رمضان​ شهر الخير والبركة.. كل شيء في رمضان يكتسي رونقاً خاصاً، فتمتد الموائد وتجتمع العائلات في منظر إجتماعي جميل، وطابع دينيّ مميز. وفي المقلب الآخر، رمضان يشكل فرصة إقتصادية ذهبية لبعض المحتكرين والتجار.

وبما أن إقتصادنا الوطني هو إقتصاد حُرّ، فإن بعض التجار يستخدمون ذلك حجة للتعبير عن طمعهم في بعض الأحيان.. إلا أن القرار الأخير يعود للمستهلك، فهو الوحيد المسؤول عن حركة تغيير الأسعار.. فكلما زاد طلبه كلما إرتفع السعر والعكس صحيح وهذه معادلة متعارف عليها..

إنطلاقاً من ذلك قامت لـ"الإقتصاد" بجولة ميدانية في عدة مناطق في بيروت، إستطلعت خلالها أراء المستهلكين وأصحاب المتاجر وختمتها بمقابلتين مع المديرة العامة لوزارة الإقتصاد عليا عباس ومسؤولة قسم مراقبة سلامة الغذاء في "جمعية حماية المستهلك" ندى نعمة.

وجهتنا الآن نحو السوق

المستهلك يشهد: الأسعار إرتفعت بشكل ملحوظ و"الفاتورة بتجمع"

                                              

لاحظ فؤاد من منطقة الطريق الجديدة إن الأسعار إختلفت بشكل ملحوظ بين المتاجر الصغيرة والسوبرماركات وأكد أن الإختلاف بسيط إذا قارنّا بين غرض أو إثنين إلا أن مجموع الفاتورة يفرق بشكل ملحوظ في النهاية. ويقول: "لا شك أن السوبرماركات قادرة على القيام بعروضات خاصة بها، لذا نحن في العائلة نفضل الشراء منها عوضاً عن المحلات التجارية الصغيرة قرب المنزل". ويتابع: "في النهاية علينا ان نكون مسؤولون عند التبضع، وأن نأخذ الوقت الكافي لنختار أفضل المنتوجات بأحسن الأسعار" .

نسرين وهي من سكان منطقة النويري في بيروت، لاحظت إرتفاعاً ملحوظاً في أسعار الخضروات، والتمر بشكل خاص منوهة أنها تقصد سوبرماركات معينة لأنها تقدم عروضات دائمة.

أما دانيا، وهي من سكان منطقة البربير لم تلاحظ أي فرق في الأسعار بين ما قبل رمضان وخلاله، كاشفة أنها تقوم بشراء متطلبات المنزل يومياً ولا تقوم بالتسوق أسبوعيا أو شهريا.

من جهة آخرى، لاحظت ميرنا وهي من سكان منطقة المشرفيّة أن الأسعار إرتفعت في الأسبوع الأول من شهر رمضان بشكل لا يمكن التغاضي عنه، مضيفة: "رغم ذلك نحن مجبرون على الشراء"، وأعتبرت أن المواطنين يتجهون أكثر للسوبرماركات لأنها تقدم عروضات أفضل وفرق السعر واضح بين السوبرماركات والمتجر العادي.

أما رندة من منطقة الباشورة فلاحظت إرتفاعاً ملحوظاً في أسعار اللحوم وأكدت أن الفاتورة زادت بحوالي 9000 ليرة ​لبنان​ية بالمقارنة مع ما قبل رمضان.

أما علي وهو من سكان منطقة بئر العبد فلاحظ إختلاف في الاٍسعار بين المناطق، فقد لاحظ أن باقة البقدونس في بعض المتاجر تصل ألى 2500 ليرة، في حين أنه إشتراها من متجر آخر بقيمة 1000 ليرة لبنانية فقط، وهذا الأمر ينطبق على الخس أيضاً بحسب قوله.

كذلك إعتبر باسل من سكان منطقة سانت تاريز – الحدث أن أسعار الخضار إرتفعت بشكل ملحوظ.

