أوجد الصراع الاقليمي في المنطقة والذي ترجم مؤخراً بهجمات في بحر الخليج على ​ناقلات​ نفط  حالة رعب شديدة ، سارع معها المراقبون الى دق ناقوس الخطر والتحذير من اندلاع حرب خطيرة تشعل المنطقة وتقضي على الأخضر واليابس .

واذا اعتبرنا انه تم تجميّد التوّتر بين الفرقاء المتنازعين، فإن استسهال استهداف ​النقل البحري​ لقطع الامدادات في ​المياه​ وخرق الحركة التجارية بات امراً واقعاً من المفترض اخذه في الحسبان.

في 13 حزيران ، تعرضت ناقلتا نفط لهجمات في خليج ​عمان​ أسفرت عن اشتعال النار في إحداهما. حسب مركز "​كابيتال إكونوميكس​"، فإن الهجمات ضد الناقلتين "آخر المؤشرات على أن التوترات الجيوسياسية في المنطقة تتصاعد، وأن هناك خطراً متزايدا بإمكانية تحوّل الأحداث إلى نزاع مباشر". وهناك مخاطر اندلاع نزاع قد تضر باقتصادات المنطقة بشكل كبير وتكون لها آثار كبيرة غير مباشرة على ​الاقتصاد العالمي​ وسوق ​النفط​ .

ويقول الأستاذ في ​جامعة قطر​ ومدير مركز دراسات الخليج د. محجوب الزويري: إن الهجوم يشير إلى هشاشة الوضع في ما يتعلق بال​أمن​ البحري في الخليج وبحر عمان، وربما يعود ذلك إلى عدم وجود ترتيبات أمنية كافية بين دول المنطقة أو بين القوى العالمية مثل ​الولايات المتحدة​.

ما هي تداعيات التوترات الحاصلة اليوم في الخليج، ولاسيما  بعد الهجوم على ناقلات النفط في خليج عمان على ​حركة النقل​ البحري في ​لبنان​ وفي المنطقة؟

ما هو المقدار الذي وصلت اليه رسوم ​التأمين​ على الشحن ومدى انعكاسها على  حركة الملاحة الدولية ؟

ما هي التدابير الاحترازية التي يتم اللجوء اليوم او التي سيتم اعتمادها من اجل حماية السفن؟

زخور

رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت النائب الاول لرئيس الاتحاد العربي لغرف ​الملاحة البحرية​ ايلي زخور يقول " للاقتصاد" : نود بداية أن نشير الى أن الهجمات الارهابية التي تعرض لها بعض ناقلات النفط في خليج عمان وأمام سواحل إمارة ​الفجيرة​، كادت أن تؤدي الى نشوب حرب مدمرة تطال منطقتي شرق الاوسط وشرق المتوسط ، وأن تكون تداعياتها خطيرة على العالم أجمع. فهذه الهجمات استهدفت ​منطقة الخليج​ الغنية بالنفط و​الغاز​ الطبيعي و​مضيق هرمز​ الذي يعتبر الممر والشريان البحري الرئيسي للاقتصاد العالمي، إذ أن أكثر من 25 بالمئة من ​تجارة​ النفط والغاز في العالم تعبر هذا الممر نحو البلدان الصناعية في الشرق الاقصى وشبه القارة الهندية من جهة، والقارة الاوروبية والاميركية من جهة ثانية.

أما عن تداعيات هذه الهجمات الارهابية على حركة النقل البحري في لبنان، فيمكننا أن نؤكد أننا لم نتبلغ حتى اليوم أية معلومات تفيد أن شركات الملاحة البحرية العالمية فرضت رسوما إضافية كعلاوة لتغطية مخاطر الحرب (Extra war risks insurance) على البضائع الواردة الى لبنان على بواخرها المبحرة عبر خليج عمان ومضيق هرمز، وهذا يثبت أيضا أن شركات التأمين العالمية التي تؤمن التغطية التأمينية لتلك البواخر لم تفرض عليها أية علاوة إضافية مماثلة ، ولكن ليس من المستبعد أن نشهد مستقبلا وفي حال تكررت مثل تلك الهجمات، مسارعة شركات التأمين العالمية بفرض تلك العلاوة على كافة البواخر العابرة لخليج عمان ومضيق هرمز، ما سيدفع شركات الملاحة العالمية بفرض واستيفاء مثل تلك العلاوة على البضائع الواردة على بواخرها.

