فاجأ الرئيس ​عبد الفتاح السيسي​ ال​مصر​يين باعلان حزمة إجراءات اجتماعية جديدة تضمن زيادة المرتبات و​المعاشات​، اجراء كان مستبعد في ظل ما تعيشه البلاد من حالة تقشف وسعي لخفض نفقات الدولة وتطبيق توصيات ​صندوق النقد الدولي​، وتأكيد الرئيس المصري دائماً أنه لا مجال للزيادات في الفترة الحالية بسبب ​الظروف القاسية​ التي يعيشها الاقتصاد.

واعتبر السيسي ان هذه الزيادة الجديدة في الرواتب جاءت تقديرا لحجم التضحيات التي تحمّلها الشعب لإنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي في السنوات الماضية، على ان يرفع ​الحد الأدنى للأجور​ لجميع العاملين بالدولة من 1200 إلى 2000 جنية ، بالإضافة إلى علاوة استثنائية بقيمة 150 جنيهاً، ورفع الحد الأدنى للمعاشات إلى 900 جنيه مع زيادة بقيمة 15%، وإطلاق حركة الترقيات في الجهاز الإداري للدولة، مع ضم 100 ألف أسرة إلى برنامج "​تكافل​ وكرامة".

وستكلف حزمة الإجراءات الاجتماعية التى وجه بها الرئيس الخزانة العامة نحو 60 مليار جنيه تتضمن نحو 30.5 مليار جنيه لتمويل زيادات الأجور والمرتبات، بجانب 28.5 مليار جنيه لتمويل زيادات المعاشات الاجتماعية، ونحو مليار جنيه لتمويل ضم 100 ألف أسرة جديدة لبرنامجي تكافل وكرامة.

وهذه الزيادة الذي اعتبرها البعض مرحلة جديدة من العقد الاجتماعي في البلاد قابلها تباين في ردود الفعل والمواقف، فالبعض اعتبرها قرارات تاريخية وثورة تصحيح مالية انتظرها الشعب طويلا ونتاج ​الاصلاحات الاقتصادية​ التي اتبعها النظام المصري في السنوات الاخيرة .

الا ان البعض الاخر اعتبر ان لهذه الخطوة اهدافا سياسية وهي عبارة عن مسكنات قدمتها الحكومة لتمرير التعديلات الدستورية المرجح إجراؤها في النصف الثاني من شهر نيسان الحالي، وان هذه الزيادة من شانها ان تمهد لقرارات اكثر صعوبة في المرحلة المقبلة، كما يخشى موظفو الحكومة أن تتسبب بإلغاء ​بطاقات​ التموين المخصصة لهم وحزف منظومة الدعم التي ستؤدي الى زيادة الاسعار لن تتمكن الزيادات الأخيرة في الرواتب من تغطيتها.

وعلى الرغم من المخاوف الذي عبر عنها البعض الى ان قرار الرئيس السيسي اثار حالة كبير من السعادة فى أوساط الشعب المصرى ولكن وعلى الرغم من هذه الزيادة الا ان الحد الادنى للاجر الذي يحصل عليه الموظف المصري يبقى في المراتب الدنيا عربيا ودوليا .

ولكن يبقى السوال هل تفلح زيادة الرواتب في مصر من ردم ​فجوة الأجور​؟ وكيف ستنعكس هذه القرارات على الواقع الاقتصادي ؟ وما تداعياته الاجتماعية والسياسية؟ هذه الاسئلة وغيرها حملها موقع الاقتصاد الى مستشار غرفة ​الاسكندرية​ لشؤون الصناعات و​ريادة​ الاعمال نبيل حسنين .

