استضافت العاصمة البريطانية ​لندن​، فعاليات مؤتمر المانحين لدعم ​الأردن​، بمشاركة أكثر من 60 دولة ومؤسسة دولية كبرى، وشخصيات سياسية واقتصادية ، والذي يأتي استمراراً واستكمالاً للمؤتمرات السابقة، وعول الكثيرون على مخرجات هذا المؤتمر معتبرين انه يشكل فرصة ذهبية، لتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد الغارقة وسط تحديات مالية واقتصادية كبيرة يكابدها حكومة وشعباً، في ظل ارتفاع المديونية العامة ومعدلات بطالة تصل إلى 18.7% وغيرها من المؤشرات السلبية التي ارتفعت بشكل ملحوظ بسبب الأعباء المالية المترتبة عن موجات اللجوء السوري ، وإغلاقات الحدود الشمالية السورية والشرقية العراقية للمملكة.

ويأتي مؤتمر المانحين في الوقت الذي يخيم الإحباط على الأردنيين، الذين شهدوا عشرات المشاركات الحكومية في منتدیات ومؤتمرات سياسة واقتصادية سابقة، تبعتها إعلانات عن توقيع اتفاقات بملیارات الدولارات، لكن لم تتحسن ​معدلات النمو​، وتواصلت نسب الفقر والبطالة في الارتفاع، بالاضافة الى خروج العديد من المستثمرين من السوق .

ولعل هذا المؤتمر يأتي إدراكا من ​المجتمع الدولي​ لحجم التحديات والأعباء التي تواجهها الدول المضيفة للجوء السوري، حيث وصلت هذه البلاد وعلى رأسها ​لبنان​ والاردن إلى مرحلة لا يستطيع مواصلة تقديم دوره تجاه ​اللاجئين السوريين​ بدون دعم ومساندة المجتمع الدولي، نظرا الى ان هذه البلدان تعاني بالاصل من أزمات معيشية متفاقمة اججت الاحتجاجات الشعبية على الغلاء والبطالة والفقر.

وفي هذا الاطار كان لموقع الاقتصاد مقابلة خاصة مع الخبير الاقتصادي من الاردن وجدي مخامرة لمعرفة مدى اهمية مقررات مؤتمر لندن وما الذي يميزه عن غيره من المؤتمرات وحجم المساعدات التي تلقتها البلاد بالاضافة الى ازمة اللجوء السوري والاصلاحات التي ستعتمدها الحكومة في الفترة المقبلة.

بداية كيف تقييم مؤتمر المانحيين الذي عقد امس في لندن لدعم الاردن من حيث الاهمية والمقررات التي نتجت عنه ؟

كان الهدف من مؤتمر لندن هو توجه البلاد الى الاعتماد على نفسه واظهار الاصلاحات الاقتصادية الذي قام بها والبيئة الاستثمارية الجاذبة للاستثمارات وكان عدد المشاركين في هذا المؤتمر حوالي 450 مشارك من 60 دولة ممثلين من ​القطاع العام​ والخاص وصناديق استثمارية عربية واجنبية دولية كما كان هناك ممثلين من الدول الصناعية الكبرى .

وعرض هذا المؤتمر دور الاردن في تخفيض نسبة الدين الحكومي والتوجه نحو تحفيز النمو الاقتصادي وخلق بيئة جاذبة للاستثمارات وتخفيض كلفة الطاقة وتشجيع الصادرات .

وبحسب التوقعات فان المؤتمر حقق التزام بقروض ميسرة ومساعدات تجاوزت الـ4 مليار دولار ، وستذهب هذه الاموال الى دعم البنية التحتية والتعليم وقطاعات اقتصادية ، كما كان التركيز على بعض القطاعات مثل قطاعات السياحة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات اللوجيستية وكما طرح ايضا مشاريع لتمويلها من قبل المستثمرين منها توسعة مصفاة البترول وتحلية مياه البحر بالاضافة الى مشاريع اخرى تم طرحها .

واعتبر ان هذا المؤتمر ناجح لكن يجب ان ننتظر التطبيقات والمتابعة لهذه المقررات وبالتالي يلزمنا متسع من الوقت للحكم على هذا المؤتمر ، والمؤتمرات السابقة لم تكن ناحجة حسب التوقعات لكن هذا الاخير توجه لدعم الاردن والاصلاحات الذي يقوم بها .

