أعلن ​البيت الأبيض​ بداية الأسبوع الجاري أن الرئيس الأميركي ​​دونالد ترامب​​ قرر عدم تمديد الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول من العقوبات المفروضة على ​​إيران​​ إعتباراً من شهر أيار المقبل، مشيراً إلى أن القرار يستهدف وقف صادرات نفط إيران تماماً مع حرمان النظام من دخله الرئيسي.

وأشار ترامب إلى أن واشنطن وأبوظبي والرياض اتفقت على التحرك لتلبية حاجات السوق، مؤكداً أن ​الولايات المتحدة​ وحلفاؤها سيبذلون أقصى ضغط إقتصادي ممكن على إيران.

من جهته، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده ستواصل بيع نفطها وأنها ستجد مشترين. كما أعلنت مساعدة ​ رئيس الجمهورية الإيرانية في الشؤون الحقوقية والقانونية لعيا جنيدي انه تم رفع الاجراءات التي يمكن من خلالها مواجهة الاجراء الاميركي عبر الحقوق والقوانين الدولية الى الرئيس ​حسن روحاني​.

وبانتظار التطورات في هذا الملف، ما هي الإجراءات المتوقع أن تتخذها إيران؟ الى أين ستتجه أسعار ​النفط​ العالمية في ظل حالة عدم اليقين هذه؟ وكيف سيتأثر الإقتصاد اللبناني بتغير أسعار النفط؟

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عنها الخبير الإقتصادي د. ​كامل وزنة​، في مقابلة خاصة مع "الإقتصاد":

بدايةً، ما هي الإجراءات التي يمكن لإيران اتخاذها لمواجهة الإجراء الأميركي اليوم؟

بدايةً، هناك كباش كبير في منطقة الخليج على تصدير النفط الإيراني وإذا وصل هذا الكباش إلى مرحلة المواجهة العسكرية، أي التوتر الأمني، قد يؤدي إلى وصول أسعار النفط الى ما فوق الـ100 دولار وهو ما لن يقبل به الأميركيون ولا أي طرف اقتصادي آخر في العالم باعتبار أن الأسعار المنخفضة للنفط تساعد على النمو.

التهديدات موجودة من الطرفين: الإيراني والأميركي، ولكن باعتقادي أن الأمور إذا سارت بعكس ما يجب قد تؤدي الى مواجهة عسكرية ينتج عنها دفع المنطقة ثمن غير ضروري ودفع الإقتصاد إلى ما لا يجب أن يصل إليه.

هناك دول لن تلتزم بالقرار الأميركي طبعاً، لأن المرجعية الاساسية أي الأمم المتحدة لم تتخذ قراراً بمنع تصدير النفط الإيراني، بالإضافة الى أن روسيا والإتحاد الأوروبي والهند وتركيا لازالت على استعداد لشراء النفط الإيراني.

أعتقد أنه لا يمكن التكهن بكيفية المواجهة، لكن يمكن التكهن بأن هذه القرار سيؤدي الى أمور لا يريدها الرئيس الأميركي ولا العالم.

وأود الإشارة هنا إلى أن نافذة للتفاوض فُتحت في مكان آخر، حيث تجري في هذه الفترة مفاوضات إيرانية أميركية في نيويورك للبحث في إطلاق سراح سجناء أميركيين وإيرانيين، الأمر الذي قد يشكّل بداية حوار.

برأيك كيف ستواجه الدول الآسيوية قرار ترامب الأخير، وخاصّةً ​الصين​؟

حتى الآن، موقف الصين هو الأصعب، فهي تريد أن تبقي العلاقات مع الولايات المتحد جيدة (وهي ترزح أساساً تحت وطأة العقوبات الأميركية) لكنها أيضاً لا تريد أن يتم الإستفراد بالقرارات الدولية حتى لا تصل إليها المزيد من العقوبات. هي عملية ديبلوماسية صعبة، لكن أعتقد أن المصالح النفطية وخاصّةً من إيران، ربما تخدم مصالح الصين الإستراتيجية في تدفّق النفط من أماكن عديدة في العالم تلبيةً لحاجاتها اليومية.

ولكن ماذا عن الميزة التنافسية التي يشكلها سعر النفط الإيراني بالنسبة للصين، الأمر الذي يعود لكلفة النقل المنخفضة، هل هناك بديل لذلك؟

دائماً ما يكون هناك أسواق وأسعار أخرى غير تلك الموجودة على البورصة العالمية.

في الوقت الذي أكدت فيه الإمارات والسعودية أنها ستعوّض الإنتاج الإيراني من النفط، ما هي توقعاتك للأسعار في السوق العالمية خلال المرحلة المقبلة؟

في حال عدم اللجوء للمواجهة العسكرية، ستبقى الأسعار عند مستوى الـ70 دولار للبرميل.

اليوم، هناك مشاكل في تصدير النفط في العديد من الدول كفنزويلا وليبيا والجزائر، وهذا أمر مزعج بالنسبة لفريق ترامب الإقتصادي الذي يعلم أن ارتفاع سعر النفط هو عامل سلبي بالنسبة للنمو الإقتصادي.

في هذه الحال، ستكون الولايات المتحدة مصدر الصرخة الأولى في وجه ارتفاع أسعار النفط.

وفي النهاية، نأمل أن تأخذ الديبلوماسية مجراها لأنها دائماً ما تكون الحل الأمثل لأي مشكلة.

كيف سيتأثر لبنان في هذه المرحلة من عدم اليقين تجاه أسعار النفط ؟

طبعاً، هذه التغيرات المتعلقة بأسعار النفط تنعكس سلباً على الإقتصاد اللبناني غير القادر على التحمل.