بعد فترة الاعياد وقبل الدخول في شهر رمضان ، مرحلة تهديد ووعيد بالاحتكام الى الشارع رفضاً لابواب ​الموازنة​ ام التزام بموقف مهادنة ؟

على وقع التصاريح والاطلالات المكثفة في كل وسائل الاعلام و مواقع التواصل الاجتماعي ، كل الاحتمالات واردة، سيما و ان بعض التطمينات الصادرة عن المسؤولين لم ينجح في إطفاء النار تحت الرماد ؛ فالمواطن العامل، الموظف ، المتعاقد، المتقاعد ، العسكري والمدني ، الاستاذ والطالب له خبرة طويلة في حنكة المسؤولين في طمس حقائق الامور وفي براعتهم في كيفية فرض الرسوم والضرائب بحجة لجم تصاعد الدين العام ، وتمويل العجز وإبعاد شبح الإفلاس عن الدولة .

حتى تاريخه ، كشف النقاب عن سلسلة تدابير ستلحظها موازنة 2019 وسيتم اللجوء اليها وطرحها على طاولة النقاش الذي سيكون بنفس حدة المواقف السياسية التي لم توفر اي جهة وقد بلغت السقف العالي للتجريح القاسي.

على وتيرة النبرات المسجلة لدى المسؤولين في الآونة الاخيرة ، يبدو ان الشارع على موعد مع اكثر من جهة مطالبة بالمحافظة على حقوق ستنتزع هذه المرة بعدما كانت تتم لصالح حقوق لم تعطى .

القرارات التي ستتخذ في موازنة 2019 ستكون موجعة وقاسية. الا انه لا يمكن التحدث عن موازنة انقلابية تنتج الحلول بكبسة زر، ولكن بالتأكيد عن موازنة تضعنا على خط الاصلاح المالي الحقيقي كما يقول وزير المال علي حسن خليل.

ويقول ايضا الوزير خليل : " وضعنا رزمة تخفيضات لا تطال الاستقرار العام ولكنها بالتأكيد تحدث فرقاً على مستوى تخفيض العجز، وهذا أمر أعد به ولا تراجع عنه، وأعتقد أن كل القوى السياسية اليوم تجمع عليه. ولكن علينا ان نكمّل مسألة التخفيضات بمجموعة من الإجراءات الحقيقية التي تؤمّن ديمومة لهذا التخفيض في الإنفاق، وعلى رأس هذا الأمر مسألة التوظيف".

وزير الاقتصاد ​منصور بطيش​ يقول : "إن سياسة رفع أسعار الفائدة والهندسات المالية هي من الأسباب البارزة لرفع كلفة تمويل الدولة والاقتصاد، وبالتالي، لا يمكن تصّور إصلاح جدي للمالية العامة، لا يتضمن إصلاحا موازياً للسياسة النقدية، وكذلك إصلاحاً لسياسات الدعم والحوافز، لجعلها أكثر استجابة للنهوض بالإنتاج والخدمات ذات القيمة المضافة العالية".

مقترحات عاجلة

وقدّم بطيش مقترحات لإجراءات عاجلة أبرزها:

- مكافحة التهرّب الضريبي وتحسين الجباية، سواء لجهة من يصرحون جزئيا أو المكتومين. وهناك اقتراحات عملية في هذا المجال، فحجم التهرب الضريبي في لبنان يوازي تقريبا عجز الكهرباء، ويطال ضرائب على الدخل والأملاك المبنية والرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة.

- إحداث صدمة إيجابية بما يمكن أن نسميه "تحسين إدارة الدين العام" ترمي إلى تخفيض كلفته، بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان، استنادا إلى المواد 70، 71 و72 من قانون النقد والتسليف، مع الإشارة إلى أن تخفيض 1 في المئة من معدل الفائدة، يؤدي إلى خفض الإنفاق العام بحوالى 900 مليون دولار للعام الحالي. وهناك أفكار عدة لإجراء مثل هذا التخفيض، سبق وتم التداول بها مع وزير المالية وحاكم مصرف لبنان ووافقا عليها. وفي هذا السياق، يجب إعادة النظر بالسياسات والأدوات التي يستعملها مصرف لبنان، مع الالتزام التام بسياسة استقرار أسعار الصرف ولجم التضخم.