أما هدى وهي من سكان الطريق الجديدة لاحظت زيادة في أسعار البندورة، الخيار والبطاطا مؤكدة أن الإرتفاع لا يتخطى 1000 ليرة لبنانية مؤكدة أن أسعار الخبر واللحوم لا تزال ثابتة.

أما ميرا وهي من سكان منطقة مار إلياس قالت أن كيلو الحامض كان يُباع بألف ليرة لبنانية قبل شهر رمضان وهو الآن يُباع بـ3000 ليرة لبنانية.

أما عن الجنارك فقال عيسى وهو من سكان بشارة الخوري أن الكيلو أصبح بـ7500 ليرة لبنانية وإنه رقم غير معقول نسبة لسعره في الأيام العادية.

وإعتبر أحمد من منطقة حارة حريك أن الأسعار ​الحلويات​ في رمضان تزداد ولكن بشكل بسيط بحيث لا تتعدى الزيادة الـ1000 و2000 ليرة للكيلو، معتبراً أن هذا يعتمد على أسعار المواد الأولية كالقشطة وغيرها.

                                  

أصحاب المتجار: إرتفاع الأسعار في الأسبوع الأول من شهر رمضان أمر طبيعي

طبعاً لإكتمال الصورة كان لا بد لـ"الإقتصاد" من الحديث مع أصحاب المتاجر في منطقة بيروت وضواحيها.

وبدأت جولتنا من منطقة بئر العبد وبالتحديد من دكان ياسر الذي أكد أن الاسعار لم تختلف مقارنة بما قبل رمضان، وإعتبر أن سلوكيات الشراء إختلفت عن الأعوام الماضية، ففي الماضي كان المستهلك يموّن عن الشهر كله، أما الآن فهو يشتري الأغراض الضرورية وبالتجزئة.

وهذا كان أيضاً رأي صاحب "خميس ماركت" في منطقة الطريق الجديدة صلاح خميس، إذ أكد أن الأسعار لم تختلف أبداً، ولكن الطلب خفيف فالمواطنين يتجهون أكثر إلى السوبرماركت الكبيرة للإستفادة من العروضات الخاصة بها.

                                

أما عن أسعار الدواجن واللحوم فأكد صاحب ملحمة في منطقة حارة حريك أن الأسعار إرتفعت بشكل بسيط غير ملحوظ حتى بالكاد يتخطى الـ1000 ليرة لبنانية، قائلاً هذا الوضع طبيعي فقد إرتفعت الأسعار في عيد الفصح مثلاً نظراً لإزدياد الطلب، إن اي إرتفاع وإنخفاض في الأسعار محصور بسلوكيات المستهلك وطلبه. فيما كشف صاحب ملحمة "أبو طارق" في منطقة الطريق الجديد أن أسعار اللحوم إرتفعت بنسبة تقارب الـ20% معتبراً أنه أمر طبيعي إعتاد عليه التجار والمستهلكون في الأيام العشر الأولى من شهر رمضان.

وإعتبر أحد باعة الخضار في متجر في كورنيش المرزعة أن أسعار الخضار والفواكه ترتفع سنوياً بشكل بسيط في أول أسبوع من شهر رمضان، وأكد أن أسعار البضائع ستعود لمعدلها الطبيعي قريباً جداً، مشدداً مرة آخرى أن الفرق بسيط وليس كبير.

فيما لفت صاحب متجر للخضروات في منطقة مار إلياس أن الأسعار زادت بشكل طفيف لأنها تكلفهم أكثر خاصة الخضروات التي تُستخدم في الفتوش.

إقبال كثيف على سوق زينة رمضان

أما صاحبة محل زينة للمناسبات الموجود في منطقة حارة حريك أكدت أن الإقبال على زينة رمضان كثيف وإنها تُطلب لتزين الصفوف المدرسية وليست محصورة في المنازل فقط. لافتة إلى أن أسعار الزينة قد تبدأ من 12000 ليرة لينانية وترتفع بحسب طلب الزبون.

