فشلت حكومة "الى العمل" في الاستفادة من الايجابيات السياسية التي أُحيطت بها في الأيام الأولى من تاريخ تشكيلها، كما فشلت في الاستثمار للاقتصاد للأسباب عينها.

وبدا في الساعات الاخيرة من الفصل الاول من العام الحالي ان معركة الاصلاح ومحاربة الفساد التي وعدت بها الحكومة كأولوية لا زالت بعيدة المنال أقلّه في هذه المرحلة، وذلك بانتظار تطورات إيجابية على المستوى السياسي يمكن الاستفادة منها ومن ثم الذهاب الى الاستثمار بالاقتصاد.

وبحسب ما يبدو انطلاقاً من المؤشرات المحلية والاقليمية والدولية المؤثرة ب​لبنان​، فإنّ الاوضاع بشكل عام غير مشجّعة، فعودة النازحين السوريين على سبيل المثال لا تبدو قريبة ما يعني استمرار تحمّل الضغط الاقتصادي والاجتماعي والمالي والديموغرافي لهؤلاء النازحين على لبنان، كما إن هذا الاندفاع الاميركي غير المسبوق باتّجاه دعم "​اسرائيل​" لا سيما مع اعلان ​الرئيس الاميركي​ ​دونالد ترامب​ ​الجولان​ السوري المحتل أرضاً إسرائيلية وكان قبل ذلك قد اعترف بالقدس عاصمة أبدية لاسرائيل.

أمام كل ما تقدّم والذي يجسّد بمجموعة صورة سوريالية، ضجّ السوق المالي المحلي يوم أمس بمضمون تعميم قيل أنه صدر عن وزير المال ​علي حسن خليل​، طلب بموجبه حصر الانفاق المالي لشهر نيسان المقبل بدفع الرواتب والاجور فقط، وهذا الامر فسّر بأنه يمثّل أزمة مالية عامة الا ان احداً لم يؤكد مضمون هذا التعميم.

من جهته، حذّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من تراجع اهتمام ​المجتمع الدولي​ للبنان، وبزيادة الضغوط على هذا البلد بسبب استمرار سوء ​الادارة العامة​، ما يتسبّب زيادة العجز و​التضخم​، مشيراً الى ان حجم ​القطاع العام​ يستمر في التزايد بشكل عكسي.

وتشير النتائج الاولية للاقتصاد الحقيقي في الشهرين الاوليين من السنة الحالية الى استمرار ​الازمة الاقتصادية​ واستمرار الاسباب التي ساهمت في العام الماضي بضرب ​النشاط الاقتصادي​ وتأجيج ​الوضع المالي​، مع فارق واضح اليوم وهو تحسّن ​الوضع النقدي​ عمّا كان عليه في العام 2018 بعد انتفاء الضغوط على الليرة وعودة السوق الى التوازن.

وأخيراً، لا ينفي متابعون للوضع الاقتصادي في لبنان صعوبة ولوج باب الاصلاح ومحاربة الفساد والهدر لان هذه المعركة التي كانت قد غُيّبت على امتداد سنوات طويلة لا بد ان تصطدم، في المحصّلة، في "الرؤوس الحامية"، ومع ذلك، فإن التجربة، أي تجربة خوض هذا الملف الكبير، تبقى أساسية وضرورة لتفادي الانهيار المالي وبناء وطن العدالة الاجتماعية.