هو شاب ​لبنان​ي طموح، آمن بوطنه لبنان وبقدرات أبنائه فلم يتخلَّ عنه، ووضع أهدافا واضحة أمامه، يتجه نحوها نحو أي تردّد.

هو صاحب طموحات واسعة، لا تتوقف ولا يحدّها سقفا، تمكّن من خلال خبراته الواسعة أن يكون نموذجا حقيقيا لكل من أراد التقدم في عالم ​ريادة الأعمال​ و​الشركات الناشئة​. اذ تشعر حين تتعامل معه، أنك على تواصل مع جهة تعتمد لغة الأعمال، وتسعى لإيصال المعلومات الدقيقة والمفيدة التي من شأنها إفادة المجتمع وشبابه.

الرئيس التنفيذي لمسرّع الأعمال "Speed"، سامي أبو صعب، خصّ "الاقتصاد" بهذه المقابلة المميزة:

من هو سامي أبو صعب؟ وما هي المراحل التي مررت بها خلال مسيرتك المهنية؟

تخصصت في هندسة ​الكمبيوتر​ والاتصالات في "الجامعة اللبنانية في بيروت"، "AUB"، وعملت لمدة خمس سنوات في الجانب التقني من قطاع التكنولوجيا. مع الوقت، تطورت مسيرتي، وإلتحقت الى بـ"جامعة بيركلي" في ولاية ​كاليفورنيا​ الأميركية، حيث حصلت على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال.

من خلال تجربتي العلمية، حصلت على فرصة لتبادل الخبرات مع "London Business School"، حيث تمكنت من الانفتاح على الدول الأوروبية، واكتسبت خبرة إضافية الى جانب تجربتي في "​سيليكون فالي​".

في الوقت ذاته، أسست شركة ناشئة في "بيركلي" صُنفت كالأفضل في الصف، ولكن للأسف لم أتمكن من مواصلة العمل فيها، بسبب صعوبة الحصول على "​فيزا​".

بعد ذلك، استلمت منصب مدير المنتج (Product Manager) في شركة "​سكايب​" التي استحوذت عليها "​مايكروسوفت​"، وعملت في هذا المنصب في ​الولايات المتحدة​ لمدة ثلاث سنوات. وكانت وظيفتي تشمل إدارة شبكة تتضمن 1200 شريكا في جميع أنحاء العالم، للتأكد من استعدادهم تقنياً لتقديم المنتج وبيعه للعملاء؛ ومن هنا، اكتسبت خبرة على نطاق واسع.

وخلال تلك الفترة، فكرت بالعودة الى لبنان، وحصلت حينها على فرصة للعمل في شركة "Speed" - وهي مسرعة أعمال أسستها جهات عدة هي " Berytech Fund II"، و" Middle East Venture Partners Impact Fund"، و"​IM Capital​"، و" Bader"، و" Lebanon for Entrepreneurs".

دوري الأساسي كان يتمثل في إطلاق مسرع الأعمال واستلام منصب رئيسه التنفيذي. وقد أطلقنا أول عملية تسريع للشركات الناشئة في أيلول 2015.

كيف تشجعت على المخاطرة والتخلي عن وظيفة ممتازة في الولايات المتحدة من أجل العودة الى لبنان؟

أينما وجد اللبناني، ومهما نجح في الخارج، لن يشعر بالرضا والاقتناع الفعلي، إن لم يكن يعمل من أجل مساعدة بلده وخدمته.

ومن جهة أخرى، في شركة كبرى مثل "سكايب"، مهما عمل الانسان وثابر وتعب، سيبقى مجرد رقم بين مجموعة واسعة من الأشخاص.

وبالنسبة لي، كانت العودة الى لبنان مهمة للغاية، لأن الدور الذي أقوم به اليوم يسهم في خلق مئات فرص العمل، ويساعد ​الشباب​ على تطوير أفكارهم الناشئة التي من شأنها مساعدة الدورة الاقتصادية، والمساهمة في ازدهارها وتقدمها.

فالمخاطرة كانت كبيرة، لأنني عدت مع انطلاقة "Speed"، لكنني أردت المغامرة ومواكبة تطور هذا المشروع منذ اللحظة الأولى. وأشكر الله اليوم لأننا نحقق نتائج ممتازة، وأنا فخور بالإنجازات التي قمنا على مدى السنوات الماضية.

ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها رائد الأعمال لكي ينجح في هذا العالم؟

أولا، الاستماع الى الأصداء وردود الفعل، وتقبل النقد. فمن أجل تطوير الأفكار وتحسينها، يجب الأخذ بعين الاعتبار ما يقال عنها، من أجل العمل على تحسين الثغرات الموجودة فيها.

ثانيا، التحلي بروح المخاطرة، وذلك لأن الشركات الناشئة بحاجة الى التحلي بالإصرار والثبات، خاصة وأن هذه الرحلة تمتد لحوالي سبع سنوات، وتأتي بدوام طويل قد يصل الى 20 ساعة في اليوم.

ثالثا، إنه من الممكن أن لا يحصل الشخص على أي مقابل لعمله وجهوده، ويجب أن لا يستسلم لأن الهدف الأساسي هو بناء مشروع يمثل شغفه في التغيير، ورغبته في حل مشكلة معينة يواجهها المجتمع.

رابعا، متابعة المشروع حتى النهاية، مهما كان الثمن، ومهما أثر ذلك على الحياة الخاصة، وساعات ​النوم​، واللقاءات الاجتماعية،...

خامسا، إيجاد الشركاء المناسبين والدعم السليم، فالشخص بمفرده لن يتمكن حتما من إنجاح شركة معينة.

سادسا، تحديد ومعرفة التوقيت المناسب لإطلاق مشروع معين.

وبالتالي، لا يمكن لأي شخص أن يصبح رائد أعمال دون جهد، ومن هنا، أشجع الناس على التعرف الى فرص الريادة الموجودة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الفرص ليست مؤاتية للجميع، لأنها بحاجة الى الجهد، والصبر، والإصرار، والشغف، والإرشاد،...

ما هي طموحاتك المستقبلية؟

أفتخر كثيرا بما وصلنا اليه اليوم، لأن هذا الإنجاز عظيم بالنسبة لي. لكننا حققنا الخطوة الأولى من مسيرة طويلة تهدف الى إفادة البيئة الحاضنة للشركات الناشئة والاقتصاد الوطني.

يهمني أن يصبح لبنان جاذبا لرواد الأعمال والشركات الناشئة من كل أنحاء العالم، وأن يعي الجميع أن الشركات الناشئة في لبنان هي ذات مقياس ومستوى عاليين.

كما أطمح أن أكون فعالا في هذا النطاق، لكي أتمكن من العمل على جوانب عدة، لجذب الشركات نحو وجهة تقدم مستوى عال من الاحتراف والجودة.

فقد نجحت خلال هذه السنوات القليلة في بناء شراكات عالمية، أتاحت لنا تكوين شبكة كبيرة من الاتصالات، وإنني أطمح أن أقنع ​الشركات الكبرى​ بالمجيء الى لبنان، وبناء مؤسساتها فيه، لجذب المغتربين من جهة، والشركات الناشئة العالمية من جهة أخرى.

ما هو الشعار الذي تتبعه في مسيرتك؟

أقول دائما: "Everything happens for a reason"، أي أن " كل شيء يحصل لسبب ما"، ولكن بالنسبة لي، لا يهمني معرفة هذا السبب، أنا مؤمن بقدرتي على الوصول إلى ما أطمح إليه وذلك عبر التحلي، بالمثابرة والصبر ووضع كامل جهودي لتحقيق أهدافي.

إذا لم أصل الى نتيجة لا أستسلم، بل أعتبر كل تجربة بمثابة درس إيجابي وسأواصل المسيرة. إن إفراطي في التفاؤل سمح لي بتحقيق إنجازات مهمة في حياتي.

ما هي النصيحة التي تود إيصالها الى جيل الشباب في لبنان؟

أنصح الشباب أن يتابعوا أحلامهم مهما اشتدت المصاعب والعوائق. فعندما يقرر الانسان أن يؤسس شركة ناشئة، عليه إما الانخراط بالكامل في هذا المشروع والعمل فيه حتى النهاية، وإما العدول عن الفكرة منذ البداية.