مع عبور خطة ​الكهرباء​ الحكومية مجلس النواب في الجلسة التشريعية الاخيرة (الاربعاء 17 نيسان 2019 ) ، ومع اعلان وزيرة ​الطاقة​ و​المياه​ ​ندى بستاني​ بدء العمل على التنفيذ يبدو ان خطة الكهرباء ستنطلق بقوة مدعومة بتوافق سياسي سيطيح اي عراقيل محتملة.

الخطة مدعومة من اربع قوى سياسية رئيسية هي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل و​حزب الله​ وحركة امل ، وتواجه معارضات محدودة لا تمس الجوهر، بل آليات التنفيذ ، من قبل اللقاء الديمقراطي والقوات ال​لبنان​ية من القوى الرئيسية ، وحزب الكتائب وبعض المستقلين.

العقبة​ الاخيرة امام تمرير الخطة كانت في المجلس النيابي تتمثل بامرين، الأول ، تمديد القانون 288 بما يسمح بتخطي تنفيذ القانون 462 ويحيل صلاحيات الهيئة الناظمة للكهرباء على ​مجلس الوزراء​ لثلاث سنوات . والثاني وضع آلية خاصة لتلزيم مشاريع بناء المعامل على أساس عقود ​التصميم​ والتمويل والإنتاج والتشغيل، ثم التسليم للدولة (BOT) .

ورغم بعض الاعتراضات النيابية، اكدت الوزيرة بستاني انه لم يحصل أي تعديل على القانون والتوصيات وضعها مجلس الوزراء، ولدينا مهلة 3 أشهر لدراستها، معتبرةً ان ما حصل ايجابي جداً لخطة الكهرباء، ولافتة الى انه أقر مشروع القانون لتمديد العمل بالقانون 288 من دون اي تعديل.

الاعتراضات النيابية اعتبرت أن الخطة الحكومية تفرّغ قانون الكهرباء من مضمونه، وتلغي إمكانية تشكيل الهيئة المنظمة للقطاع، وتخالف قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتطلق يد الوزارة للتحكم بقطاع الكهرباء.

سارعت بستاني للرد بالقول : لقد طلبنا أن يواكبنا استشاري فنّي دولي ومكاتب ​محاماة​ عالمية ، اما بالنسبة لدفاتر الشروط فانها لم تنفذ بعد، وعند اتمامها سننشرها في الجريدة الرسمية وعلى موقع الوزارة الالكتروني، وعندها يتبين ان كان تم تفصيلها على قياس شركة معينة.

وبالنسبة لتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء الذي سيتولى مجلس الوزراء صلاحياتها لمدة ثلاث سنوات ، فقد اكدت بستاني انه سيتم بعد تعديل القانون 462 .

هذه النقطة بتحديدا اثارت نقاشا واسعا في المجلس النيابي حسمه رئيس المجلس ​نبيه بري​ بامرين أساسين: الأول توصية من المجلس النيابي إلى الحكومة لإرسال مشروع قانون إلى المجلس النيابي لتعديل القانون 462 وتعيين مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء خلال ثلاثة أشهر. والثاني، تثبيت دور ​إدارة المناقصات​ في تنفيذ المناقصة، من خلال عرض بري للمسار المفترض لها، والذي فصّله على النحو الآتي: إعداد وزارة الطاقة لدفتر الشروط. تحويله إلى إدارة المناقصات لإبداء ملاحظاتها عليه. نقل الدفتر والملاحظات، إذا وجدت، إلى مجلس الوزراء للبتّ في الخلاف وإقرار الدفتر بشكله النهائي. إطلاق إدارة المناقصات للمناقصة، بحسب دفتر الشروط الموافق عليه من السلطة التنفيذية.

هل انتهى النقاش فعلا ؟

مما يبدو ان السلطة التنفيذية المتمثلة في مجلس الوزراء متوافقة مع السلطة التشريعية في مجلس النواب على المضي بتنفيذ خطة الكهرباء ، ولكن الاعتراضات لن تنتهي سريعا ، فبعد اقرار قانون تمديد العمل بالقانون 288 اصبح بامكان المعترضين الطعن به امام المجلس الدستوري ، ومن ناحية ثانية فان بالامكان مراقبة تنفيذ الخطة في مسارها الشائك الذي رسم بري بعض ملامحه.

وزارة الطاقة بدأت بالفعل بوضع دفاتر الشروط تمهيدا لاطلاق مناقصات لتلزيم بناء معامل جديدة تدمج الموقت وبالدائم، بالاضافة الى تنفيذ اجراءات زيادة الانتاج في المعامل الحالية ، وقد نشرت الوزارة جدولا تفصيليا لمراحل تنفيذ الخطة يمتد حتى العام 2026 على النحو التالي:

العام الحالي 2019 :

البدء ببناء معمل دير عمار 2 BOT) ).

تحسين الجباية و​تقليص العجز​ المالي : تحصيل متأخرات المخيمات الفلسطينية (444 مليار ليرة ) ، والمؤسسات العامة ومصالح المياه (1820 مليار ليرة) .

تركيب العدادات الذكية لتقليص الهدر الفني وغير الفني وانشاء مركز التحكم في ​مؤسسة كهرباء لبنان​ .

العام 2020 :

وضع 1450 ميغاوات من الطاقة الاضافية الموقتة على الشبكة في مواقع مختلفة ، بواقع : دير عمار 450 ، الزهراني 600 ، الذوق 100 ، ​الجية​ 200 ، بنت ​جبيل​ 50 ، جب جنين 50 .

وضع 180 ميغاوات من الطاقة الشمسية على الشبكة .

وضع 220 ميغاوات من طاقة الرياح على الشبكة .

فصل معمل الحريشة الحرايري عن الشبكة وانشاء معمل جديد مكانه.

العام 2021 :

وضع 360 ميغاوات على الشبكة من معمل دير عمار 2 .

تنفيذ مخطط تغويز ​الغاز​ المسيل في دير عمار وسلعاتا والزهراني.

العام 2022 :

خروج 370 ميغاوات تنتجها البواخر الحالية عن الشبكة .

وضع 550 ميغاوات من معمل دير عمار 2 على الشبكة .

وضع 360 ميغاوات من معمل الزهراني 2 على الشبكة .

وضع 360 ميغاوات من معمل سلعاتا على الشبكة .

فصل معملي الذوق والجيةعن الشبكة تحضيرا لاستبدالهما بمعملين جديدين (على الغاز ).

وضع 300 ميغاوات من الطاقة الشمسية على الشبكة مع امكانية تخزين 210 ميغاوات.

العام 2023 :

وضع 550 ميغاوات من معملي الزهراني على الشبكة.

وضع 550 ميغاوات من معملي سلعاتا.

وضع 400 ميغاوات من طاقة الرياح على الشبكة.

العام 2024 :

وضع 360 ميغاوات من ​معمل الذوق​ الجديد على الشبكة.

وضع معمل الحريشة الحراري الجديد على الشبكة بقدرة 300 ميغاوات.

العام 2025 :

وضع ​معمل الجية​ الجديد في الخدمة بقدرة 360 ميغاوات.

خروج كامل الـ 1450 ميغاوات من الطاقة الموقتة عن الشبكة.

وضع 550 ميغاوات من معمل الذوق الجديد على الشبكة.

العام 2026 :

وضع 550 ميغاوات من معمل الجية الجديد على الشبكة .

طموح كبير

هذه الخطة الجبارة تحتاج الى الكثير من الجهد لتنفيذها ، وتتطلب كما هائلا من الاجراءات التفصيلية الدقيقة لضمان حسن التطبيق وسرعته ، وكذلك جودته ، فهذا الجدول الزمني طموح للغاية ، ومن الصعب الالتزام به في بلد مثل لبنان ، اذا استمرت طريقة التعاطي السابقة ، اي اخضاع اي مشروع او تلزيم لمنطق المحاصصة ، مع ما يجره من منكافات بين اهل السلطة انفسهم. واذا تعرقل لاحقا انشاء الهيئة الناظمة ، فان مجلس الوزراء هو الذي سيشرف على التنفيذ ، فالخشية ستكون وقوع خلاف سياسي بين مكوناته عند كل مرحلة من مراحل التنفيذ ، وكلنا نذكر كيف عطلت هكذا خلافات مشروع دير عمار 2 لسبع سنوات كاملة.

اقرار خطة الكهرباء حكوميا ونيابيا ، وكذلك وضع برنامجها الزمني ، أمر مهم . ولكن الاهم هو توفر الارادة السياسية الجامعة للتنفيذ على أحسن وجه.