استضافت ندوة "​​حوار بيروت​"​ عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة - أدونيس، مع المعدة والمقدمة ​ريما خداج​، بعنوان "تنامي الدين العام وسبل خفض العجز والهدر ورفع معدلات النمو"، البروفسور في العلوم الإقتصادية وعضو هيئة المكتب في المجلس الإقتصادي والإجتماعي د. أنيس بو دياب، والأستاذ الجامعي في العلوم الإقتصادية د. إيلي زوين.

بداية قال البروفسور أنيس بو دياب أن "أي دين في العالم يتكون بسبب إنخفاض الإيرادات وزيادة النفقات .. وفي لبنان منذ التسعينيات وحتى اليوم نفقاتنا تتخطى إيراداتنا بشكل كبير، وهذا السبب المباشر والأساسي لوصول الدين العام لما هو عليه اليوم. وكل ذلك كان في ظل إنفاق غير مجدي، لا يؤمن نمو كافي في الناتج المحلي، فكانت وتيرة نمو الدين العام أسرع بكثير من وتيرة النمو الإقتصادي. فعلى سبيل المثال النمو بالناتج المحلي في عام 2017 هو 0.6% والنمو المتوقع في العام 2018 هو 1%، وبالتالي هناك زيادة في الدين العام بوتيرة سريعة، بظل نمو إقتصادي شبه معدوم. وهذا هو السبب المباشر لتراكم الدين العام".

وأضاف "تركيبة الدين العام اللبناني رغم قساوة الرقم تبقى ألطف وأفضل من دول أخرى كاليونان مثلا. فمجمل ديننا العام اليوم يصل إلى 85 مليار دولار، وهذا الدين ينقسم إلى 58% بالليرة اللبنانية 42% بالدولار، كما أن 89% من مجمل الدين هو دين محلي لمؤسسات ومصارف محلية، في حين أن 11% فقط هو دين خارجي |(3% من الدين الخارجي هي قروض ميسرة .. والباقي مستثمرين باليورو بوند). هذه التركيبة لديننا العام تسمح بفرصة إتخاذ إجراءات فعلية سليمة تؤدي إلى خفض الدين، ويقابل هذه الإجراءات محاولة رفع الإيرادات الخاصة بالدولة".

ولفت إلى أنه "في العام 1992 كان لبنان خارج من حرب طويلة أدت لتدمير البنى التحتية، في حين أن الطائف دفع نحو إعادة الإعمار. وبالتالي كان لا بد من إعادة الثقة بالدولة اللبنانية من أجل جذب الاموال والمستثمرين، والسبيل الوحيد لذلك كان رفع الفوائد بنسب كبيرة، وقد تم تنفيذ جزء من خطة إعادة الإعمار ولكن بكلفة مرتفعة جداً".

وأكمل بو دياب "النفقات على الكهرباء تبلغ 47% من حجم الدين ككل. 20 مليار دولار تحويلات مباشرة، و17 مليار دولار فوائد على هذه التحويلات. وللأسف ليس لدينا خدمة كهرباء اليوم، ومازال هذا الملف يستنزف سنويا بين الـ 1.7 مليار دولار والـ 2 مليار دولار".

بدوره قال الأستاذ الجامعي في العلوم الإقتصادية د. إيلي زوين أنه "بحسب دراسة قمت بها ترتكز على أرقام صادرة عن مراجع رسمية (مصرف لبنان ووزارة المالية)، فإنه في العام 1992 – 1993 كان الدولار يساوي 2300 ليرة لبنانية، وفي شهر آب من العام 1992 جاءت مجموعة من المستثمرين تمتلك مبلغ 500 إلى 600 مليون دولار، وقامت بتحويله إلى الليرة اللبنانية. بعد ذلك بفترة قصيرة إنخفض الدولار مقابل الليرة إلى 1500 تقريباً، وتم تثبيت الصرف. وعندما تحركت هذه المجموعة لتحويل اموالها مجددا إلى الدولار، طلبت منها الدولة إيقاء الاموال بالليرة مقابل فوائد مرتفع تراوحت بين 29 و 33%. وهنا بدأ الدين يرتفع حيث قفز من 3 مليار دولار في العام 1992 إلى 35 مليار دولار في سنوات قليلة".

وتابع "في المقابل كانت نفقات الإستثمار أقل بكثير من حجم الدين. والدين العام اللبناني اليوم مقسوم بين تراكم الفوائد على الدين الأساسي على مر السنوات، بالإضافة إلى تحاويل الكهرباء التي وصلت إلى حوالي 30 مليار دولار. في حين أن نسبة الإنفاق على مدى هذه الفترة وصلت إلى 34% فقط من قيمة الدين العام ككل".

وفي سؤال للزميلة خداج عن سبب نسب الفوائد المرتفعة اليوم قال "سبب إرتفاع الفوائد هو حاجة الدولة اليوم لتمويل العجز، وذلك لن يحصل إلا من خلال المصارف. وبالتالي رفع الفائد هدفه جذب الرساميل للمحافظة على قدرة المصارف في تمويل عجز الدولة. وإرتفاع الفوائد على الودائع أدى اوتوماتيكياً لرفع الفوائد على القروض".