أكد وزير الإقتصاد والتجارة منصور بطيش أن "سبل العيش في لبنان تأثرت بشدة جراء الصدمات الديموغرافية والاقتصادية الناجمة عن ​الأزمة السورية​ ، والتي انعكست على العوامل الرئيسية للنمو الاقتصادي".

وأضاف بطيش، في خلال كلمة القاها في مؤتمر "MENA DAY" الذي عُقد أمس في واشنطن في جلسة عنوانها "تنقل النازحين السوريين": "أرجو أن تسمحوا لمداخلتي ألا تكون تقليدية، لأنني أسعى إلى إخباركم عن معاناتنا وعن الوضع المرير الذي نعيشه. ولهذا السبب، سأكون صريحاً في التعبير عن مخاوف بلد صغير يحمل أعباء ثقيلة للغاية منذ اكثر من ثماني سنوات، نيابة عن دول أُخرى".

وتابع "يستضيف لبنان، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 4 ملايين نسمة وتبلغ مساحته 10452 كيلومترا مربعا ، أكثر من 1.5 مليون نازح سوري من أصل 7 إلى 8 ملايين سوري غادروا بلدهم. لبنان هو أيضا موطن لـ 400 إلى 500 ألف لاجئ فلسطيني. هذا الوضع لا يقارن بأي دولة في العالم حيث سجلنا هو أعلى تركيز للفرد الواحد من اللاجئين في العالم (Highest concentration of refugees per capita)".

وقال: "نحن البلد الوحيد في المنطقة الذي يعيش فيه النازحون السوريون بحرية في جميع المدن و​القرى اللبنانية​ لأننا لم نقم بحصرهم في المخيمات والمواقع المحمية (مثيل الدول المجاورة). وقد تأثرت سبل العيش في لبنان بشدة. وانخفض ​نمو الناتج المحلي الإجمالي​ الحقيقي في لبنان من متوسط 8 في المائة سنويّـاً خلال الفترة 2007-2010 إلى متوسّط سنوي قدره حوالي 1 في المائة منذ العام 2011 ولغاية الآن. في نهاية العام 2015 ، ووَفقًا للبنك الدولي، كلفت الأزمة السورية ​الاقتصاد اللبناني​ ما يقدر بنحو 18 مليار دولار أميركي، وذلك بسبب التباطؤ الاقتصادي وخسارة الإيرادات المالية والضغوطات الإضافية على ​الخدمات العامة​ و​البنية التحتية​ المستنزفة. اليوم ، يرتفع هذا الرقم إلى ما يقدر بنحو 24 إلى 25 مليار دولار أميركي".

وأشار إلى أنه "منذ بداية الأزمة، انخفضت الصادرات اللبنانية بنسبة 30% لتشكل ما بين 16 إلى 18% من ​الواردات​"، متسائلاً: "ماذا كانت مكافأتنا؟ دفع 200 ألف لبناني إضافي تحت خط ​الفقر​ مما ساهم في ترسيخ حدة الفقر لدى المجتمعات اللبنانية المضيفة. زيادة المنافسة على الوظائف المنخفضة المهارة بسبب وجود النازحين السوريين مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 25% وتسجيل معدل 37% للشباب. أغلقت مئات المصانع والمؤسسات أبوابها والبعض الآخر مهدد بالإغلاق. ​هجرة​ الأدمغة التي تعد من أهم ​الثروات​ الوطنية".

وقال: "إن الأموال في إطار CEDRE ليست تبرعات بل ​ديون​ ميسرة إلا أنها مشروطة وستدفعها الأجيال اللبنانية المستقبلية. أخبروني أية دولة تستطيع تقبل هذا الحمل الثقيل؟"، مشدداً: "اننا مهتمون بالتأكيد بسلامة وكرامة النازحين السوريين ، إلا أن هذا لا ينبغي أن يحدث على حساب مستقبلنا ومعيشتنا ووجودنا؟"، متسائلاً: "من يتعرض للضغوط من خلال فرض اندماج السوريين في وطننا ؟؟ هل تعتقدون حقا أنه النظام السوري؟؟ في الواقع ، إن لبنان ومواطنونا هم وحدهم الذين يدفعون هذا الثمن الباهظ. أصبح وجود النازحين السوريين لمدة 8 سنوات في بلدي الحبيب الصغير تهديدًا كبيرا لوجودنا، وعلى هذا النحو يساهم ​المجتمع الدولي​ في إضعاف لبنان . وكدولة صغيرة مضيفة ، لا يندرج استيعاب هذا العدد الكبير من النازحين السوريين تحت أي مبررات سليمة".

وختم داعيا " المجتمع الدولي والوكالات إلى العمل على تطوير بيئة مواتية لعودة السوريين بأمان إلى وطنهم من أجل مصلحتهم ومصلحة بلدي"؛ مؤكدا "على الحاجة إلى الأموال والمساعدة والتنسيق المستمر لضمان العودة الآمنة للسوريين بطريقة آمنة وكريمة إلى ​سوريا​".

والتقى بطيش يرافقه مستشار وزارة المالية د. وسيم منصوري وفداً من "الوكالة الدولية لضمان الإستثمار" التابعة لمجموعة "​البنك الدولي​"، برئاسة نائب الرئيس فيجاي ليير وعدد من المسؤولين. وقد كانت "مخاطر ​التحويلات​" جزءا اساسيا من موضوع النقاش. وشرح بطيش توجه الحكومة وحرصها. وقد اكد الوفد استعداده لضمان المخاطر السياسية و​الاحداث​ لغاية 820 مليون دولار بشكل مستدام".

كما التقى بطيش مساعد وزير ​الخزانة الأميركية​ لشؤون مكافحة ​تمويل الإرهاب​ مارشال بيلينغسلي، بحضور السفير اللبناني في ​الولايات المتحدة​ غابي عيسى. وقد تمحور النقاش حول أهمية "الشفافية والإفصاح ومكافحة ​تبييض الأموال​ وتأمين زيادة الرقابة على المرافئ والمرافق، ومكافحة التهرب الضريبي".

كذلك التقى بطيش وزيرة التخطيط والتعاون الدولي ماري قعوار ومسؤوليين في البنك الدولي الذين كانوا مهتمين بموضوع النزوح السوري. وقد كرر على مسامعهم مضمون كلامه في مؤتمر "MENA".

كما التقى وفدا من صندوق "الاوبك" للتنمية الدولية " بحضور مستشاري وزير المالية طلال سلمان ونيللي حبيب، وقد ابدى الوفد استعداده للتعاون مع القطاعين العام والخاص في لبنان.