ما مدى حاجة الاردن اليوم الى المساعدات دولية لتخطي ​الازمة الاقتصادية​ التي تمر بها البلاد ؟ وما هو الثمن الذي ستدفعه عمان مقابل هذه المساعدات؟

ان الاردن بحاجة للمساعدات الدولية نظرا الى ان المساعدات الخليجية تراجعت بشكل ملحوظ والبلاد بحاجة لدعم اقتصادي دولي نظرا الى ان عمان لديها مشكلة كبيرة في تغطية تكاليف اللاجئين الذين سببوا ضغطا كبيرا على البنية التحتية ونفقات الحكومة في هذا الاطار وبالتالي ييجب ان يكون هناك توجه دولي لدعم البلاد في ظل الوضع الجيوسياسي .

ولا اتوقع ان تكون لهذه المساعدات ثمن بقدر ما ستكون اعتبار دولي لدور الاردن في استضافة اللاجئين ومكافحة الارهاب .

الحكومة الاردنية تنادي بالاصلاحات برايك ما هي ابرز القطاعات الاقتصادية التي تحتاج معالجة فورية في الاقتصاد الاردني ؟

الاردن يواجه اليوم الكثير من التحديات الاقتصادية ومنها ارتفاع نسبة الدين من الناتج المحلي الاجمالي بالاضافة الى ارتفاع العجز في الموازنة وتراجع الاستثمار الاجنبي ، كما ان هناك العديد من القطاعات لم تستفد من فتح الحدود مع سوريا والعراق وهناك توجه نحو فتح قطاع التصدير ، وبالتالي فان امام البلاد تحديات اقتصادية كبيرة بالاضافة الى ارتفاع معدل البطالة وبالتالي فان الاولوية هي استقطاب الاستثمارات الاجنبية لتشغيل اليد العاملة الاردنية لان الحكومة في ظل ارتفاع المشاكل الاقتصادية لن تستطع القيام بالانفاق الرأسمالي المتوقع لتشغيل ايدي عاملة اضافية .

ومع الاسف فان جزء كبير من الاستثمارات الاجنبية خرجت من السوق كما خرج العديد من المستثمرين الاردنين للاستثمار في الدول المجاورة في ظل اختلاف التشريعات وارتفاع الضرائب والرسوم على الطاقة .

فامام البلاد اليوم مسؤولية ازالة هذه التحديات من امام المستثمر وتعمل الحكومة في هذا الاطار ولكن يتطلب الامر بعضا من الوقت كما ان هذه القروض الميسرة والمساعدات تأتي لاعادة جدولة الديون ليستطيع الاردن من التوجه الى تخفيض كلفة خدمة الدين المرتفعة والتي تؤثر على الموازنة، ومشكلة الدين يجب ان تتراجع بنسبة تصل الى 75% من الناتج المحلي الاجمالي نظرا الى انها تبلغ الان حوالي 94% وهي من النسب المرتفعة عالميا.

في ما يتعلق باللاجئين السوريين الذي زادوا من الضغط على الاقتصاد ، وهل هناك خطة حكومية جدية لعودة هؤلاء اللاجئين ؟

بالطبع ان موضوع اللاجئين السوريين خلق مشاكل نظرا الى ان الاردن لم يتوقع ان تستمر الازمة حيث تكفلت البلاد بتغطية تكاليف اللاجئين في ظل تراجع الدعم الدولي لتغطية هذه التكلفة ، وبالتالي فان هذه التكاليف خلقت عجزا في الموازنة الذي انعكس على الاقتراض وعلى ارتفاع نسبة المديونية بشكل ملحوظ خلال فترة الازمة السورية وبالتالي فان اللجوء اثر بشكل على الاقتصاد الاردني .

اضافة الى ان احتمالية عودة اللاجئين ما زالت منخفضة جدا ولا اتوقع ان يكون هناك عودة خلال فترة قريبة نظرا للمشاكل في دمشق بالاضافة الى التراجع الاقتصادي في البلاد، واتوقع استمرار مشكلة اللاجئين بانتظار وضوح الصورة وايجاد حل سياسي في سوريا وفي مرحلة اعادة الاعمار من الممكن ان تشهد عودة بعض اللاجئين، ولغاية اليوم عاد حوالي 11 الف وهو عدد قليل جدا نظرا لاستضافة الممكلة اكثر من مليون نازح .