شهدت أسواق ​النفط​ هذا الأسبوع صدمتين متتاليتين: الأولى، تعرض أربع سفن بينها ثلاث ناقلات نفط لهجوم بالقرب من ساحل الفجيرة ​الإمارات​ية، والثاني، تعرّض محطتي ضخ لخط أنابيب رئيسي في ​السعودية​ ينقل النفط السعودي من حقول المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي إلى هجوم بطائرات مسيرة.

وبحسب تقرير لموقع مركز "Stratfor" الأميركي، تثير هاتان الحادثتان تساؤلاتٍ عمَّا إذا كانت البنية التحتية للنفط والغاز في المنطقة، مستهدفةً إمَّا استهدافاً مباشراً من جانب ​إيران​ أو من جانب مجموعات إقليمية مرتبطة بها في محاولةٍ للانتقام من المساعي الأميركية، إلى إيقاف صادرات النفط والغاز الإيرانية تماماً، وهو الموقف الذي تبنّته السعودية حيث حمّلت المسؤولية الكاملة لإيران والحوثيين في رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن الدولي، سلمها مندوبها الدائم عبدالله المعلمي.

أما الإمارات فرفضت توجيه أصابع الإتهام قبل انتهاء التحقيق في اليومين القادمين، وفقاً لما جاء على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش.

ما هي تداعيات هذه الأحداث على أسعار النفط؟ من هو المستفيد الأساسي؟ وما هي الخطوات المتوقعة؟ لمعرفة الإجابة عن هذه التساؤلات وعدد من المواضيع الأخرى، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د. ​غازي وزني​:

ما هي توقعاتك لأسعار النفط في الفترة المقبلة، خاصةً مع أخذ المضاربين وأسواق النفط في الاعتبار مسألة احتمال تكرار الحوادث الأخيرة في الفترة القادمة وتأثيرها على الأسواق؟

ما حصل هذا الأسبوع في منطقة الخليج خلق أجواء توتر في أسواق النفط العالمية ستؤدي الى حالة عدم استقرار في أسعار النفط في المرحلة المقبلة. أولاً، وكما نعلم أن ما نسبته 15 إلى 20% من سعر النفط يرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بحالة التوتر أو الإستقرار العالمية.

ثانياً، أكثر من 20% من إنتاج النفط العالمي يومياً، أي 18 مليون برميل، يمرّ عبر هذه المنطقة، ما يعني أن التوترات فيها ستؤثر على أسعار النفط العالمية بشكلٍ مباشر، والتجارب السابقة أثبتت ذلك مراراً وتكراراً. وفي هذا الأسبوع ومع هذه الأحداث التي شهدناها، ارتفعت أسعار النفط بنسبة تراوحت بين 1.5 و 2%، ومع استمرار أجواء القلق والتوتر هذه، فإن الأسعار ستبقى متّخذةً منحى تصاعدي.

أصابع الإتهام السعودية قد تمّ توجيهها نحو إيران صراحةً، لكن برأيك هذه الأحداث وعبر إلحاقها صدمة بالإقتصادين الأوروبي والصيني المستهلكين الرئيسيين لنفط الخليج، كيف يمكن لها أن تفيد الولايات المتحدة الأميركية؟

الولايات المتحدة تفعل كل ما بوسعها لإبقاء أسعار النفط العالمية منخفضة، ما يساهم في المحافظة على وتيرة معدل نمو اقتصادها المرتفعة، ولكن نعم الأمر الإيجابي في هذه الحالة هو الصدمة التي ستتلقاها كل من أوروبا وروسيا.

بخصوص أثر ارتفاع النفط على الدول الأخرى، فمن الطبيعي أن تستفيد الدول المنتجة وأن تتضرّر الدول المستهلكة، أي دول الإتحاد الأوروبي والصين. المخاوف حالياً تتركز على استمرار الهجمات على المنشآت النفطية الأمر الذي سيؤدي الى ارتفاع الأسعار أكثر. هذا سيكون له تبعات خطيرة على الإقتصاد العالمي لا سيما أن المؤشرات الإقتصادية في العام 2019 متواضعة، لأن المناخ الإقتصادي العالمي يسود عليه التوتر خاصّةً مع الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين.

وتجدر الإشارة الى أنه من المتوقع أن تكون نسب النمو في العام 2019 أقل من تلك التي سُجّلت في العام 2018، وارتفاع أسعار النفط سيؤدي الى انخفاضها بشكلٍ أكبر.

هدّدت إيران بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة النقل البحري سابقاً، إلا أنَّها حتى هذه اللحظة لم تتخذ أي خطواتٍ فعلية لتعطيل النقل، متى ستتّخذ هذه الخطوة برأيك؟

هدّدت إيران أكثر من مرّة باستخدام هذه الورقة، لكن لا أعتقد أنها ستستخدمها الآن، فاليوم لا زالت إمكانية المعالجة بالحوار والتفاوض سلمياً وسياسياً مطروحة.

إيران ستستخدم بطاقة مضيق هرمز عندما تصل إلى مرحلة تجد فيها أن أبواب الحلول السلمية والسياسية أُقفلت، وفي هذه الحالة سنجد تبعات عسكرية وأمنية كبيرة جدًّا في المنطقة.

ما هي توقعاتك للمفاوضات الإيرانية الأوروبية، وخاصةً مع الوقت الذي يسعى فيه ترامب لفرض رسوم جمركية على الأوروبيين؟

في موضوع التجارة العالمية، تهديدات ترامب طالت الكثير من الدول، بدأ مع الصين ثم انتقل الى أوروبا وكانت قد طالت دول أخرى أيضاً مثل نافتا، ما أدّى الى تلبّد وتوتر في المناخ التجاري العالمي، بالإضافة الى عدم التقيّد بالقوانين والتشريعات التي تربط الدول تجارياً بين بعضها البعض.

هذا النهج الذي اتبعه ترامب منذ تسلّمه السلطة كان سبباً رئيسياً في تراجع معدلات النمو الإقتصادي عالمياً في العام 2018 و العام 2019.