لبنان بلد التناقض، بلد الحب والحرية رغم أوضاعه الأمنية.. بلداً كل شيء فيه فريد من نوعه.. وللتأكّد من ذلك تعرف إلى شبابه.. شبابه الذين لا يعرفون كلمة المستحيل.. فهناك شباب في لبنان لا تتهرب من مسؤوليتها تجاه وطنها وتسعى لتحويله إلى مكان أفضل من خلال تحقيقهم لطموحاتهم فيه.

قصتنا اليوم تتحدث عن شاب شهدت مسيرته المهنية تغيّراً جذرياً وتحررا من "النمطية" والضغوطات التي يمليها عليها المجتمع...

لا تعني له المظاهر المجتمعية، فكان يتسلم منصباً مرموقاً في مؤسسة صحية، وبعد أن إكتشف أنه لا ينتمي إلى هذه الأجواء .. قرر أن يتبع ما يسعده ليتجه إلى عالم "الأعمال والترفيه". بدأت مسيرته من هواية كان يقوم بها ليُسلي أخته الصُغرى ليصبح اليوم صاحب مؤسسة تضم فريق عمل وينبع منها مؤسستين يعملانفي مجالات آخرى.

ولنتعرف أكثر على هذه الشخصية كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع مؤسس "Glow to Grow" ، "Glow Chocolate Couture" و "Glow Weddings" ​محمد قباني​ الذي شاركنا أبرز محطات حياته المهنية.

كيف تختصر مسيرتك الأكاديمية؟ وكيف شهدت حياتك المهنية تغيراً جذرياً؟

تخصصت في مجال Biochemistry ومن بعدها حصلت على شهادة الماجستير في Industrial Technology في الجامعة الياسوعية. ومن ثم توظفت في أحد المستشفيات في بيروت.

لا شك أن بداية مسيرتي الأكاديمية والمهنية تختلف تماماً عن المجال الذي أعمل فيه اليوم، إلا أن عملي في مجال ترفيه الأطفال وتنظيم الحفلات والمناسبات هو جزء من شخصيتي الذي برز بشكل واسع خلال تعاملي مع أختي الصُغرى التي يمكني القول أن فكرة مشروعي نشأت بسببها.

بدأت بتنظيم أعياد ميلاد ومناسبات للعائلة وكانت هواية في البداية لا أكثر، إلى أن قررت أن أنظر لهذه الهواية من منظور أكثر جدية من خلال تأسيس متجر صغير لتأمين مسلتزمات الحفلات والمناسبات"party shop"، يمثل عملاً حُراً جزئياً يتناسب مع وظيفتي الثابتة. فور إتخاذي لهذا القرار إتجهت إلى الصين وبدأت أبحث عن الأمور التي تتناسب مع فكرة مشروعي حتى قبل إيجاد موقع المتجر.

عندما عدت إلى لبنان وزرت موقع المشروع قررت عندها أن أطور الفكرة من وحي مساحة المكان وقدرة إستيعابه لعدة أقسام ليضم أيضاً مركز للنشاطات والمناسبات الخاصة بالأطفال"Activity Center"بالإضافة إلى قسم مبيعات مستلزمات الحفلات، وبذلك لم يعد يقتصرعملنا فقط على المبيع ليشمل تنظيم الحفلات من الألف إلى الياء في مركزنا وخارجه.

قمت بنفسي بتزيين وإعادة تأهييل المكان الذي كان متروكاً منذ فترة، وقمت بتقسيم المكان بحسب النشاطات التي قررت إعدادها.

ما هي الخدمات والنشاطات التي تقدمونها في "Glow to Grow"؟

"Glow to Grow" هو مركز ترفيهي للأطفال مؤلف من الأقسام التاليةSpa: ، قسم للفنون والحرفيات، قسم للطبخ ومختبر.

ولدينا قسم خاص لإقامة الحفلات، إن كل أقسامنا مجهزة بكل معايير السلامة العامة للأطفال.

كما نقوم في تنظيم الحفلات خارج المركز.

كيف تطورت "Glow to Grow" لتصبح مؤسسة حاضنة لشركات آخرى تعنى بنشاطات مختلفة؟

بدأت في "Glow to Grow" بمفردي والآن نحن فريق مكوّن من 10 أشخاص بالإضافة إلى 3 إداريين.كما أقوم شخصياً بتدريب كل شخص جديد على كيفية التعامل مع الأطفال.