                              

رأي السيدة تتطابق مع رأي صاحب محل للزينة موجود في منطقة الطريق الجديدة الذي قال إن متجره يعتمد على تصميم زينة تجذب الأطفال ليطلبوا من أهلهم شراءها وقال أن المتجر يوفر الزينة لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط.

كذلك إعتبرت صاحبة متجر يُعنى بتنسيق الحفلات والزينة أن الطلب هذا العام كان أفضل من العام الماضي، لافتة أن الإقبال ملحوظ والأسعار تتناسب مع كل الفئات، معتبرة أن زينة رمضان في المنازل باتت كـ"Trend" التي يود الجميع أن يلاحقها.

وجهتنا الآن نحو الجهات المختصة

عباس: لم نشهد حتى الساعة إرتفاع ملفت في الأسعار.. والجودة بنفس أهمية السعر

تقوم وزارة الإقتصاد والتجارة يومياً بجولات تفقدية في الأسواق بهدف ضبط أي محاولة للإحتكار أو تلاعب في الجودة. من هذا المنطلق كان لـ"الإقتصاد" مقابلة مع المديرة العامة لوزارة الإقتصاد عليا عباس التي لفتت إلى أن المراقبة دائمة سواء في شهر رمضان أو غيره، إلا أن التركيز في رمضان ينصب أكثر على السلع الغذائية. وكشفت أن مهمة الوزارة لا تنحصر بمراقبة الأسعار فقط بل الجودة أيضاً، فقد يستغل بعض التجار الظروف ليعرضوا منتجات ذات جودة منخفضة أو فاسدة.

وأكدت عباس أن الوزارة لم تلحظ حتى الساعة أي إرتفاع ملفت، وذلك ليس فقط يفضل جهود الوزارة إنما أيضاً بسبب تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين.

ولفتت إلا أن إرتفاع أسعار بعض السلع قد يكون مبرراً فعلى سبيل المثال إرتفع مؤخراً سعر الملوخية وورق العنب وذلك بسبب أنها في أول موسمها وهذا أمر طبيعي.

ونصحت المستهلكين للإنتباه لفرق السعر بين المناطق المختلفة مؤكدة أنه حتى الآن الأسعار مقبولة.

وكشفت عباس أن الوزراة فور إنتهاء الأسبوع الأول من شهر رمضان ستقوم بدراسة بهدف مقارنة الأسعار مع العام الماضي.

جمعية حماية ​المستهلك​​​: "الإقتصاد الحر" مصطلح يستخدمه بعض المحتكرين لتبرير أعمالهم

كشفت مسؤولة قسم مراقبة سلامة الغذاء في "​​جمعية حماية ​المستهلك​​​" ندى نعمة في حديث ل"الإقتصاد" أن الجمعية تقوم بجولات دائمة على السوق، وقد لاحظت إرتفاع الأسعار في الأسبوع الأول من شهر رمضان. لافتة أن هذا الأمر طبيعي بحيث كل أول أسبوع ترتفع فيه الإسعار لأن الإقتصاد اللبناني حرّ، وللأسف بعض التجار تستغل هذه الظروف للإحتكار.

وكشفت نعمة أن أسعار الفواكه والخضروات الورقية وغيرها إرتفعت بشكل ملحوظ إلا أن أسعار اللحوم والدواجن لم ترتفع.

وأضافت:" ننصح المواطنين بتقسيم زياراتهم للسوق على 4 أقسام عوضاً عن الشراء بكميات كبيرة، فبذلك تعود الأسعار لطبيعتها في الأسابيع القادمة." ونصحت المواطنين أيضا بإختيار المناطق التي يشترون منها بعناية، مؤكدة أن المصدر واحد، ولكن الأسعار تختلف بين منطقة وآخرى وتبقى الأسواق الشعبية الأوفر للمستهلك.

في الختام، قد يكون الفرق في الأسعار في شهر رمضان بسيطاً، ولكن هذا الفرق أمر نسبي يختلف بين أسرة وآخرى، لذا نتمنى من الأسر التبضع بشكل مسؤول، ونتمنى لهم رمضان مبارك غير "مكلف على الجيبة".