه، على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

أما على صعيد لجنة السياحة في المجلس الاقتصادي الاجتماعي، فبعد ورش العمل التي عقدناها ومؤتمر "نحو سياحة مستدامة" الذي نظمناه في آذار الماضي، نعمل على تحقيق السياسة السياحية، وقد خرجنا بـ13 توصية نتيجة التعاون بين القطاعين العام والخاص والشراكة ما بين النقابات واللجنة، ومن أبرزها:

أولا، دعوة جميع الأطراف السياسية إلى حفظ الاستقرار السياسي والتحلي بالمسؤولية الوطنية.

ثانيا، إنشاء هيئة تنشيط السياحة عبر إقرارها في ​مجلس النواب​.

ثالثا، تسهيل الحصول على تأشيرات الدخول، وإعتماد سياسة السماء المفتوحة "Open Sky"، مع الحفاظ على المعايير الأمنية الضرورية.

رابعا، دعم الاستثمار السياحي من خلال تشريعات محفّزة لتطوير البنى التحتية السياحي.

خامسا، وضع إستراتيجية وطنية لبناء وتطوير وحماية العلامة الفارقة لبنان "Branding Lebanon"، بالتعاون بين القطاعين العام والخاص.

سادسا، إشراك البلديات والجمعيات المحلية وأصحاب الخبرات والجهات المانحة بهدف تطوير مقصد سياحي بهوية واضحة.

سابعا، خلق منتجات خاصة بكافة المدن والقرى السياحية.

ثامنا، خلق رزم سياحية مخصصة للاغتراب اللبناني.

تاسعا، تحويل لبنان إلى وجهةٍ تستهدف قاصدي السياحة الاستشفائية، الدينية، البيئية، وسياحة المؤتمرات.