ولكن ، علينا أن نوضح من جهة ثانية ، أن هذه الهجمات الارهابية أدت الى عودة أسعار النفط الى الارتفاع وهذا سيؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني اللبناني. فلبنان بلد استهلاكي للنفط بامتياز، ففاتورته النفطية التي تشمل القطاعين العام والخاص تتجاوز قيمتها الاجمالية الـ 5 مليارات دولار سنويا، ومع استمرار ارتفاع أسعار النفط فستتضاعف تلك الفاتورة وسيكون المواطن اللبناني ضحيتها الاولى، لأنها ستحدّ من قدرته الشرائية التي هي أصلا ضعيفة.

التأمين والمنطقة الخطرة

أما عن تداعيات هذه الهجمات على حركة الملاحة الدولية، فإنها بدأت تطال ناقلات النفط و​الغاز الطبيعي​ المسال التي تعبر مياه الخليج. فشركات التأمين العالمية صنفت تلك المنطقة بالخطرة، فباشرت بفرض العلاوة لتغطية مخاطر الحرب على تلك الناقلات، فشركة التأمين “DNK” النروجية التي تؤمن التغطية التأمينية لناقلة النفط “Front Altair” التي تعرضت للهجوم الارهابي في بحر عمان ولحقت بها أضرارا فادحة، شرعت في فرض مثل تلك العلاوة، علما أنها ستتحمل تعويض الاضرار التي لحقت بتلك الناقلة. كما أن مجموعة “Hellenic War Risks Clubs” وهي المنافسة لـ “DNK” حذت حذوها، ففرضت علاوة إضافية لتغطية مخاطر الحرب على الناقلات التي تؤمن لها التغطية التأمينية.

أما مجموعة “Intertanko” التي تعتبر أكبر تجمع لأصحاب ناقلات النفط ، فأعربت عن قلقها الشديد على سلامة البحارة العاملين على تلك الناقلات والبواخر. كما أن المنظمة البحرية الدولية “Bimco” وهي أكبر تجمع لشركات الشحن البحري العالمية، فأكدت على ارتفاع نسبة مستوى المخاطر المحدقة بالناقلات والبواخر في منطقة الخليج.

تدابير

وبالنسبة الى التدابير الاحترازية التي يمكن اللجوء الى اعتمادها لتأمين أمن وسلامة الممرات البحرية في منطقة الخليج، فقد دعا خبراء بحريون دوليون الى تسيير دوريات عسكرية ومرافقات أمنية تبحر ذهابا وإيابا وتتناوب لتأمين الحماية للناقلات النفطية أسوة ببعض البواخر التجارية التي تستخدم حراسا مسلحين على متنها لصدّ هجمات القراصنة في المناطق المصنفة خطرة كمضيق ملقا، و​خليج عدن​ والسواحل الصومالية...

ولكن يعتقد خبراء بحريون دوليون آخرون أن هذه التدابير لن تكون فاعلة وغير قادرة على تأمين الحماية المطلوبة لناقلات النفط والغاز المبحرة في منطقة الخليج من هجمات الارهابيين الذين بإمكانهم شن هجماتهم عن بعد، بواسطة الصواريخ أو الزوارق الصغيرة الملغومة والالغام العائمة أو الطوربيدات تحت الماء.

إن الاتفاق بين الدول الكبرى لا سيما بين الولايات المتحدة و​روسيا​ والصين من جهة، و​دول الخليج​ العربي وايران من جهة أخرى، يمكن أن يكون قادرا على شن حرب استباقية على الارهابيين كلما دعت الحاجة لإفشال مخططاتهم، وهو التدبير الافضل والمتاح حاليا لتأمين السلامة البحرية في منطقة الخليج ولو بحدّه الادنى.

ويبقى التساؤل  اين سيكون الاقتصاد في لبنان والمنطقة في حال ظل الارهاب سيفاً مسلّطاً على اي حركة تجارية سواء في البر اوفي البحر ؟ بالتأكيد التداعيات كبيرة وخطيرة وستطال عدة قطاعات ولكن الاستسلام له أخطر على الجميع.