حسنين: قرار رفع الاجور يجب ان يتبعه إجراءات حازمة لكبح جماح الغلاء وضبط انفلات السوق

اعتبر مستشار غرفة الاسكندرية لشؤون الصناعات وريادة الاعمال نبيل حسنين إن خريطة الأجور في مصر تعاني خللاً يستوجب إعادة هيكلتها بالكامل، وان قرار رفع الحد الأدنى للأجور اذا لم يتبعه إجراءات حازمة لكبح جماح الغلاء وضبط انفلات السوق فلن يكون له جدوى، حيث ان وجود تشريعات واضحة وصريحة لربط الأجور ب​التضخم​ والغلاء والزيادة الإنتاجية يضمن التطبيق السليم لزيادات الأجور.

وعن تأثير القرار على الناحية الإجتماعية للمواطن المصري اعتبر حسنين انه سيؤدي الي شعور العامل بالاستقرار والمقدرة على توفير مستلزمات الحياة من خلال اجر عادل يساهم ذلك في زيادة استقراره النفسي وزيادة مقدرته الإنتاجية وقدرته على العطاء .

كما ان حصول العمال على أجور مناسبة لإعالة أسرهم يساهم في تخفيف الكثير من المشاكل الاجتماعية والأسرية وعلى سبيل المثال نجد نسبة عالية من ​الطلاق​ بين ​الأزواج​ بأسباب عدم مقدرة الزوج على تلبية احتياجات الأسرة مما يثير الكثير من الخلافات والتي تنتهي بالطلاق والتفكك الأسري وغيرها من المشاكل النفسية التي سببها الرئيسي عدم المقدرة على تحقيق الاكتفاء بسبب الدخل الخاص بالزوج أمام متطلبات الحياة والغلاء المعيشي والتي تنعكس على المجتمع واستقراره ، فوجود حد أدنى للأجور يعالج الكثير من القضايا ويساهم في تحقيق السلم الأهلي والاجتماعي.

وتوقع حسنين حدوث موجات متلاحقة وارتفاع في أسعار المنتجات التي غالبا ما تحدث عقب كل قرار بزيادة الرواتب وهو مايؤدي الي ضعف تأثير قرارات تعديل الرواتب لو تم مقارنة أسعار السلع والخدمات الرئيسية وما حصل عليها من تغيرات خلال فترة مابعد التعويم نجد ان بعض السلع ارتفعت بنسب تقارب 200% فأي زيادة تعالج هذا الأنفلات في الأسعار!.

واشار الى ان القوة الشرائية ستزيد بعد زيادة الأجور لذلك لن يكون هناك ارتفاعات اخرى في التضخم ويجب ان نذكر ان ​الموازنة العامة​ للعام المالي 2019 – 2020 لن تتأثر إذ إن ما تم خصمه من الدعم سيتم رده في تحسين المرتبات الخاصة بموظفي القطاع العامة وأصحاب المعاشات، مضيفا ان مصر كانت في السابق تفتقد الى الإرادة السياسية لإعادة هيكلة الدعم ليصل إلى مستحقيه وهو الأمر الذي أوجده الرئيس السيسي حيث أن برنامج الإصلاح الاقتصادي أدى لعودة الثقة في ​الاقتصاد المصري​ وأتاح قدرا من الوفورات التي مكنت الدولة من توجيهها إلى بند الأجور والمعاشات لتخفيف الأعباء على المواطن وتوفير الحماية الاجتماعية له وتخفيف آثار برنامح الإصلاح الاقتصادي.

وختم المستشار مؤكدا على ان قرار رفع الحد الادنى للاجور لم يأتي لحمل المواطنين على الموافقة على التعديلات الدستورية، لانه يدرس على مستوى وزارة التخطيط منذ 6 أشهر وستكلف الزيادات الاخيرة في الأجور والمعاشات خزينة الدولة حوالي 60 مليار جنيه.

وفي الختام وفي ظل تباين الاراء حول قرار ​الحكومة المصرية​ الاخير لرفع الحد الادنى للاجور لا يسعنا سوى الانتظار ومراقبة تداعيات هذا القرار على الحياة الاقتصادية والمعيشية للمواطن المصري وتوجهات الحكومة في المرحلة المقبلة .