منح ​الاتحاد الاوروبي​ ​بريطانيا​ فرصة جديدة للخروج واتمام عملية "البريكسيت" حيث تم الاتفاق بين الطرفين على تمديد مرن لعملية الخروج من الاتحاد حتى 31 تشرين الأول المقبل اي تمديد 6 اشهر ، ويظهر هذا القرار اصرار كل من المملكة المتّحدة وشركاؤها الـ27 في الاتّحاد على تجنّب التداعيات المؤذية لانفصالٍ من دون اتّفاق بعد أكثر من أربعين عاماً على إقامة الاتّحاد الأوروبي، كما عبر القادة الاوروبين عن استيائهم جرّاء مماطلات ​لندن​، بعدما رفض النوّاب البريطانيّون ثلاث مرات اتّفاق الانسحاب الذي توصّلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي.

وعانت الشركات العاملة في بريطانيا كثيرا من حالة المد والجزر في ما يتعلق بـ"البريكست" وعدم اليقين بشأن الخروج من الاتحاد الاوروبي وما تخبئه الايام المقبلة في هذا الملف، والذي قيد الشركات والقطاع المالي ليس فقط في بريطانيا بل في الاتحاد ككل وعلقت القرارات المالية بشأن ​التوظيف​ والتوسع والاستثمار الى حين ايضاح الرؤية.

ولعل تأجيل ​خروج بريطانيا​ من الاتحاد الأوروبي، في اللحظة الأخيرة، يزيل فرضية التهديد بانفصال مدمر من دون اتفاق ، لكنه يعني أيضًا استمرار الضبابية في المشهد الاوروبي والحيرة لدى الشركات في ما يتعلق بقراراتها الاستثمارية وإحباطها من هذه العملية السياسية التي تبدو بلا نهاية، حيث اضطرت الشركات إلى إنفاق مبالغ كبيرة على الاستعدادات لانفصال دون اتفاق، ما يعني حواجز تجارية جديدة وتأخيرات كبيرة في المعابر الحدودية، كما قامت بعض المؤسسات بتخزين منتجاتهم في ​المملكة المتحدة​ واجبرت مصانع السيارات على الاغلاق ففقدت الوظائف، كما طال تأثير ضغوط الانفصال الرحلات الجوية في ​اوروبا​ فبدت علامات الاجهاد واضحة على الاسواق.

وعانى ​الاقتصاد البريطاني​ من حالة ركود في السنوات الاخيرة بسبب استمرار الارتباك حول "البريكسيت" والذي عبر عنه ضعف قطاع ​العقارات​ وتراجع إنتاج السيارات وانخفاض الاستثمار وتشاؤم المديرين التنفيذيين، حيث لم يكن سوق العمل و​الإنفاق​ الاستهلاكي قويان بما فيه الكفاية لمنع ​تباطؤ النمو​، الذي لم يتخطى نسبة 0.3 % في الأشهر الثلاثة المُنتهية في شباط.

كما تراجعت ​الاستثمارات​ التجارية تحت ضغط الانفصال بنسبة 0.9% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2018، وهي أول مرة ينخفض فيها الاستثمار لـ4 أرباع متتالية منذ ​الأزمة المالية العالمية​، وتشير الاستطلاعات إلى أن الاستثمار تلقى ضربة أخرى في الربع الأول من هذا العام.

وفي هذا الاطار ولمعرفة اثر تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي على اقتصاد المملكة وعلى الاسواق بشكل عام كان لموقع "الاقتصاد" حوارا خاصا مع المحلل المالي ومدير التدريب والتطوير في شركة "أمانة كابيتال" في ​دبي​ الاستاذ وليد الحلو.

كما تم التطرق الى اسباب ​ارتفاع اسعار​ ​النفط​ بالشكل الكبير في الاونة الاخيرة وتوقعاته للاسواق في الفترة المقبلة .

الحلو: تأجيل الـ"بريكسيت" 6 اشهر انعكس ارتياحا على الاسواق وبدد المخاوف من فرضية الخروج من دون اتفاق مع الاتحاد الاوروبي

بداية ومع تأجيل خروج بريطانيا 6 اشهراضافية من الاتحاد الاوروبي ماذا يعني هذا القرار ؟

ان الجانب الايجابي لهذا القرار هو ان الاسواق تأكدت من نية الطرفين التوصل الى اتفاق، وخاصة الاتحاد الاوروبي الذي نفذ صبره من الذي يحدث في ​مجلس النواب​ واصراره على ان هذه الخطة هي الوحيدة المتاحة لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي .

اما لهذا القرار امور سلبية حيث ان هناك جوانب اقتصادية كثيرة وخاصة من ناحية ​السياسة النقدية​ التي هي بحاجة الى ان تكون مبنية على ارضية واضحة وهي خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي او حتى بقائها، ولذلك يعتبر اكثر المتضررين من هذا الموضوع هوالشركات وصناع السياسة النقدية في ​المركزي البريطاني​ الذين هم بحاجة الى التحرك في السياسة النقدية وخصوصا ان هناك ارقاما بدأنا ملاحظتها منذ عملية خروج بريطانيا حيث شهدنا تراجع و​انكماش​ وخاصة في القطاع الخدمي والذي يعتبر اشارة سلبية خاصة ان الاقتصاد البريطاني هو اقتصاد خدمي بامتياز .

