قصة فاطمة أمين تحمل الكثير من العبر، فقد أطلقت مشروعها بـ200 دولار فقط، وتمكنت بالإصرار والإرادة والاجتهاد من الوصول الى النجاح، وضمان استمرارية هذا النجاح، وذلك رغم العوامل الخارجية الصعبة والسلبية.

حولت حبها للسفر الى عمل تجاري ناجح، نال إعجاب الناس وفتح أمامها الفرصة لـ"تفجير" أفكارها ومواهبها الإبداعية.

فلنتعرف أكثر الى قصة مؤسسة " Khzente Ya Khzente" فاطمة أمين، في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد":

من هي فاطمة أمين؟ وما هي فكرة "خزانتي يا خزانتي"؟

تخصصت في الإدارة والاقتصاد، وحصلت على ماجستير في العمل الاجتماعي. أما مفهوم الخزانة فقد انطلق منذ حوالي تسع سنوات؛ فخلال تواجدي في ​تايلند​، وجدت بعض الملابس والاكسسوارات والحقائب الجميلة والمميزة والمختلفة عن ما هو موجود في الأسواق ال​لبنان​ية. ومن هنا، قررت البدء بشراء القطع من كل مدينة أزورها ومن كل بلد أقصده؛ ولا بد من الاشارة الى أنني أشتري قطعة واحدة فقط من كل منتج كي تبقى السلع المعروضة فريدة.

وفور عودتي الى لبنان، قمت بتصوير المنتجات، وبيعها عبر صفحتي الخاصة على "​فيسبوك​"؛ فالموقع لم يكن في تلك الفترة بحلّته الحالية، بل كانت إمكانياته محدودة. ولم أتوقع حينها أن ينال المشروع هذا الاهتمام الكبير، ويتوسع الى هذا الحد. فالناس باتوا ينتظرون رحلاتي من أجل الحصول على القطع الجديدة. ومن خلال الأصداء الايجابية للمشروع، انتشرنا بشكل أكبر.

أما الخطوة الثاني فكانت تكمن في خلق اسم للمشروع، وتقديم المجموعة الثانية. وبالتالي شعرت بضرورة افتتاح متجر حقيقي لمرافقة المتجر الافتراضي على "فيسبوك".

ومن هنا، حصلت على متجر صغير، هو عبارة عن غرفة على سطح مبنى في منطقة الحمرا. فقمت بترميمها، وفتحت أبواب المتجر خلال عطلات نهاية الأسبوع، كما أطلقت موقعا الكترونيا خاصا بي.

وبالاضافة الى عملي في الخزانة، أنا متطوعة في عدد من الجمعيات غير الحكومية، كما أقدم التدريبات في مجال ​ريادة الأعمال​ في منظمات عدة.

الى من تتوجه خزانة فاطمة؟

في البداية، كانت الخزانة موجهة الى جميع السيدات والشابات اللواتي يرغبن في التميز وعدم ارتداء الملابس التقليدية الموجودة في الأسواق.

ومع الوقت، باتت موجهة أكثر الى الأشخاص المرحين (funky)، والاستثنائيين؛ فأنا أقدم مثلا صيحة الشراويل، أو الملابس والاكسسوارات المصنوعة يدويا،...

أما المفهوم الأساسي فيكمن في بيع قطعة فريدة من نوعها ولا مثيل لها في لبنان.

كيف تقيمين إقبال الناس على "خزانتي يا خزانتي"؟

الناس يحبون الاسم والفكرة كثيرا، لكن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد أدت الى تراجع طفيف في الحركة خلال الأشهر القليلة الماضية.

ومن جهة أخرى، ألاحظ أن الإقبال يتأثر بالبلدان التي أحصل منها على البضائع، بالاضافة الى نوع البضائع المعروضة؛ فعلى سبيل المثال، عندما سافرت الى ​المغرب​، منذ حوالي ثلاث سنوات، بعت جميع القطع خلال أسبوعين فقط.

