أبلغ ​رئيس الجمهورية ميشال عون​ المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى ​سوريا​، غير بيدرسون، انه لم يعد ل​لبنان​ القدرة على تحمّل تداعيات النزوح السوري وأنه لا بد من العمل جدياً لإعادة النازحين الى المناطق الآمنة، مشيراً إلى القضية الفلسطينية والقضية القبرصية اللتين انتظر النازحون فيهما الحلّ السياسي، ولم يعودوا إلى بلادهم حتى الآن.

وأضاف عون "شاركت دول عدّة في الحرب على سوريا وتريد أن تحمّلنا النتائج ولو خصّصت هذه الدول 10% من تكاليف هذه الحرب لحلّ مأساة النازحين لكانت ساعدت في حلّ مشاكلهم الإنسانية وتجنيب العالم المزيد من الأزمات".

ويأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه ​الحكومة اللبنانية​ تباينات بشأن هذا الملف، ففي حين يتفق الجميع على ضرورة ​مكافحة الفساد​ وإجراء الإصلاحات التي باتت ضرورة ملحّة في ظل ​الوضع المالي​ الذي تشهده البلاد، فإن الأفرقاء السياسيين يختلفون بشأن عودة النازحين السوريين الى بلادهم أو بشكل أدقّ بشأن الحوار مع دمشق للتنسيق لهذه العودة.

ومع ذلك تتفق كافة الأطراف حول ضرورة عودة النازحين وذلك تمّت ترجمته في خطاب رئيس الوزراء سعد الحريري في "مؤتمر ​بروكسيل​" حيث أكد أنه "وسط كل التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة يجب ألا ننسى أن الحل الوحيد لأزمة النازحين هو بالعودة الآمنة إلى بلادهم بموجب المعاهدات الدولية"، مشيراً إلى أن "لبنان لا يستطيع أن يستمر بتحمل الآثار الإقتصادية والإجتماعية لاستضافة مليون ونصف مليون نازح سوري".

ولمعرفة المزيد حول التوقعات بشأن المرحلة المقبلة في هذا الملف والملف المالي، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الأمين العام للمؤتمر الدائم للفدرالية، ​الخبير الاقتصادي​، د. ألفرد رياشي:

ما هي توقعاتك لملف النازحين والنشاط الحكومي، خاصةً بعد السجالات التي حصلت بخصوص مؤتمر "​بروكسل​ – 3"؟

ملف النازحين ملف عالق منذ 5 سنوات تقريباً، وأعتقد أن المسألة لا زالت معقّدة ولا خطّة واضحة للحل لذلك ستستغرق وقتاً أطول. نتفهّم الوضع الأساسي الذي دفع بالسوريين الى اللجوء للبنان، ولكن المشكلة في الأساس هي عدم وضع معايير معيّنة يتم التصرف على أساسها على الحدود اللبنانية السورية، لم يكن هناك إجراءات صارمة تجنّبنا الوقوع في المشكلة التي نعاني منها اليوم.

المشكلة الثانية مرتبطة بعدم وجود حل واضح للأزمة السورية، خاصّةً وأن عدداً من الدول المؤثرة تدعم بشكل مباشر وغير مباشر بقاء النازحين في لبنان.

المشكلة الثالثة هي السياسة الداخلية، حيث يدافع البعض عن وجود النازحين والبعض الآخر يدعو لضرورة عودتهم الى بلدهم طالما أن الأوضاع الأمنية باتت مستقرة على نحو كبير في سوريا.

برأيي الوضع يحتاج الى الوقت حتى يتم الإتفاق على حل موحّد منوط بتوافق داخلي وبتغيير الدول الداعمة لبقاء السوريين في لبنان لاستراتيجيتها.

هل ترى لمؤتمر "بروكسل – 3" أي تأثير إيجابي على ملف النازحين ؟

وفقاً لما رأيناه، بقي المؤتمر في العموميات. لم يكن هناك خطة واضحة وعملية تؤدي لتسريع وتيرة عودة النازحين، لذلك فهو لم يكن له أي أثر إيجابي.

هل هذه الحكومة قادرة على تخفيض العجز وزيادة الإيرادات في ظل هذا التأخير بإقرار ​الموازنة​؟

صحيح أننا اليوم نشهد بعض الإجراءات (المضخّمة إعلامياً في بعض الأحيان) على صعيد مكافحة الفساد، لكن لازال هناك ملفّات لم يتم فتحها أو تمّ تأجيلها، عدا عن إقرار الموازنة التي توضح ​آلية​ ​الإنفاق​، كموضوع ​الكهرباء​.

مع الإشارة أيضاً إلى ضرورة مكافحة الفساد من رأس الهرم، حيث يجب ان نرى أن ​المحاسبة​ تطال الجميع حتّى الرموز لأنه من غير المنطقي أن يكون هذا الحجم من الفساد مرتبط بشخصين أو ثلاثة، لذلك يجب أن نكون جديّين في إيجاد الطرق المناسبة للمعالجة، ونحن برأينا أن هذه الطرق في ظل هكذا سلطة لن تجدي نفعاً وأن الحل سيكون بالنظام الفيدرالي.

ما هي فرص نجاح الإصلاحات المتعلقة بمؤتمر "سيدر"؟

بالنسبة لنجاح الإصلاحات المتعلقة بتمويل "سيدر"، فإن الأمر يعتمد على حماس القيمين عليها أي الدول المانحة التي ستلعب دور المراقب الذي لا نجزم كيف سيكون، ولكن وفقاً للوتيرة التي يجري العمل بها اليوم فنحن نرى فيها "ضحك على الذقون"، كما يقول المثل الشعبي. لا نرى أملاً كبيراً بتحقيق الشفافية ولا إصلاحات راديكالية تقضي على مبدأ "مرّقلي ت مرّقلك" القائم منذ عشرات السنين.