أقام المكتب الاقليمي لـ"​منظمة العمل الدولية​" في ​الدول العربية​ احتفالا في فندق "فينيسا" بعنوان "100 عام من الدفع قدما بالعدالة وتعزيز العمل اللائق"، برعاية ​رئيس الجمهورية ميشال عون​ ممثلا بوزير العمل كميل ابو سليمان. 

وحضر الاحتفال النائب ​عاصم عراجي​ ممثلا رئيسي مجلسي النواب والوزراء، النائب عناية عز الدين، النائب شامل روكز، النائب فؤاد مخزومي، وممثلون عن الوزارات والادارات الرسمية والمنظمات الدولية. وشارك فيه المنسق المقيم للامم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في لبنان فيليب لازاريني، المديرة الاقليمية للدول العربية في منظمة العمل الدولية ربا جرادات، رئيس ​جمعية الصناعيين​ ​فادي الجميل​، ​رئيس الاتحاد العمالي العام​ بشارة الاسمر.

وألقى ممثل رئيس الجمهورية وزير العمل كميل ابو سليمان كلمة اكد فيها ان "هناك عملا كثيرا يجمع وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية والجهات المعنية الاخرى"، مشددا على "ضرورة تعديل قانون العمل وقانون ​الضمان الاجتماعي​ وتفعيل قانون ضمان الشيخوخة. وتوقف عند اهمية خلق فرص عمل للبنانيين والاستفادة من سيدر لنجاح ذلك، من خلال التنسيق مع الجهات المانحة".

وتطرق الى "طريقة التعامل مع العاملات الاجنبيات"، كاشفا عن البحث بتعديل "قانون الكفالة" بعد الاستعانة بخبرات بعض المنظمات الدولية.

وإذ نقل تحيات رئيس الجمهورية "للشركاء في العمل والمسؤولية"، هنأ المنظمة على مرور قرن على تأسيسها، قائلا: "مئة عام نجحت فيها المنظمة بالاستمرار رغم الصراعات و​الحروب​ والانقسامات الدولية. مئة عام شهدت تغيرا كبيرا في مفاهيم العمل وانماطه وحقوق العمال الاساسية واجراءات السلامة والصحة المهنيتين ووضع المعايير الدولية الخاصة على شكل اتفاقيات وتوصيات. مئة عام من تراكم الخبرات لدى المنظمة التي هي رأس حربة في تأمين كرامة العامل وحقوقه ومكافحة جميع انواع التمييز وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حرية العمل النقابي".

واعتبر ان "منظمة العمل الدولية نجحت في ترسيخ نفسها كركيزة اساسية من منظومة ​الامم المتحدة​، الفريدة بوصفها منظمة ثلاثية التكوين، بتعزيز الشراكة بين الحكومات وأصحاب العمل والعمال"، مشيرا الى ان "هذه الشراكة يجب ان تكون دوما ايجابية وتكافؤية وتكاملية، إذ إن الحكومات وجدت لخدمة مواطنيها العمال، و​اصحاب العمل​ لا يمكن لهم الاستمرار والتقدم من دون العمال كما ان العمال يخسرون فرصهم ان لم يكن هناك اصحاب عمل يستثمرون".

وأكد ابو سليمان ان "لبنان هو عضو مؤسس وفعال في ​منظمة الأمم المتحدة​ وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لذا تجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات من دون استثناء"، لافتا الى ان "لبنان يفخر بعضويته في منظمة العمل الدولية منذ عام 1948، وهو مصمم دائما على الوفاء بإلتزاماته بموجب أتفاقيات العمل الـ51 التي ​صدق​ عليها إيمانا منه بالقيم السامية التي تقوم عليها المنظمة وحرصا على حقوق العمال الأساسية التي من دونها لا يمكن الحديث عن ​التنمية المستدامة​".

وعول على "تعزيز التعاون بين ​الدولة اللبنانية​ عبر وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية ومكتبها الاقليمي للدول العربية في بيروت خصوصا في ظل التحديات التي يمر بها لبنان جراء ازمة النزوح السوري التي تلقي بثقلها وارتفاع نسبة ​البطالة​ وانخفاض النمو"، مثمنا "التعاون المثمر بين لبنان ومكتب المنظمة الأقليمي في بيروت عبر البرامج القائمة ومن بينها: البرنامج الوطني للعمل اللائق (2017-2020)، مسح الأوضاع المعيشية للقوى العاملة والأسر في لبنان لعام 2017، مشروع الهجرة العادلة الإقليمي في ​الشرق الأوسط​، مشروع القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال".

وقال: "في هذا الاطار، بدأت كوزير عمل البحث مع المنظمة في كيفية تعزيز سبل التعاون على مشروع تعديل قوانين العمل وتوحيدها وكذلك الاستفادة من الدراسة الاكتوارية لقانون الضمان الاجتماعي. ونتطلع الى اعلان المئوية بشأن مستقبل العمل الذي سيصدر هذا العام في مؤتمر العمل الدولي في دورته الثامنة بعد المئة في جنيف".

