نظمت كلية الحقوق والعلوم السياسية في ​جامعة الروح القدس​- الكسليك مؤتمرها الدولي الثالث حول القانون التجاري بعنوان "قانون الأسواق المالية"، بحضور نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الأب طلال هاشم، رئيس جمعية المصارف ورئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد اللبناني د. ​جوزيف طربيه​، عميد كلية الحقوق في جامعة الروح القدس- الكسليك د. إيريك سافو، العميدة المشاركة في الكلية د. غادة كرم، القاضي غابي شاهين، إضافة إلى حشد من القضاة والمحامين والأساتذة والطلاب...

وافتتح المؤتمر بكلمة للقاضي غابي شاهين الذي نوّه بدور "المشترع اللبناني، الذي انتهج زخم ​مصرف لبنان​، وعمد إلى وضع عدد من القوانين التجارية والمالية خلال العقديين الماضيين. وإنّ العدد الكبير لهذه القوانين من شأنها أن تُدخل على نظامنا القانوني هيكلية جديدة للأسواق المالية تكون على رأسها هيئة الأسواق المالية... إلاّ أنّ هذه القوانين المالية تبقى غير معروفة من قبل المجتمع اللبناني، وحتى مجتمع رجال القانون والأعمال. وفي ظل هذه الفترة من الركود، نعلّق آمالنا الاقتصادية على هذه القوانين. لذا، جاء هذا المؤتمر لتسليط الضوء على هذه القوانين واستكمالاً للدراسة التي بدأت قبل سنتين في إطار الذكرى الخامسة والسبعون لصدور القانون التجاري اللبناني".

 

ثم ألقى سافو كلمة أكّد فيها أنّ "الجامعة تعمل، منذ القدم، على تعزيز القيم الإنسانية، الأمر الذي دفع بكليّتنا إلى دراسة مسائل تُعنى بكرامة الإنسان وحقوقه الأساسية ومسؤوليته الفردية والاجتماعية... وبما أنّه من الضروري أن تحكم هذه القيم مختلف أنشطة الإنسان، عمدت الجامعة عبر مشروعها التربوي والعلمي إلى الاهتمام بكل أوجه حياة الإنسان في المجتمع. ومن هذا المنطلق، جاء اهتمامنا بالمستقبل المهني لطلابنا".

وعن موضوع المؤتمر، اعتبر سافو أنّه "بالرغم من أنّ الأسواق المالية لا تتمتّع بسمعة حسنة، إلا أنها تحتوي على أدوات أساسية لدعم التمويل ونشاط الشركات وتلبية حاجات الأفراد، وإنّ أمانها والثقة التي تولّدها تبقى أساسية لتطور الاقتصاد. وتسعى التشريعات الحديثة إلى ضمان الأسواق المالية، وتحديداً من خلال سن تشريع مهم يحمي المستهلك المالي".

وختامًا كانت كلمة لرئيس جمعية المصارف ورئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد اللبناني د. جوزيف طربيه الذي شدد على "أهمية الموضوع المطروح بالنسبة إلى لبنان واقتصاده، لاسيما وأنّ القطاع المصرفي في لبنان هو مصدر التمويل الأساسي، لا بل الوحيد، للاقتصاد اللبناني في قطاعيه العام والخاص. في حين يبقى التمويل الصادر من السوق المالي خجولاً لجهة القيمة السوقية للأسهم المتداولة، من جهة، والإصدارات الأولية للأسهم والسندات في السوق، من جهة ثانية. وإنّ هذا الخلل الذي يميّز بنية تمويل الاقتصاد يشكّل إحدى نقاط الضعف الأساسية لاقتصاد البلدان الناشئة في حين أنّ التمويل السليم لأي اقتصاد يرتكز على بنية أكثر توازناً تقوم بدورها على ركيزتين، هما السوق المالي والمصارف".

وأضاف: "تشير الإحصاءات إلى تمركز بنية التمويل في القطاع المصرفي، الأمر الذي أدى إلى إصدار قانون إنشاء هيئة الأسواق المالية في العام 2011 كهيئة تنظيمية رسمية لإدارة ومراقبة بورصة بيروت والأسواق المالية، وتطوير عدد من القوانين والأنظمة التي تنظم إنشاء الشركات في لبنان ورسملتها وإدارتها وإدراجها في البورصة. ويكمن هدف الهيئة في: أولاً، تشجيع وتطوير الأسواق المالية بالتعاون مع مختلف القطاعات المعنية؛ ثانياً، حماية الادخار الموضوع في الأدوات المالية. ولتحقيق أغراضها المرجوة، تتعاون الهيئة وتنسق مع نظيراتها ومع المصرف المركزي وكل جهة معنية في لبنان والخارج. ومن مهامها نذكر: حماية المستثمر وتنظيم الأنشطة المهنية، تنظيم الأسواق وتقليص المخاطر المنهجية، المراقبة القضائية، تنظيم البورصة ومراقبتها... هذا وتضع الهيئة جملة من الأنظمة وفق المعايير الدولية، بغية ضمان حسن سير الأسواق المالية وتشجيع المستثمرين المحليين والدوليين على الاستثمار في الأدوات المالية".

وختم بالقول: "بالرغم من الإنجازات التي حققتها الهيئة خلال وقت قصير، يبقى التشريع غير كافٍ لضمان عمل الأسواق المالية بفاعلية تامة. ويعود ذلك إلى عدد من العوائق، وهي: الأعراف والثقافة المالية عند الأفراد والمؤسسات، حيث إنّ غالبية الشركات اللبنانية هي عائلية وبالتالي تبقى غير منفتحة على الخارج، كما أنّ اللبنانيين معتادون على ادخار أموالهم على شكل ودائع مصرفية...؛ عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي ونقص الحماسة والتحضير لدى الشركات؛ أسباب ثقافية، وهنا يبرز دور المؤسسات الأكاديمية في توعية الرأي العام والمستثمرين على أهمية المشاركة في الأسواق المالية نظراً إلى تأثيرها الإيجابي في تطوير الشركات ونموها واستدامتها. وختاماً، قد ساعد إطلاق البورصة الإلكترونية وخصخصة بورصة بيروت على تطوير الاقتصاد الرقمي وخلق فرص جديدة للمستثمرين اللبنانيين والعرب والأجانب..."

ثم عُقدت جلسات جمعت نخبة من المتخصصين في قطاع التعليم والأبحاث والأعمال والاقتصاد والقانون والحقوق من لبنان وفرنسا للبحث في محورين أساسيين، هما: قانون الأسواق المالية اللبناني الجديد: الغاية والوسائل؛ قانون الأسواق المالية: التجارب اللبنانية والأجنبية.