هل تواجهين عوائق في مسيرتك المهنية خاصة بسبب اضطرارك الى القيام بسفرات كثيرة الى خارج لبنان؟

يجب أن أسافر ثلاث مرات سنويا على الأقل، من أجل تأمين البضائع للخزانة، وتقديم القطع الجديدة بشكل متواصل. لكنني لا أحتسب تكلفة السفرات المتعددة من ميزانية المتجر، وإلا كنت سأعاني حينها من خسائر كبيرة.

ما هي البلدان التي تعرضين منتجاتها في خزانتك في الوقت الحاضر؟

الخزانة تقدم دائما المنتجات من تركيا، ولكن سفرتي الأخيرة خلال شهر أيلول الماضي كانت الى ​تونس​.

كما لا زال لدي بعض المنتجات المتوفرة من سفرتي الى ​المكسيك​، وذلك بسبب تراجع حركة البيع الى حد ما.

هل تبيعين عبر ​الانترنت​ أكثر من المتجر؟

خلال تسع سنوات، تبدّلت مواقع التواصل الاجتماعي الى حد كبير. فعندما انطلقت، كان عدد متاجر الملابس عبر الانترنت شبه معدوم، ولكن منذ حوالي خمس سنوات والى حد اليوم، انتشر هذا المفهوم بشكل أكبر.

ومن هنا، عمدت الى التركيز أكثر على المتجر، اذ يهمني استقطاب الزبائن اليه.

من قدم لك الدعم خلال مسيرتك المهنية؟

أصدقائي يساعدونني كثيرا من خلال خبراتهم المختلفة؛ عرض الملابس، تصميم الموقع الالكتروني، ابتكار الشعار،...

والجدير ذكره، أن المشروع تطور بسبب حب الناس وتشجيعهم الدائم. وكانت عملية التوسع والتطور تحصل بشكل طبيعي وسلس، وقد قمنا بذلك ببطء ولكن بثبات.

ما هي الخطط التي تودين تحقيقها في المستقبل؟

لدي العديد من الخطط المتعلقة بالمتجر، ولكن بسبب الأوضاع الصعبة في لبنان، لن أتمكن من الاستثمار بشكل كبير من أجل تطوير العمل أو تحمل خسارة معينة.

ما هي الصفات التي ساعدتك على النجاح كرائدة أعمال؟

أولا، أهتم كثيرا بتنظيم الوقت، فخلال فترة الدراسة لنيل شهادة الماجستير، كنت أركز على التعليم، وأعمل في وظيفة، وأهتم بالخزانة في الوقت ذاته.

ثانيا، الشغف تجاه ما أقوم به، فأنا أحب القطع المميزة والتصوير والألوان، وقد جمعت ذلك في متجر يشبهني. كما لست ضليعة بالأزياء، ولست متخصصة بالفنون، ولكن كل من يرى الخزانة، سيلاحظ أنني أعبر عن أفكاري الإبداعية والخلاقة من خلاله.

ما هي الرسالة التي تودين إيصالها الى المرأة بالاستناد الى تجربتك المهنية الخاصة؟

عندما أقوم بالتدريبات على ريادة الأعمال وروح المبادرة، أستعين بـ"خزانتي يا خزانتي" كمثل، وهذا ما يشجع الطلاب من الشبان والشابات، أو ​النساء​ بشكل خاص، وذلك لأنهم يلتمسون تجربة حقيقية لمشروع انطلق بمبلغ 200 دولار فقط، ومن خلال المهارات والعلاقات الاجتماعية، وصلت الفكرة الى عدد كبير من الأشخاص.

وبالتالي لم أقم بما هو مستحيل، بل بما هو قابل للتطبيق من قبل أي شخص!

وبالتالي فإن مشروعي هو بمثابة ​حافز​ لكل صاحب فكرة، لكي ينطلق بالمجال الذي يستهويه.

ومن هنا، أنصح كل شخص أن يسعى لتحقيق أفكاره الخاصة وأهدافه، ولا يهتم بالربح المادي فحسب، بل بإرضاء الذات أيضا؛ فهذا الشعور هو أفضل من أي عمل آخر.

ولا بد من الاشارة في الختام الى أن المخاطرة موجودة حتما، ولكن اذا تسلقنا سلم النجاح بتأن، وقمنا بتخطيط سليم، ووضعنا من وقتنا وقلبنا وعاطفتنا، سنحصل على نتيجة رائعة.