ما بين سفره الى الخارج وعودته الى ​لبنان​، خسر أحد الأشخاص العقار الذي ورثه عن عمّه، وفوجئ بانتقال ملكيته الى أشخاص آخرين، ما أضطره الى اللجوء الى القضاء واستعادة ملكيته بعد سبع سنوات قضاها في أروقة المحاكم.

فقد تقدّم ريشار حداد بواسطة وكيله القانوني بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية، اتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي بحقّ المتهم ساسين حنّا ومجهولين، بجرم تزوير واستعمال المزور، وعرض فيها بأنه يملك بموجب وصيّة من المرحوم فوزي حنّا منظمة لدى الكاتب العدل في بسكنتا، بكامل ما يملك المرحوم من العقار رقم 2994 في بسكنتا، وانفاذاً لتلك الوصية باشر بإتمام معاملات نقل ملكية العقار المذكور على اسمه، ووضع إشارة بتلك الوصية على صحيفة العقار العينية بواسطة القاضي العقاري، وسافر بعدها الى الخارج، ولمّا عاد الى لبنان اكتشف أن ملكية العقار المذكور أصبحت مسجلة باسم المتهم ساسين الخوري.

بناء على ذلك جرى استخراج محاضر التحديد والتحرير، واكتشف المدعي أنه تم إخفاء المستندات المضمومة الى ملف العقار المذكور، وشطب قيود فيها واستبدالها بقيود أخرى غير صحيحة، ما أدى الى استيلاء المتهم على العقار موضوع الدعوى، وطلب إنزال أشد العقاب بالفاعلين وإعادة الحال الى ما كان عليه قبل ارتكاب الأفعال الجرمية، وإعادة تصحيح قيود العقار وتدريك المدعى عليهم العطل والضرر بمبلغ 50 مليون ليرة والرسوم والمصاريف.

وعزز المدعي ريشار حنّا ملفّه بتقديم مستندات تتضمن، إفادة عقارية صادرة عن أمين السجل العقاري في المتن عائدة للعقار المذكور، تشير الى أن المتهم ساسين حنّا هو مالك العقار، وإفادة عقارية صادرة عن القاضي العقاري في جبل لبنان، وموقعة من المدقق لدى المحكمة العقارية، تفيد أنه جرى تنظيم الإفادة استناداً الى القيود الرسمية، ولا توجد معاملات غير مسجلة، وأبرز مستنداً يثبت أن مالكي العقار موضوع النزاع هم ورثة خليل الحداد بموجب ارث صادر قبل 16 عاماً، بالإضافة الى صورة الوصية المنظمة أمام كاتب العدل في بسكنتا، والتي أوصى فيها المرحوم فوزي حداد بكامل حقّه للمدعي ريشار حداد.

احيلت هذه الشكوى الى قسم المباحث الجنائية المركزية للتحقيق فيها، وتبيّن أن المتهمين ساسين حنّا وشربل حنّا، هما موقوفين بدعاوى تزوير أخرى، فتم استحضارهما من السجن للتحقيق معهما، وأدعى ساسين بأنه ورث العقار عن المرحوم عمّه يوسف حنّا بموجب وصية، وعلم من ابنه المتهم شربل بوجود تلك الوصية في الدوائر العقارية، وأنه أوكل الى أحد المحامين إتمام عملية نقل ملكية العقار على اسمه، وأن ابنه شربل هو من كان يحضّر له العقود والوكالات للتوقيع عليها، وأنه لا يعرف المدعي ويستغرب الاتهامات التي ساقها الأخير بحقه.

أما المتهم شربل حنّا فأفاد بأنه لا يعرف المدعي، وأن العقار المذكور هو "ملكنا أباً عن جدّ"، وأنه باع العقار الى المدعو طوني الهراوي بمبلغ 100.000 دولار أميركي، بموجب وكالة منظمة من والده تجيز له التصرف بالعقار، وأودع المال في حسابه المصرفي، وأن الوكيل القانوني لوالده هو من تولى انجاز جميع المعاملات لدى الدوائر العقارية الرامية الى اثبات الملكية، وأنه كان يحضّر أوراقه للسفر الى ​البرازيل​ عندما تم توقيفه في هذه الدعوى، معترفاً بأن لديه مبلغ مليوني دولار مجمّد في حسابه في أحد المصارف، في حين أن المحامي الذي زعم المتهم أنه تولى أمر المعاملات، نفى انجاز أي معاملة بشأن العقار المشار اليه، وأصرّ على أقواله خلال اجراء مقابلة بينه وبين المتهمين، وهنا عاد المتهم ساسين حنّا، وأوضح أن عمه المرحوم يوسف حنّا هو من ورّثة العقار، لكنه لم يزوده بأي مستند بل أعطاه رقم العقار فقط، واكتفى بتزويد ابنه شربل والمحامي برقم العقار وهما انجزا المعاملات في الدوائر العقارية.

محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضية رانيا بشارة (بالتكليف) وعضوية المستشارين سارة بريش وكرما حسيكي، أصدرت حكماً قضى بانزال عقوبة الأشغال الشاقة مدة تسع سنوات بحق المتهم ساسين حنّا ونجله شربل حنّا وتجريدهما من حقوقهما المدنية ومنعهما من التصرف بأموالهما المنقولة وغير المنقولة، وتعيين رئيس قلم محكمة الجنايات هائل الحاج شحادة قيّماً لإدارة هذه الأموال كما تدار أموال الغائب، بسبب فرار المتهمين، وامتناعهما عن حضور جلسات المحاكمة بعد اخلاء سبيلهما، وتنفيذ مذكرة القاء القبض الصادرة بحق كلّ منهما، وابطال عقد انتقال ملكية العقار وعقد البيع، والزام المحكوم عليهما بأن يدفعا بالتكافل والتضامن مبلغ 40 مليون ليرة للمدعي كعطل وضرر، وتدريكهما الرسوم والنفقات القانونية.

خاص ــ الاقتصاد