أما المديرة الاقليمية للدول العربية في منظمة العمل الدولية ربا جرادات فأكدت أن "هذا الحدث يتعلق بلبنان وشركائه الاجتماعيين وشعبه، بقدر ما يتعلق بمنظمة العمل الدولية، لأننا نحتفل بالجهود والإنجازات المشتركة للعمال وأصحاب العمل والحكومة بالاشتراك مع منظمة العمل الدولية للنهوض بالعدالة الاجتماعية وتعزيز العمل اللائق".

ولفتت جرادات الى ان "لبنان علمهم ان المثابرة هي السبيل الوحيد نحو النجاح وأن الشراكة الحقيقية مهمة للغاية أثناء الأوقات العصيبة".

بدوره، اعتبر المنسق المقيم للامم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في لبنان فيليب لازاريني، ان "العمالة المنتجة والعمل اللائق عنصران رئيسيان لتحقيق عولمة عادلة والقضاء على ​الفقر​"، مشيرا الى ان "تأمين العمل اللائق عنصر أساسي في خطة التنمية المستدامة لعام 2030"، موضحاً ان "الهدف رقم 8 من الخطة يدعو إلى تعزيز النمو الاقتصادي وإلى العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق".

ولفت الى ان "هذا لن يكون سهلا في عدد من البلدان كلبنان الذي يمر بضغط غير مسبوق على الاقتصاد وركود بسبب ​الازمة السورية​، ما يصعب على الحكومة المثقلة بالديون الخروج من هذا الوضع".

ثم تحدث رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل فرأى ان "منظمة العمل الدولية لعبت دورا اساسيا ومحوريا في صناعة الاستقرار العالمي والانساني، اذ ركزت جهودها على معالجة المشكلات التي واجهت سوق العمل والتي كانت سببا لتوترات اجتماعية واقتصادية في بعض البلدان". وتحدث عن التعاون بين جمعية الصناعيين ومنظمة العمل الدولية في مشاريع عدة، ابرزها "مشروع تمكين المرأة في العمل والادارة" والعمل "لوضع قانون عصري للضمان الاجتماعي".

ولفت الى ان "​الاقتصاد اللبناني​ يعاني من مشكلة بنوية اساسية وهي قدرته على استيعاب ​الشباب​ الذي يرغب في دخول سوق العمل سنويا، ما يضع اطراف الانتاج الثلاثة امام تحد استراتيجي"، داعيا "منظمة العمل الدولية" الى "ضرورة تفعيل القطاعات الإنتاجية امام المسؤولين اللبنانيين والمؤسسات الدولية". وشدد على "اهمية اطلاق مشاريع تخلق فرص عمل"، مشيرا الى ان "جمعية الصناعيين حريصة على ذلك وقد وضعت ورقة عمل حول لبننة العمالة في لبنان تأخذ في الاعتبار امورا كثيرة ابرزها حصر الاعمال لغير اللبنانيين بتلك التي لا يقوم بها اللبنانييون".

واعتبر الجميل ان "واقع لبنان الذي ينعم ​بطاقات​ بشرية مبدعة يفرض اعادة النظر في خلق منظومة اقتصادية جديدة ترتكز على الانفتاح والتواصل مع العالم كله وعلى تحفيز الاقتصاد اللبناني"، لافتا الى ان "من المعيب الا يتعدى الناتج الوطني 52 مليار دولار اي ما يقارب 12000 دولار للفرد".

وألقى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر  كلمة ذكر فيها بأن "هذه المنظمة هي الوحيدة من وكالات الأمم المتحدة التي تضم ممثلي العمال وأصحاب العمل جنبا الى جنب مع الحكومات في تمثيلها واتخاذ قراراتها"، مشيرا الى انه "رغم التحديات الكبرى التي ألقيت على عاتقها إلا انه صدر عنها المئات من الاتفاقيات والتوصيات والدراسات القيمة وأنشأت لها مكاتب إقليمية فاعلة، ومنها المكتب الإقليمي للدول العربية في بيروت عام 1976 الذي أعيد افتتاحه بعد نهاية الحرب عام 1995".

وركز على "نقاط أساسية ثلاثة" يعتبرها "من أبرز المهمات المطروحة في لبنان للعمل على إنجازها"، وهي:

"1- العمل من أجل إعادة الاعتبار للعقد الاجتماعي الذي يشمل الحقوق الإنسانية في الوصول إلى التعليم والحصول على العمل اللائق و​الرعاية الصحية​ والاجتماعية وضمان الشيخوخة والسكن والنقل والبيئة النظيفة وسوى ذلك من أساسيات الحياة.

2- توفير الحماية الاجتماعية الشاملة من الميلاد إلى الشيخوخة من خلال إرساء أرضية للحماية الاجتماعية توفر مستوى أساسيا من الحماية لكل محتاج خصوصا في مجالي الصحة والبطالة بما في ذلك إنشاء صندوق للبطالة. كذلك إرساء ضمانة شاملة للعمال بصرف النظر عن ترتيبات تعاقدهم أو وضع استخدامهم وبحقوق أساسية للعمال وأجور معيشية كافية.

3- ضمان التمثيل الجماعي للعمال وأصحاب العمل من خلال الحوار الاجتماعي المتكافئ كمصلحة عامة - يجري ​الترويج​ لها بما يمكن العمال من التمتع الكامل بالحرية النقابية والحق بالمفاوضة الجماعية".