وكيف ستؤثر حالة عدم اليقين في الفترة القادمة على الشركات وعلى القرارات الاستثمارية برايك؟

يمكننا القول ان استمرار حالة عدم اليقين التي تمر بها المملكة امتدت ايضا الى الاتحاد الاوروبي ككل، حيث ان كل الشركات باتت اليوم تحاول القيام بعملية استباقية للنتائج التي قد تبرز في حال تطورت الامور بصورة غير جيدة .

وان سيناريو خروج بريطانيا من دون اتفاق مرفوض من الجانب الاوروبي وكذلك من الجانب البريطاني ولكن ​آلية​ الخروج هي التي من شأنها ان تستغرق بعض الوقت، وما يحدث اليوم داخل بريطانيا وما بات يعرف بال"كروز بارتيز" اي محاولة المحافظين من استمالة المعارضة الموجودة سواء الانشقاقات في صفوف المحافظين او القيام بائتلافات مع العمال وبعض الاحزاب الموجودة .

والامر الذي من الممكن ان نشهده في هذه الشهور الستة الانتخابات المبكرة نظرا الى انه من الامور المتفق عليها ان تيريزا ماي لن تخض الانتخابات القادمة ولن تستمر حتى نهاية هذه الفترة ، لان بريطانيا ترى ان الاتفاق وفقا لاي من الصيغ المطروحة يستوجب وجود شخص اخر يستكمل المفاوضات .

كيف اثرت هذه الخطوة على الاسواق البريطانية والعالمية ؟

الاسواق العالمية​ والبريطانية تأثرت بصورة كبيرة من عملية تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وخاصة ان هذه الاسواق تمر بمجموعة من المخاطر ومنها الحرب التجارية بالاضافة الى تراجع الطلب العالمي وتراجع ​معدلات النمو​ وملف "البريكسيت" ما زال مفتوحا ولكن المخاوف من هذا الملف تراجعت بصورة كبيرة لكنها مازالت موجودة ولكن الامر الايجابي هو الارتياح في الاسواق فيما يتعلق بهذا الملف وهو الغاء فرضية "الخروج من دون اتفاق " باي شكل من الاشكال.

وبرايك ماذا تحمل الايام المقبلة للاقتصاد البريطاني وهل ستكون هذه المهلة هي النهائية ويطوى ملف "البريكسيت"؟

اعتقد ان مهلة ال6 اشهر ليس كافية لاجراء عملية ثانية لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وهذ الخيار لا يحظى بشعبية كبيرة لكنه مطروح وتم التصويت عليه كواحد من افضل الخيارات، ولكن يمكننا القول ان ليس هناك ارضية قوية لهذا القرار داخل مجلس النواب تمكنه من المرور من المجلس كما ان عملية الخروج الثانية الاخيرة استغرقت اكثر من 40 اسبوع وهذه المرة ومن خلال المدة المطروحة والتي تمثل 24 اسبوع لن يكون هذا الوقت كاف للخروج .

وهذا اعتبره من السناريوهات المستبعدة والحالة الوحيدة الذي يتم الحديث عنها هي ان مجلس النواب يلغي المادة 50 من "البريكسيت" ولكن هذا الاجراء دستوريا غير صحيح بان يقوم مجلس النواب بالغاء قرار وافق عليه الشعب حيث ان الراي الشعبي له الاولوية .

في سياق اخر ونظرة على الاسواق العالمية :

ما هي توقعاتك لاسعار النفط في ظل ما تشهده ​فنزويلا​ من احداث وتراجع المعروض العالمي مع قرار "​اوبك​"؟

ان ارتفاع اسعار النفط بشكل كبير في الاونة الاخيرة والذي من المتوقع ان تستمر فترة من الوقت كانت بسبب الاحداث في فنزويلا واحداث ​ليبيا​ التي عززت الاسعار بشكل كبير، وتأتي اتفاقية خفض الانتاج في المركز الثاني للاسباب الكامنة وراء ​ارتفاع الاسعار​ النفط .

ولكن المخاطر لا تزال موجودة من حيث تراجع الطلب العالمي حيث عمد صندوق النقد الدولي الى خفض معدلات النمو للربع الثالث على التوالي بصورة رفعت من المخاطر الموجودة بسبب "البريكسيت" وتراجع الواضح في ​الاقتصاد العالمي​ وملفات الحرب التجارية وتخفيض التوقعات كان هو المسيطر على توقعات النمو وعلى الاداء الاقتصادي .

وبما ان المخاطر لا تزال موجودة بالاضافة الى ارتفاع كبير جدا في ​انتاج النفط​ الصخري الاميركي وعدم التزام المنتجين بخفض الانتاج الذي من شأنه ان يحد من تأثير تراجع الامدادات الفنزويلية وتدفقات ليبيا بسبب الصراعات الدائرة في البلاد .

وبراي في حال استقرار ​النفط الليبي​ وكذلك الاوضاع في فنزويلا ومع وجود المخاطر الحقيقية في السوق لن يكون هناك مبرر او اسباب داعمة لارتفاع الاسعار ابدا، غير ان اتفاقية خفض الانتاج والذي من المتوقع ان يتم ايقافها في شهر حزيران المقبل وهذا الاجراء باعتقادي لن يكون سليم نظرا الى ان الاتفاقية بدأت في كانون الثاني ولم نرى لغاية اليوم التزاما كاملا من قبل الدول فنيجيريا مثلا قررت زيادة انتجاها من النفط على عكس ما هو مطلوب منها .