لم أكن أتوقع أن عملي هذا سيؤدي إلى مشاريع آخرى، ففكرة تنظيم الأعراس نشأت عن طريق الصدفة، بعد أن طلبت مني صديقة أن أنظّم زفافها من الألف إلى الياء لأنها تؤمن بموهبتي في تنظيم المناسبات. إنطلقت الفكرة من مساعدة صديقة، ومن بعد الزفاف بدأت أتلقى عروضاً لإستلام حفلات زفاف آخرى. ونحن الآن في "Glow Weddings" ننظم حفلات زفاف أ بحسب الطلب خاصة من الأفراد التي كانت قد حضرت أعراساً قد قمنا بتنظيمها سابقاً.

خلال عملي في "Glow to Grow" بدأت ألاحظ أن هناك طلب على الهدايا التذكارية التي تغلف الشوكولا في المناسبات، وبما ان لجدّي معمل شوكولا،حصلنا على قسم من المعمل مخصص بشكل حصري لـ"Glow Chocolate Couture " لتكون أنواع الشوكولا فقط لشركتنا وكأنه لدينا معمل صغير ضمن المعمل الكبير ومن بعدها نبتكر الرموز التذكارية للشوكولا بحسب الطلب والمناسبة.

ما الذي يميّز "Glow to Grow" عن المنافسين في السوق؟

عندما أسست "Glow to Grow" كان هناك عدد من المؤسسات التي تعمل في المجال نفسه في بيروت، ولكني ومنذ البداية لم ألتفت إلى الأعمال التي كانوا يقدموها لأن "Glow to Grow" بالنسبة لي هي فكرة نابعة من هواية أحبها وهي إمتداد لأفكاري لذا لم أسعى يومياً للتقليد فـ"Glow to Grow" هي الأرضية التي أحول فيها أفكاري المبتكرة إلى واقع.

وعلى عكس معظم الشركات الآخرى، أنا أفكر وأنفذ كل التفاصيل في "Glow to Grow" بنفسي على الأرض مما يجعلني على تواصل دائم مع الزبون ومتطلبات السوق هذا كله ساهم في ترسيخ صورة إيجابية في السوق نبعت عنها شركات تابعة لـ"Glow to Grow".

​​​​​​​

تذكر دائماً دعم أهلك لمسيرتك، هل لك أن تشاركنا هذه التجربة؟

في البداية أود أن أعلن أنه لولا دعم أهلي لي لما كنت على ما انا عليه اليوم، فهم كانوا أول الداعمين والمشجعين لتأسيس مشروعي الخاص، وحتى هذا الساعة والدتي، وهي القدوة والسند، تساعدني من خلال إستلام الأمور المالية، خاصة عندما كنت أكون في الدوام خلال وظيفتي الثابتة السابقة. كما لا يمكنني ان أغفل عن ذكر اخواتي الشباب الذين يساعدوني في المناسبات الكبيرة وأختي الصُغرى جنى التي بُنيت فكرة المشروع من وحي طفولتها، لتصبح اليوم شابة في 17 من عمرها تساعدني في المناسبات.

هذا التناسق بين أفراد العائلة والموظفين يؤدي إلى تناغم وروح عمل إيجابية في العمل تنعكس بدروها في كل مناسبة نقدمها بشغف.

متى قررت أن تتخلى عن وظيفتك الثابتة للتفرغ لمشروعك الخاص؟ وكيف تصف هذه الإنتقالة؟

تأسيسي للمشروع من البداية لم ينبع من هدف مالي، حتى انني لم أكن أتوقع أن أكون أمارس هوايتي مقابل مردود مادي، وبالتالي قررت في الأعوام السابقة أنا أبقى في وظيفتي الثابتة على أساس أنها تؤمن بعض الضمانات، كالراتب الشهري الثابت مما يعطي حالة من الطمأنينة إلى حد ما.