- إعادة النظر بالقروض المدعومة وبآلياتها المعتمدة. فليس مقبولا أن يتم استغلال بعض هذه القروض بعيداً عن "روحيتها" من جهة، وبعيداً عن أهدافها الاقتصادية المحددة من جهة ثانية. فقيمة القروض المدعومة تبلغ 15 مليار دولار للسكن ولقطاعات الانتاج، ناهيك عن حوافز إيدال. وبالتالي، يجب أن تذهب القروض لمستحقيها فقط من ذوي الدخل المحدود، كما للنشاطات الإنتاجية المولدة لفرص العمل للبنانيين، والتي تخلق قيمة مضافة عالية في الاقتصاد. لا يجوز أن يبقى الدعم مشتتاً واستنسابياً، ولا يجوز أيضا أن يبقى من الأسرار، خلافا للأصول التي ينص عليها قانون المحاسبة العمومية.

- التركيز على زيادة الإنتاج والتصدير والتخفيف من الإستيراد. هذا يتطلب قرارات جريئة وتشريعات مسؤولة. والتنسيق قائم بين وزارته وبين وزير الصناعة في هذا المجال".

تعتبر مصادر اقتصادية ان الحل للازمة الاقتصادية ووقف تنامي الدين العام ليس فقط في فرض الضرائب كما يتم التهويل له . وانما هناك معالجات أخرى يجب اللجوء اليها . فالمشكلة الكبرى في الكهرباء ، في حجم الانفاق الهائل وفي انفلاش الهدر والفساد .

وتقول المصاد نفسها " للاقتصاد" : الجميع يدرك مكامن الهدر والانفاق الكبير غير المجدي، كما يعرف جيداً زواريب المال المنهوب والصفقات المشبوهة وزعماء التهرّب الضريبي فلماذا لا تتم المباشرة بلجم هذه التجاوزات؟

بالامس القريب ، اعلنت جمعيات التجار في اجتماع طارئ عن إقفال 187 محل تجاري في العاصمة خلال سنة ونصف . و القطاع التجاري برمـّته مرشـّح للدخول في دائرة الخطر، بعد إنخفاض رقم أعماله المجمـّـع بنسبة تفوق الـ 40% منذ نهاية عام 2011، وفقاً لنتائج مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسبنك لتجارة التجزئة.

وخلال الخلوة الصناعية التي كشفت عن العراقيل المدمرة للقطاع ، لفت الحاضرون الى ان القطاع الصناعي هو جزء من حل للازمة الاقتصادية التي نعاني منها اليوم، لذا على الدولة ان تدعم التصدير لأنه كفيل بإدخال عملات اجنبية، ولأن الإنتاج كفيل بتوفير فرص العمل لشبابنا.

وذكر رئيس جمعية الصناعيين ان كل من مؤتمر سيدر وخطة ماكينزي لحظا بأن الصناعة الوطنية تشكل جزءاً من الحل.. فلنبدأ بتطبيقهما فوراً.

وقال :" الحرب علينا من كل حدبٍ وصوب ومن كل الاتجاهات من الداخل والخارج، منافسة غير مشروعة، إغراق، مؤسسات غير شرعية تنبت كالفطر، تهريب عبر معابر برية وبحرية مشرعة، ناهيك عن التهريب "المقونن"..

منذ اسبوعين ملف الكهرباء كان الطبق الرئيسي على طاولة مجلس الوزراء واليوم مشروع قانون الموازنة وبين المسألتين صراع مواقف متشجنّة .

الايام المقبلة مليئة بالمفاجآت وبالتحركات تحت رقابة البنك الدولي وصندوق النقد الذين يصران على إجراء الاصلاحات ولجم الدين العام قبل التصرف باي اموال وقروض مخصصة للبنان فهل سيتم اجتياز المرحلة بأمان ؟