وافقت الحكومة على إضافة بند إلى مشروع قانون ​موازنة​ 2019 يقضي بفرض رسم بنسبة 2% على جميع السلع المستوردة باستثناء الأدوية والسيّارات الكهربائية والهجينة والمواد الأولية والآلات المستخدمة في الإنتاج.

وتقول الحكومة أن هذا الإجراء يهدف لحماية الإنتاج المحلّي، على الرغم من أن بعض الخبراء يعتبرونه عملياً ضريبة غير مباشرة على استهلاك الأسر، ويصيب الفئات محدودة الدخل تحديداً، ففي حال تمّ تطبيق هذا الرسم في ظلّ تراجع الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية محلّياً، كما هو الحال الآن، فسيؤدّي ذلك إلى ارتفاع شامل في أسعار السوق، وبالتالي رفع كلفة المعيشة على محدودي الدخل وصولاً إلى رفع كلفة الإنتاج نفسها، خصوصاً أن هذا الرسم يشمل المشتقّات النفطية وغيرها من السلع التي تدخل ضمن كلفة الإنتاج .

وتتوقّع الحكومة أن يدرّ هذا الرسم إيرادات إضافية للخزينة بقيمة 400 مليون دولار (200 مليون دولار في الفترة المتبقية من هذا العام)، إلّا أن هناك شكوكاً جدّية بأن يحقّق الحماية المزعومة للإنتاج المحلّي.

فهل سيؤدي هذا الرسم إلى تحقيق الهدف المرجو منه ؟ أم أنه سيرفع من أسعار السلع وسيزيد الكلفة على الإنتاج الصناعي ؟ وهل مشاكل صناعتنا هي فقط في منافسة السلع المستوردة لها؟ أم ان هناك مشاكل اخرى كان من الأجدى العمل على حلّها ؟

أسئلة كثيرة أجاب عنها نائب رئيس جمعية الصناعيين في ​لبنان​ زياد بكادش في مقابلة خاصة مع "الإقتصاد".

بداية، ما هو تعليقك على الأراء التي تعتبر أن رسم 2% على السلع المستوردة سيضر ب​الصناعة​ الوطنية ولن يدعمها كما انه سيرفع من أسعار بعض السلع ويصيب الفئات محدودة الدخل ؟

هذا الكلام غير دقيق، فنحن كصناعيين كان مطلبنا وضع رسم 3% على السلع المستوردة وليس 2%، وكان من المفترض أن يتم وضع عائدات هذا الرسم في صندوق لدعم الصناعة اللبنانية وتخفيف كلفة الإنتاج عليها، ولكن تفاجأنا بأن الحكومة خفضت النسبة من 3 إلى 2%، والمبلغ الذي ستجنيه الدولة (400 مليون دولار سنويا) سيذهب بمعظمه إلى الخزينة، ويتم التداول في أروقة مجلس الوزراء لتخصيص فقط 35% من هذا المبلغ لدعم القطاع الصناعي والزراعي والإسكان.

وبالتالي مطلبنا الأساسي كان أكبر بكثير من ذلك، كما نطالب أيضا بوضع رسم بنسبة 10% على البضائع التي تأتي من الشرق الأقصى ومن تركيا.

وما يقوله بعض الأشخاص بأن نسبة الـ 2% ستضر بالمستهلك كلامه غير دقيق أبداً، فهذه النسبة تم وضعها على سلع غير أساسية كما أن معظم السلع لها بدائل وطنية الصنع.

ونحن كصناعيين نشكر وزيري الإقتصاد والصناعة على إهتمامهم بالملفات الـ20 الذين تقدمنا بهم لمعالجة موضوع الإغراق في الأسواق المحلية، لأن هذه المشكلة هي من أبرز المشاكل التي يعاني منها القطاع الصناعي.

ولكن في موضوع رسم الـ 2% فنحن لا نتعبر ان هذا الإجراء كافٍ لدعم الصناعة الوطنية، لأن المبلغ سيذهب بمعظمه إلى خزينة الدولة. فماذا سنستفيد نحن كصناعيين إن لم يتم إستخدام هذه الاموال في دعم القطاع وتخفيف الكلفة عن الصناعيين ؟

ألا تعتقد أن أسعار بعض السلع الأساسية سترتفع (كالسكر مثلا) .. مما سيضر بالمواطن العادي ومحدودي الدخل ؟

معظم السلع التي تم فرض رسم عليها لها بدائل في السوق المحلي، ومعظم الصناعات الموجودة في لبنان قادرة على تغطية حاجات السوق محليا، خاصة ان هناك عدد كبير من الصانع اللبنانية التي تصدّر منتجاتها إلى الخارج، فهل يعقل انها غير قادرة على تغطية السوق المحلي !

