تساءلت "الإيكونوميست" ماذا لو انتهت منصة "​فيسبوك​" ؟ خاصة وأن الإنسانية لم تتهافت بشكل كبير وحشد هائل بهذا الكم على شيء من قبل، كما تهافتوا للتواجد على "فيسبوك"، حيث ان موقع التواصل الاجتماعي الشهير يستخدمه 2.3 مليار نسمة (نحو 30% من سكان العالم) كل شهر.

ويجني مؤسس "فيسبوك" مارك زوكربيرغ مليارات الدولارات من وراء الموقع، وربما كان مستخدموه سيجنوا تريليونات الدولارات من وراء الإعلانات واستغلال بياناتهم عليه، وفي نفس الوقت، أصبحت المنصة ملاذاً لنشر الأخبار الزائفة واختراق الخصوصية والتنمر والانقسام السياسي.

وفي ظل كل هذه المشكلات، حان الوقت لعمل وقفة والتفكير في تأثير الموقع الشهير المتنامي بشكل سلبي على البشر، وفي ذات الصدد، يجب أيضاً التفكير في الحياة بدون "فيسبوك".

التجربة تعكس الواقع

- من أجل تخيل الحياة بدون "فيسبوك"، يجب إجراء أبحاث ودراسات وتجارب تأهيلية لنماذج من الأشخاص التي يمكن أن تتعايش بدون استخدام الموقع ومراقبة النتائج.

- أجرت العديد من الجامعات ومراكز الأبحاث مثل هذه التجارب بالفعل بالاستعانة بآلاف مستخدمي "فيسبوك" الذين يغلقون حساباتهم لأربعة أسابيع على سبيل المثال، وتم تصنيفهم وفرزهم ومراقبة سلوكياتهم بدقة.

- كان الأمر أشبه بمن يعالج أشخاص من الإدمان حيث يتم عزل الأشخاص قيد التجارب بعيداً عن "فيسبوك" ومشاهدة التلفاز مع الأصدقاء والأسر مع منحهم ساعة فقط بشكل حر.

- أظهرت بعض النتائج الأولية أن المستخدمين أصبحوا على غير دراية بما يجري في العالم من أحداث وأخبار – وهو ما يعني أنهم كانوا يحصلون على الأخبار عن طريق الموقع – وفي نفس الوقت، لم يصبهم أي استقطاب من أي نوع.

- علاوة على ذلك، تسبب الابتعاد عن "فيسبوك" في تعزيز السعادة لدى الأشخاص قيد التجارب وقلل شعورهم بالاكتئاب والقلق.

- أسفرت التجارب أيضاً عن كسر روتين متابعة "فيسبوك" اليومية، فبعد إغلاق الحسابات بأسابيع، تراجع روتين الأشخاص (الذين تركوا الحسابات طواعية) على الموقع بشكل يومي، بينما عاد من أجبروا على مغادرته إلى حساباتهم مجدداً.

- بالطبع، كانت تعرض أموال على من يريدون المشاركة في تجربة إغلاق حساباتهم على "فيسبوك"، ويعتمد ذلك على مدى قيمة المنصة لدى كل شخص، فالبعض، يطلب الكثير من الأموال لأن تصفح "فيسبوك" يمثل له الكثير في حياته.

- في ضوء كل هذه النتائج، يبدو أنه من الصعب على كثير من مستخدمي "فيسبوك" إغلاق حساباتهم والابتعاد عنه على الرغم من المشكلات والفضائح التي تم الكشف عنها على مؤخرًا من اختراق للخصوصية وتسريب البيانات وانتشار الأخبار المضللة والاستقطاب والتنمر.

مدينة رقمية ضخمة

- بعد انتهاء التجارب، يجب تخيل شكل حياة الأشخاص الذين ابتعدوا عن "فيسبوك" لأسابيع، وهي حقيقة واجهت من نفذوا التجارب، ألا وهي العودة إلى المنصة، فمن الصعب الابتعاد عن موقع يستخدمه 2.3 مليار شخص شهرياً رغم أن العالم سيكون بالطبع أفضل حالاً بدون هذه الخدمة.

- رغم أن المنصة أسهمت في تعزيز التواصل بين الشعوب حول العالم وازدادت قيمتها لدى الكثيرين، إلا أن مشكلاتها أصبحت أكبر وأخطر مع الأخذ في الاعتبار أن هذه المشكلات هي ما تجعل الشركة تنمو أكثر فأكثر.

- منذ تأسيس "فيسبوك" عام 2004، استقطب الموقع جزءاً كبيرا من سكان العالم على الإنترنت وأصبح منصة ليست فقط للتواصل بل للإعلانات ونشر الأفكار المختلفة ومناقشة المواضيع وإثارة الجدل.

- يمكن القول إن "فيسبوك"  هو أول مدينة رقمية ضخمة على مستوى العالم تمكن أعداد هائلة من البشر من التواصل سواء بشكل إيجابي أو سلبي.

- لكن هذه المدينة تعج بالتضليل والمشكلات التي يمكن تفاديها، ويجب الأخذ في الاعتبار أن طباخ السم لا يذوقه، فمؤسس "فيسبوك" يقضي وقته في القراءة بعيداً عن الموقع.