استضافت ندوة "​​حوار بيروت​"​ عبر أثير إذاعة ​لبنان​ الحر، من مقر الإذاعة - أدونيس، مع المعدة والمقدمة ​ريما خداج​، بعنوان "​الموازنة​ التقشفية بين خفض العجز والتحركات الشعبية الإعتراضية: أي تداعيات على الإقتصاد؟"، مدير مركز المشرق للدراسات الإستراتيجية د. ​سامي نادر​، ورئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين فؤاد رحمة.

بداية قال مدير مركز المشرق للدراسات الإستراتيجية د. سامي نادر "يبدو ان الكل مدرك خطورة المرحلة إذا ما نظرنا إلى التصريحات وإلى كلام الإعلام، لكن إذا ما نظرنا لما تم تحقيقه حتى الان، يصبح لدينا شكوك كبير جدا، خاصة انه الفريق الذي اوصل البلد وإقتصاده إلى هذه المرحلة، هو نفسه الذي يدعي بانه يسعى لإنقاذه. فالوقت الذي إحتجناه لتشكيل حكومة، ثم الوقت الذي إستغرقته الحكومة لمناقشة البيان الوزاري لا يدب على ان هناك نية حقيقية للعمل، واليوم نرى الوقت الطويل الذي تستغرقه مناقشه الموازنة، فنحن الان في الشهر الخامس من العام 2019، ولم نقفل حسابات العام الماضي بعد!".

وتابع "مسودة الموازنة المطروحة ما دون الطموحات وما دون التحديات المقبلة، فهذه نسخة شبيهة جدا بموازنة 2018، وإذا نظرنا إلى مجموع النفقات في موازنة 2018 فنجد انه بحدود الـ 26000 مليار ليرة، وفي 2019 الرقم المطروح هو نفسه، فأين حصر النفقات الذي يتحدثون عنه؟ البقاء على سقف النفقات ذاته، وإيهام الناس بزيادة الإيرادات من خلال الضرائب، لا ينفع ولا يمكننا ان نصدقه.

وفي سؤال للزميلة خداج عن إقرار خفض 50% من رواتب الوزراء والنواب والمسؤولين، وعما إذا كان هذا الإجراء يدل على جدية من قبل الحكومة خاصة انه الأول من نوعه، قال نادر، "قد يكون هذ الإجراء جيد، ولكن المشكلة الحقيقية هي ليست برواتب القطاع العام، بل في حجم هذا القطاع وأعداد العاملين فيه (350 ألف) مما يشكل 10% من الشعب، وهذا عدد كبير جدا، ويشكل عبء كبير على الدولة".

وقال "المعالجات الآنية لم تعد تنفع، فنحن بحاجة لموازنة تحتوي على مشروع لـ 5 سنوات هدفها الأساسي خفض عدد العاملين في القطاع العام. فالموازنة يجب ان تكون إقتصادية، وليس موازنة نظام محاصصة".

وإعتبر أن "صراع الحصص الذي رأيناه خلال تشكيل الحكومة، إنتقل إلى الموازنة حيث نرى صراع على النفقات العامة. المنطق الحالي لن يتغير إلا عندما نضع موازنة في خدمة الإقتصاد، وان تترجم هذه الموازنة خطة ورؤية إقتصادية. ولن نتمكن من رفع النمو دون ضبط العجز".

واكمل "منذ 2014 حتى اليوم زاد إقتصادنا 4 مليارات دولار فقط، في حين ان العجز زاد 20 مليار دولار، وبذلك نحن نقوم بتدمير الثروة، بدلا من بناء ثروة".

بدوره قال رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين فؤاد رحمة "يجب ان نقوم بوصف المشكلة بدقة، فالكل اليوم يعرف مكامن الخلل واماكن وجود الهدر، والخلاص لا ياتي في عملية حسابية، ولا يمكن حل الموضوع إلا برفع نسب النمو للإقتصاد. ولكي نتمكن من ذلك يجب أن تتوفر عدة عوامل".

وقال "لماذا تباطأ النمو منذ العام 2011؟ صحيح ان هناك عوامل خارجية ومشاكل إقليمية، ولكن السبب الأساسي هو أن البنى التحتية في لبنان التي لم تعد قادرة على الإستيعاب، فلبنان لم يقدر مثلا على إستيعاب الشركات السورية بعد التي خرجت من سوريا، لذلك ذهبت بمعظمها إلى مصر وتركيا. فالبنى التحتية اللبنانية (الكهرباء المطار المرافىء) لم تعد تحتمل نمو إقتصادنا، لأننا لم نضع أي إستثمارات فيها منذ إنشائها في التسعينيات".

وإعتبر أن "تطوير البنى التحتية يحتاج إلى قرار جدي، وإلى اموال. ولحسن حظنا وُجِد سيدر، الذي تعهد بإعطائنا الاموال، ولكن بشروط، فلا يمكن وضع أموال في إناءٍ مخروم. لذلك طلبوا منا العمل على خفض العجز".

ولفت إلى أن "الإقتصاد اللبناني قادر على زيادة حجمه، فلبنان ليس بلد معدوم بل بلد منهوب، والدولة اللبنانية غنية، فليس هناك دولة في العالم تملك قطاع الإتصالات بأكمله، وكل المرافىء، والكازينو، وألاف الكيلومترات من الأراضي. المشكلة بإدارتنا السيئة التي تراكمت على مدى سنوات، والسبب هو الطائفية الزبائنية".