أما بالنسبة للسكر، فهناك مصنع كبير جدا في لبنان، لا يمكنني الجزم بأنه قادر على تغطية السوق بكامله، ولكن بدون شك معظم الصناعات اللبنانية الأخرى قادرة على تغطية حاجات السوق.

ذكرت أنك مع فرض رسم 10% على كافة السلع القادمة من الشرق الأقصى وتركيا .. ألا تعتقد ان صادراتنا الوطنية قد تتضرر في حال قررت هذه الدول معاملتنا بالمثل ؟

معظم دول الشرق الأقصى وتركيا لا تجمعنا بهم إتفاقات تجارية واضحة، كما ان ميزاننا التجاري معهم يصب في مصلحتهم، فصادرات لبنان إلى هذه الدول خجولة جداً.

وكل الإتفاقات التجارية الموقعة مع دول اوروبية أو عربية تصب في مصلحة تلك الدول، وليس في مصلحة لبنان، لأن دولتنا كانت دائما تتعامل من موقع الضعيف، وهذا امر لا يجوز. فالإتفاق التجاري يجب أن يكون واضحا، وأي دولة تدعم صناعتها وصادراتها إلى لبنان، من حقّنا الطبيعي ان نفرض رسوم عليها لحماية إنتاجنا الوطني.

ونحن كصناعيين لسنا ضد التجار، فهناك تجار شرفاء ووطنيين، ولكن في المقابل هناك بعض التجار غير الشرفاء الذين يؤثرون سلبا على التاجر الشريف وعلى الصناعي اللبناني وعلى الدولة أيضا. فمثلا نحن نستورد من الصين سنويا بأكثر من 4 مليارات دولار، في حين ان الرقم الموجود في الجمارك لا يتخطى الـ 2 مليار دولار، وبالتالي هناك بضائع بقيمة 2 مليار دولار تدخل بدون أي رسوم جمركية لأن التاجر يحصل على إيصال أو فاتورة من المصنع الأم بنصف القمية الحقيقية للبضائع، وذلك للتهرب من الرسوم الجمركية.

لذلك نحن كصناعيين نطالب الدولة بعدم قبول فواتير وإيصالات صادرة عن المصنع الأم، بل يجب ان يكون الإيصال أو الفاتورة صادرة عن الجهات الرسمية الصينية، لأن هذا الأمر يؤدي إلى إغراق السوق المحلي ببضائع زهيدة الثمن لا يمكن للصناعة المحلية منافستها.

فالمشاكل الأساسية التي نعاني منها كصناعيين إذا لم يتم حلها بعد، وطلبنا هو أكبر بكثير من فرض رسم 2% على البضائع المستوردة.

هل مشاكل صناعتنا هي فقط في السلع المستوردة والإغراق؟ أم ان هناك مشاكل اخرى يجب على الدولة العمل لحلّها ؟

لا شك ان الإغراق هي واحدة من المشاكل التي نعاني منها، ولكن هناك مشاكل كثيرة اخرى، لذلك طالبنا بوضع الأموال التي ستجنى من الرسم على المستوردات في صندوق، وإستخدامها لاحقا في دعم القطاع الصناعي والقطاعات الإنتاجية للتخفيف من الكلفة عليها، ومساعدتها على التصدير والمنافسة في الخارج.

وأود الإشارة إلى اننا كصناعيين لسنا بمواجهة مع التجار كما يحاول البعض ان يصور الموضوع، بل نحن مع العمل بمساواة لتكون كل القطاعات منتجة وقادرة على المساهمة في دعم الإقتصاد، فنحن والقطاع التجاري نعاني من مشاكل عديدة، ومنها المشكلة التي تحدثنا عنها حول الفواتير المزورة والمخفضة، ولكننا لم نرى أي تحرك من قبل التجار الشرفاء للمطالبة بوقف هذه المخالفات.

ما هي توقعاتك لوضع القطاع الصناعي في الفترة المقبلة في حال سارت الأمور كما يجب وبدات مشاريع "سيدر" بالتنفيذ ؟

لا شك ان القطاعات الإنتاجية كلها ستنتعش في حال تم إستخدام اموال "سيدر" في المكان الصحيح دون سمسرات ودون صفقات.

فمثلا إذا تم بناء قطار أو سكة حديد من أقصى الشمال لأقصى الجنوب، فأن معظم المصانع اللبنانية على المناطق الساحلية او القريبة من الساحل ستستفيد بشكل كبير، لأن إنتقال العمال والبضائع سيكون أسرع، والكلفة ستنخفض بنسبة كبيرة.

حتى الأن لا نرى أن الإقتصاد يسير على السكة الصحيحة، ولكننا متفائلين بالفترة المقبلة ولن نفقد الامل خاصة ان رئيس الحكومة ومجلس الوزراء يحاولون العمل بجدية هذه المرة في الملفات الإقتصادية.