مع الوقت بدأ نشاط "Glow to Grow" ينمو أكثر فأكثر، وبدأت أشعر أنني "مقيّد" في الوظيفة لساعات يمكنني خلالها أن أطور مشروعي الخاص، وبدأت أفكر لو كنت منذ البداية بدأت في المشروع لكنت الآن في أماكن أفضل. ولكننا أحياناً لا يمكننا ان نتجاهل الضغوط المجتمعية خاصة عندما تنبع من أفراد يخافون علينا، فمعظم الأهالي في مجتمعاتنا تفضل لأولادها الوظيفة الثابتة وتشجعهم على التمسّك بها بغية الحصول على حالة من الإستقرار، ورغم أنه كان لي منصباً مرموقاً في وظيفتي في المستشفى كنت أشعر أنني أقوم بواجب فُرض عليّ ولست أقوم بعمل يسعدني يومياً. لا شك أنني إكتسبت خبرة من خلال الوظيفة وشبكة من العلاقات العامة وتقنيات التواصل مع الآخرين ولكن رغم ذلك أحياناً تراودني فكرة أنه لو كنت متفرغاً أكثر للمشروع لكنت حققت أكثر مما أنا عليه اليوم.

هذا العام قررت أن أتفرّغ بشكل نهائي لمشروعي الخاص الذي بدأ ينتج مردود مادي جيد.

هل شكّل رأس المال بالنسبة لك عائقاً عند تأسيسك لـ "Glow to Grow" ؟

لا شك إن رأس المال أحياناً يشكل هاجساً في المرحلة التأسيسة، ولكني على الصعيد الشخصي كنت قد إدخرت مبلغاً متواضعاً من وظيفتي، ولكني حتى لو لم أكن قد إدخرت لم يكن سيشكل لي رأس المال رادعاً للبدء بمشروعي الخاص. برأيي من يعتزم على تأسيس مشروعه سيبتكر أي وسيلة للحصول على رأس المال في ظل إنتشار القروض المصرفية الداعمة لمشاريع الشباب وغيرها من الوسائل.

​​​​​​​

ما هي أبرز العراقيل التي واجتموها؟

في البدايةأول تحدي بالنسبة كان تأسيسي للمشروع بعمر صغير جداً. ثانياً علينا ألا ننسى أننا نعمل في مجال ترفيهي في بلد لا يمكن ضمانة إستقراره الأمني، السياسي وحتى الإقتصادي. وقد لمسنا هذا على أرض الواقع فعادة ما نكون نحضر لمناسبة بعدما يدفع صاحبها الدفعة الأولى وفجأة تحصل "خضة أمنية" في البلد تضطرنا إلى توقيف العمل وإعادة الأموال لأصحابها.

هذه الأوضاع المتقلبة كانت من احد الأسباب التي كانت تجعلني أتردد من ترك وظيفتي الثابتة في السابق، ولكننا كما نرى أبرز الشركات اليوم في خطر والحل الوحيد هو العمل الجادّ رغم كل الظروف والصعوبات.

ما هي مشاريعكم المستقبلية؟

على المستوى القريب نحضر لمخيم صيفي للأطفال سيكون في "السان جورج". أما على المستوى البعيد فنحن نتطلع إلى توسيع مركزنا ليشمل ايضاً Outdoor area، وأن يكون لنا حضانة تابعة لنا.

ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشباب خاصة أنك تتشارك معهم بنفس الفئة العمرية؟

أدعو كل صاحب هدف للمثابرة دون توقّف. وأقول للشباب لا تحدّوا أنفسكم معتبرين أن الوظيفة هي الوسيلة الوحيدة للعيش، فهي عادة ما تحدّ من إمكانيات الشخص بمهام مطلوبة منه لا تسمح له بالتفكير خارج الصندوق.

أعلم أن الوضع الإقتصادي في لبنان ليس الأفضل، ولكن هذه الرسالة موجهة بشكل خاص لكل شخص يملك موهبة وحلم وأدعوه للمباشرة بتحقيقه وألا يسمح للعوائق بأن تحد من عزيمته ولا يسمح للضغوط المجتمعية بأن ترسم له مسار حياته.

فإن السعي هو الوسيلة الوحيدة للوصول ولا يوجد أي قاعدة آخرى.

وأقول لأي شخص إذا كان هدفك تكديس الأموال فعليك أن تدرك أن السعادة لا تقدر بالقيمة الورقية.