استضافت ​​​كوثر حنبوري​​​ معدة ومقدمة "​​​​​الإقتصاد في أسبوع​​​​​" عبر أثير "إذاعة ​لبنان​" في حلقة هذا الأسبوع، تحت عنوان "أي موازنة لأي اقتصاد؟"، الخبير الإقتصادي د. روي بدارو، الذي أشار الى أنه لا يعتبر "​الموازنة​ التي ستناقش في مجلس النواب موازنة بل ورقة مداخيل ومصاريف. الموازنة عادة، تكون جزء أساسي للسياسة المالية، مقود السيارة في الإقتصادات العالمية...عبر الموازنة يجب نرى الى أين سنأخذ الإقتصاد والمجتمع. هذا المشوار المجتمعي لم أراه في هذه الفذلكة ولا في الموازنة"، لافتاً إلى أنه "لا يمكن تسميتها إصلاحية بل تصحيحية للخلل المالي".

وأضاف بدارو أن "الفذلكة جاءت بعد الموازنة وليس قبلها كما هو مفترض"، لافتاً إلى أهمية أخذ العبر للمستقبل إعادة وضع لبنان على المسار صحيح، وقال: "نحتاج الى تغيير كامل في المنظومتين السياسية والإقتصادية لبناء دولة عصرية تتأقلم مع كافة الطورات التكنولوجية والإدارية والتنظيمية التي يشهدها العالم".

وأشار إلى أن "معلوماتي تقول أن "سيدر" في الظروف الحالية، انتهى. الإعتماد الآن على البنك الدولي والبنك الأوروبي للإعمار، وهما كافيين. لذلك يجب التركيز عليهما".

وتابع: "لا يزال لدينا 4 أشهر من العام، عن أي موازنة إصلاحية نتحدّث؟ يجب أن نركز على الموازنات 2020، 2021 و2022. الموازنة الحالية لا تفي بالغرض، يجب أن نحضّر قانون موازنة مختلف للسنوات القادمة".

وعما يسمّى الإصلاحات التي يجري اتخاذها في بعض القطاعات، رأى بدارو أن القرار الأساسي في الموازنة هو "توزيع للآلام" أي الفساد والهدر، وقال: "تأخرنا كثيراً ونريد أن نعلم من سيتحمّل تكلفة هذه الآلام لأن الجميع يرفض حملها...لذلك سيتحمّلها الضعفاء".

وأوضح أن "كلمة التقشّف التي تستخدم كثيراً، تعني تجربة خلق المداخيل من الضعفاء والمستضعفين وتخفيض المصاريف، الأمر الذي ستكون نتيجته غياب النمو في الإقتصاد بل وربما تحقيق نمو سلبي، وهذا لا يتطابق مع الفذلكة ولا مع ما توقعته المؤسسات الدولية. أرى ان الإيرادات ستتراجع وأن العجز سيتجاوز الـ7.5% وربما يصل الى 9.5%. أنا لا أرى مجالاً للنمو في السياسات الحالية".

وردًا على سؤال حنبوري عن الإنتقادات التي تتحدث عن قرار فرض الضرائب في مرحلة الركود، لفت بدارو الى أننا "لسنا في مرحلة ركود فقط بل تراجع أيضاً"، مشيراً إلى أهمية معالجة موضوع التهرب الضريبي عبر محاربة الفساد والهدر "التهرب الضريبي في لبنان نتج عن علم المواطنين بأن الضرائب تصب في مصلحة الفاسدين".

ولفت الى عدم صحة القول بأن سلسلة الرتب والرواتب هي المشكلة قائلاً: "لا ليست المشكلة. الحل كان يكمن في مكانين: أولاً، الغاء الإحتكارات الموجودة، الخاصة والعامة، الأمر الذي كان سيؤدي لتحسين القدرة الشرائية للموظفين ويلغي الحاجة لرفع الأجور. ثانياً، نحن غير قادرين على تحمّل هذا العدد من الموظفين في القطاع العام والذي وصل الى 20% من اجمالي الموظفين في البلد وفي كل دول العالم يصل الى 10% فقط. نحن غير قادرين على تحمّل أكثر من 200 ألف عامل وأجير في الدولة اللبنانية"، مقترحاً إعادة النظر بنظام الخدمة المدنية "شروط العمل تغيرت، ونحن لا زلنا على شروط العمل في القرن العشرين حيث ينام الموظف العام على حرير مستنداً على مبدأ أنه محمي". كما لفت الى أن نظام التقاعد الذي يتّبعه لبنان لا يمكنه لإستمرار.

وعن خطة الكهرباء فرأى أنها "ليست خطة كهرباء بل خطة لإنتاج الكهرباء...تحفيز النمو من الكهرباء لا يمكن دون تحديد أرخص تكلفة ممكنة...في لبنان المشكلة ليست مسألة انتاج بل مسألة شبكة وجباية".

وأوضح أنه "كان من الأفضل دفع المزيد واستجرار الكهرباء من شركات مناطقية يمكنها الإنتاج وتوزيعها عبر كهرباء لبنان بكلفة سنتين أو ثلاثة إضافية...الدولة يجب أن تسترد تسليفاتها"، مشيراً إلى ضرورة "أن يكون هناك منافسة داخلية بين شركات إنتاج الكهرباء ما يؤدي الى تنشيط الصناعات، أما ثاني مفتاح للنمو فهو الإتصالات".

وعن السياسة الحمائية للصناعات اللبنانية، رأى بدارو أنه "كان من الأفضل بدلاً من فرض ضريبة 2% على كل الدول ما يشمل البضاعة الأوروبية والأميركية والدول الأخرى التي لدينا اتفاقيات موقعة معها، أن نفرض ضريبة 20% على بضائع الدول التي لا يوجد بينها وبين لبنان اتفاقات تجارية وبضائعها تنافس البضائع اللبنانية كالصين مثلاً التي يمكننا فرض ضريبة 10% على وارداتنا منها دون أن يلحظ المستهلك ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار".