من جديد تُستهدَف السفن النفطية في مياه ​الخليج العربي​، الذي يبدو أنه لم يعد آمناً وان المنطقة باتت على صفيح ساخن في الاونة الاخيرة جراء الاعتداءات والعمليات التخريبية، ومن الواضح ان النيران التي التهمت اجزاء من السفينيتين "فرانت ألتير" النرويجية، و"كوكوكا كاريدجيس" ​اليابان​ية في ​مضيق هرمز​ ستعيد خلط الاوراق وتعيد المنطقة التي تحولت منذ فترة إلى واحدة من أكثر مناطق العالم قابلية للهب والاشتعال، ففي غضون شهر واحد تم استهداف 6 ​ناقلات نفط​ية ومحطتيّ ضخ بترول سعوديتين، في 3 حوادث مُتفرقة فضلا عن استهداف منشآت حيوية سعودية، اعمال وتوترات تعاقبت مع تصاعُد التوتّر بين واشنطن و​طهران​، ومع توالي التهديدات ال​إيران​ية بإثارة القلاقل في ​المياه​ الخليجية، التي قابلتها تحذيرات أميركية من "استهداف إيران أو عُملائها سفن تجارية وناقلات نفط للإضرار بمصالح ​الولايات المتحدة​ وحلفائها بالمنطقة".

وفي خِضم هذا التصعيد، وُجّهت أصابع الاتهام إلى إيران وطالبت الدول العربية ​المجتمع الدولي​ باتخاذ موقف حازم في مواجهتها، فيما نفت الأخيرة ضلوعها في أيٍ من هذه الحوادث.

والملفت في الحادث الاخير هو التوقيت التي تزامن مع اجتماع رئيس وزراء اليابان شينزو آبي في طهران مع القيادات الإيرانية لبحث كيفية تهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، ولا شك في أن هذا الحادث ربما يكون محاولة من جانب أطراف في مصلحتها إيضا إفساد الوساطة اليابانية بغرض إشعال المزيد من التوتر بين واشنطن وطهران، وقطع الطريق على أي محاولة للتعقل والتهدئة.

وبين رفض ​ايران​ توجيه اصابع الاتهام نوحها متهمة أطرافا إقليمية ودولية باعتماد ما أسمتها "دبلوماسية التخريب" والتمسك الاميركي بان طهران تقف وراء كل هذه الاعمال يبقى الترقب والحذر في ​الاسواق العالمية​ هو سيد الموقف ويبقى السؤال حول مسار الامور في الفترة المقبلة وعما اذا كانت ايران بالفعل تقف وراء هذه الاحداث لتقول لترامب والعالم ان ​العقوبات​ المؤلمة عليها ستكون مؤلمة أيضا لإمدادات النفط وممراته وللاقتصاد العالمي ام ان هناك طرف ثالث يسعى الى تسريع فرضية الحرب بين واشنطن وطهران وزج المنطقة في صراعات لا تحمد عقباها، هذه التساؤلات وغيرها حملها موقع "الاقتصاد" الى الخبير الاقتصادي من الاردن د.مازن ارشيد بالاضافة الى معرفة توقعاته في ما يتعلق ب​اسعار النفط​ و​الذهب​ والسندات في المستقبل القريب .

برأيك كيف سيؤثر استمرار الهجمات على ناقلات النفط و البتروكيماويات على أسعار النفط في المدى القصير؟ وكيف من شان هذه التوترات الجيوسياسية ان تنعكس على الذهب واسواق السندات ؟

من الملاحظ ان تأثير هذه الهجمات على اسعار النفط كان كبير حيث ارتفع اسعار "برنت" بنسبة 4% فور توارد الاخبار عن الحادثة 

الاخيرة، على اعتبار ان مضيق هرمز يمر عبره حوالي ثلث المعروض من النفط العالمي وبالتالي له رمزية كبيرة في ​اسواق النفط العالمية​ واي توترات في هذه المنطقة من الممكن ان تساعد على ​ارتفاع اسعار​ ​البترول​ بشكل كبير وذلك يعتمد على التطورات التي ستحصل في الفترة المقبلة .

