عاد التوتر مجددا الى مياه الخليج، فبعد أن تعرضت أربع ناقلات للنفط الى هجوم قبالة سواحل الفجيرة الإماراتية، خلال الشهر الماضي، تم من جديد استهداف السفن ​النفط​ية في مياه ​الخليج العربي في ​عمان​، يوم الخميس، وذلك في المنطقة بالقرب من ​إيران​ و​مضيق هرمز​ التي تعد أحد أكبر مراكز تزويد السفن بالوقود في العالم، والبوابة الأكثر أهمية بالنسبة الى ​صادرات النفط​.

ونتيجة لذلك، حمَّلت ​الولايات المتحدة​ إيران مسؤولية هذا العمل، في حين رفضت هذه الأخيرة توجيه إصابع الاتهام اليها، ونفت تورّطها في أي من هذه الحوادث. كما أثرت الهجمات الستّ على ​أسعار النفط​، فواصلت ارتفاعها اليوم بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو، التي أوضح فيها أن واشنطن ستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان آمان عمليات الملاحة في ​الشرق الأوسط​، بعد الهجمات المتلاحقة. وكانت الأسعار قد ارتفعت بحوالي 4.5% خلال تداولات الخميس السابق عقب الهجمات الأخيرة.

وفي المقابل، أوضح وزير ​النفط السعودي​ خالد الفالح، أن "​أوبك​" قد تجتمع في الأسبوع الأول من تموز، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق يتعلق بتمديد اتفاقية خفض الإنتاج.

هذه الأحداث تطرح علامات استفهام كثيرة حول مستقبل أسعار النفط العالمية، وتداعيات على الأسعار المحلية في ​لبنان​، وحول أمن ​الملاحة البحرية​ وناقلات النفط في منطقة الخليج في ظل والترقب السائد في ​الأسواق العالمية​، والتخوف من إمكانية نشوب "حرب ​البترول​".

ومن هنا، كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع الخبير النفطي ​ربيع ياغي​ للإجابة على هذه التساؤلات وغيرها:

كيف ستؤثر الهجمات الأخيرة على أسعار النفط العالمية وبالتالي على الأسواق اللبنانية؟ وهل ستتأثر التدفقات النفطية في العالم؟

الخليج هو مصدر أو خط أساسي للملاحة النفطية، و30% من احتياجات العالم اليومية قادمة من الخليج. وبالتالي فإن أي اهتزاز أو توتر يتعرض للملاحة البحرية سيؤثر مباشرة على أسواق في العالم أو على البورصة النفطية أكان في آسيا أوروبا أو أميركا.

ردة الفعل الأولية أو تفاعل الأسواق أعطى دفعا للأسعار بنسبة 3% و3.5% على أسعار البرنت وويست تكساس. وفي حال تكرار هذه الحوادث فمن المؤكد أن الأسعار ستواصل الارتفاع.

والمشكلة الأساسية تكمن اليوم في أن الأسعار ترتفع نتيجة أحداث أو هزات جيوسيسية معينة لكنها لا تعود الى الانخفاض.

من هي الدول الأكثر تضررا من هذه الهجمات؟ أهي الدول المصدرة للنفط أو المستوردة له؟

نجد اليوم أن جميع الجهات متضررة من الأحداث الأخيرة، ولكن بما أن ردات الفعل الحاصلة في السوق تتمثل في ارتفاع الأسعار فإن الدول المصدرة تستفيد من ذلك. أما المتضرر الأكبر فهو المستهلك أي الدول المستهلكة المستوردة للمشتقات النفطية وغير المنتجة له مثل دول ​الاتحاد الأوروبي​.

في حين أن الدول المنتجة أو المصدرة مثل ​روسيا​ و​كندا​ والولايات المتحدة وبعض الدول الأفريقية مستفيدة أو لا تتكبدا الخسائر، وذلك لأن الأسعار ترتفع دون أي جهود.

أما لبنان فهو حتما من الدول المتضررة لأنه بلد غير منتج بل مستهلك ومستورد بالمطلق لكل أنواع المشتقات النفطية، أي أن ارتفاع الأسعار يمس بالمستهلك بشكل مباشر.

وتجدر الاشارة الى أنه اذا بقيت الأسعار مستقرة على الزيادة المحدودة التي حصلت أي حدث آخر سيدفعها الى المزيد من الصعود. وقد يصل سعر برميل النفط الى 70 دولار وحينها سيكون مباشرا وكبيرا على الدول المستوردة والشركات المستوردة والمستهلكين في كافة أنحاء العالم.

ما حجم تأثير الهجمات على ​الاقتصاد العالمي​ بشكل عام؟ وهل تشكل تهديدا لاستقراره؟ وفي حال استمرار الأسعار بالصعود، ما هو الأثر الذي سينتج على الأسواق؟

عندما ترتفع أسعار ​الطاقة​ فكل ما يعتمد على الطاقة سيشهد أيضا ارتفاعا بالأسعار، وسنعايش موجة ارتفاع في الأسعار ناهيك عن أن الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة و​الصين​ لها تأثير أيضا.

التأثير المباشر على الاقتصاد العالمي يكمن في حصول تباطؤ بالنمو أو زيادة التباطؤ الحاصل، في معظم دول العالم مثل الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الآسيوية. فالطاقة هي الشريان الأساسي لكل الصناعات في العالم، وأي ارتفاع مفاجئ في الأسعار سيؤثر مباشرة على الانتاج الصناعي أو الزراعي أو القطاعات الأخرى، وبالتالي يزيد الركود ركودا.

أين أصبح لبنان في موضوع التنقيب عن النفط؟ هل نسير على الطريق السليم وبالسرعة المطلوبة من أجل الوصول الى الهدف؟

من الأساس الأسلوب المتبع في التعامل في المسألة النفطية في لبنان هو أسلوب بطيء، فقبرص و​إسرائيل​ بدأوا معنا في التوقيت ذاته عام 2001 و2002 بعمليات المسح الجيولوجي، ولكن اسرائيل عام 2013 أصبحت دولة منتجة ومصدرة وقبرص في نهاية 2019 ستصبح دولة مصدرة ومنتجة، في حين أننا لم نبدأ بعد حتى بمعليات التنقيب والحفر.

مع العلم أن شركة "توتال" أوضحت أن العمل في "بلوك 4" سيبدأ في نهاية عام 2019 أو بداية عام 2020. فغيرنا سبقنا بالتنقيب والإنتاج واصطياد الأسواق من أجل تصدير المنتجات ونحن لغاية اليوم لا زلنا نسير بكل بطء، وهذا دليل على عدم النضوج في التعاطي مع الملفات المهمة.