ولا اتوقع ان تؤدي هذه التوترات الى ازمة كبيرة لاننا شهدنا مثيلها في الفترة الماضية وليس من مصلحة الولايات المتحدة او ايران تأجيج هذه الازمة في الوقت الحالي .

والادارة الاميركية بقيادة ترامب تدعو الى تخفيض اسعار النفط وعملت على الضغط على المملكة العربية السعودية في فترات سابقة من اجل زيادة انتاجها من النفط لتتراجع الاسعار العالمية وبالتالي ان ترامب يعلم جيدا ان اي ازمة في هذه المنطقة ستؤدي الى ارتفاع اسعار النفط بشكل كبير وغير مسبوق وبالتالي فان خيار التصعيد ضد توجه ومصلحة الادارة الاميركية .

اما في ما يتعلق بالذهب فشهدت الاسعار ارتفاعات جيدة في الاونة الاخيرة بسب التوترات الجيوسياسية في العالم، كما تراجعت الاسهم العالمية وارتفع في المقابل الاقبال على الملاذات الامنة اي الذهب وسندات الولايات المتحدة واليابان وغيرها من الدول التي تعتبر ملاذا امنا للاستثمار بدلا من التوجه الى الاسهم والعقار.

برأيك هل ستؤثر هذه الهجمات على التدفقات النفطية في العالم ؟ وهل من الممكن ان يلجأ المستوردين الى بدائل عن النفط الخليجي نتيجة لتكرار هذه الحوادث ؟

لا اعتقد ان تؤثر هذه الهجمات على التدفقات النفطية في العالم ولا اتوقع ان يلجأ المستوردين الى بدائل اخرى عن النفط الخليجي حتى مع تكرار هذه الحوادث نظرا الى اهمية هذه المنطقة في ما يتعلق بانتاج وتصدير النفط وان اي تنازلات من الاطراف العالمية ومن المستوردين الكبار في العالم مثل اليابان و​الصين​ و​الهند​ وغيرها او البحث عن بدائل تشير الى ان هذه الدول تقدم نوع من التنازلات اذا صح القول الى ايران نظرا الى انها المستهدف الاساسي حاليا واصابع الاتهام تتوجه نحوها او الحلفاء التابعين لطهران في المنطقة لذلك لا اتوقع ان يكون هناك توجه الى البحث عن بدائل النفط الخليجي، ومن السابق لاوانه الحديث عن ذلك ولغاية هذه اللحظة تبدو الامور تحت السيطرة والاسعار من الممكن ان تعاود التراجع في الايام المقبلة .

برأيك من هو المستفيد الاساسي من التعرض لامن الممرات المائية في المنطقة ؟

لا يمكن تحديد المستفيد الاساسي من التعرض لامن الممرات في المنطقة، واذا اخذنا ايران على اعتبار انها تريد اظهار قدراتها وانها لن تبقى صامتة مع تنفيذ العقوبات الاميركية الصعبة التي تهدف الى تصفير صادراتها من النفط ، الفائدة على طهران ستكون قصيرة الاجل وقد تساعد على عودة الاطراف المتنازعة مثل ايران والولايات المتحدة الى طاولة المفاوضات الامر المستبعد في الفترة الحالية، واعتقد ان الامور ستستمر على ما هي عليه، اي مجرد توترات لكن ليست تصعيد وسنلاحظ ضربات في اماكن مختلفة ولكن لن تتجه الامور الى حرب صريحة بين واشنطن وطهران .

هل تكرار هذه الحوادث تهدف الى اشعال الاوضاع في المنطقة مع توجيه اصابع الاتهام الى ايران ؟

لا يمكن الجزم في اهداف هذه التوترات الامنية واذا كان المقصود اشعال الاوضاع في المنطقة مع توجيه اصابع الاتهام الى ايران ، وقد تكون اطراف متعاطفة مع طهران في المنطقة مثل الحوثيين او مجموعات مقربة من ايران ولكن ليست بتوجيه من طهران بشكل رسمي او حكومي لذلك من الممكن ان تكون هذه الامور تتعلق بالمخابرات العالمية تهدف الى وضع ايران في صيغة المتهم الوحيد في اشعال هذه المنطقة وفي غياب الدليل القاطع في هذا الاطار علينا الانتظار لمعرفة ما ستؤول اليه الاوضاع في الايام المقبلة .