نالت ​الحكومة​ العتيدة ثقة المجلس النيابي بأغلبية 110 نواب في مقابل 6 نواب حجبوا الثقة من أصل 116 نائبا حضروا الجلسة.

واتى التصويت على الثقة بعدما أنهى مجلس النواب جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة، والتي استمرت على مدى ثلاثة أيام ، لتبدأ بعدها مرحلة محاولة إقلاع عجلة الحكومة تجاه الإقتصاد، من أجل كسب ولو جزء ثقة الناس التي تبددت على مدى سنوات الماضية.

فهل تنجح الحكومة الجديدة في الإلتزام بالعناوين الكبيرة التي تضمنها البيان الوزاري ؟ وخاصة البنود المتعلقة بالإصلاح وتنفيذ ​البرنامج الإقتصادي​ الموضوع، وكبح مزاريب الهدر، وترشيد الإنفاق، وتفعيل الجباية الضريبية وتطوير البنى التحتية وغيرها من النقاط الأخرى. وماذا عن موازنة العام 2019 ؟ هل ستستثمر أموال "سيدر" في مكانها الصحيح؟

أسئلة كثيرة تطرح الأن، خاصة وأن جلّ من في هذه الحكومة هم وزراء مجربين، مكررين، فشلوا في تحقيق أي إنجازات تذكر في السنوات الماضية. وللإجابة عن هذه الأسئلة كان لـ"الإقتصاد هذه المقابلة الخاصة مع رئيس التجمع الوطني للإصلاح الاقتصادي د. ​إيلي يشوعي​.

بداية هل تتوقع أي نجاح للحكومة الجديدة خاصة لناحية الإلتزام بالعناوين الإقتصادية الكبيرة التي تضمنها البيان الوزاري ؟

الحكومة الجديدة بتركيبتها وطريقة تشكيلها غير قادرة أبداً على الإلتزام بما تضمنه البيان الوزاري من عناوين، فالوزراء الموجودين ليسوا بالمستوى الذي يؤهلهم لقيادة المرحلة الحالية، إن كان على المستوى الإقتصادي أو المالي أو النقدي أو الإستثماري أو الإجتماعي .. فهذه الحكومة أقل من عادية لزمن أو مرحلة غير عادية.

شخصيا ليس لدي أي ثقة بهذه حكومة وبقدرتها على فعل أي شي لحل هذه الأزمة، فأنا على دراية تامة بكافة جوانب الأزمة الإقتصادية التي نمر بها، وبالتالي أعرف تماما أن الوزراء الحاليين غير قادرين وغير مؤهلين على فعل أي شيء.

فالسياسة التي تتبعها هذه الطبقة السياسية هي سياسة الإستدانة، ويتم صرف جزء صغير من الاموال التي يتم إستدانتها على بعض المشاريع، في حين تختفي باقي الاموال. إقتصادنا صغير لا يتخطى حجمه الـ 50 مليار دولار ولا يمكنه أن يتحمل هذه النسبة الكبيرة من ​الديون​.

فكل الفرص التي سنحت امامنا في السنوات الـ 25 الماضية لم نستغلها، على الرغم من دخول مليارات الدولارات إلى البلد، التي كانت كفيلة بتحويل ​لبنان​ إلى أيقونة إقتصادية، ولكن ماذا فعلت هذه الطبقة السياسية؟

يتحدثون اليوم عن حلم تحويل لبنان إلى ​دبي​ أخرى .. ما الذي كان يمنعهم في تحويل لبنان خلال السنوات الماضية إلى دبي، إلا ​الفساد​ والمحاصصة، وعدم الإكتراث وإنعادم حس المسؤولية وتفضيل مصالحهم الشخصية على المصلحة العام، وإثرائهم غير المشروع ... فلبنان كان من أهم الدول عربية في العام 1974 إن لم يكن الأهم، في حين أن الطبقة الحالية ساهمت بخرابه وتدميره.

يتم الحديث عن عدم إقرار موازنة للعام الحالي بدون إنهاء مشكلة قطع الحساب .. ما رأيك بهذه النقطة ؟ وما هي أهمية إقرار موازنة في المرحلة الحالية ؟

موازنة 2017/2018 تم إقرارها بدون قطع حسابات الموازنات التي سبقتها، وبالتالي سيضطرون لإقرار موازنة 2019 بنفس الطريقة. ولكن ما النفع إذا كانت الموازنات عبارة عن موازنة حسابية فقط، يزداد فيها العجز من عام إلى أخر؟!

فلو تم إختيار فريق جديد ومجموعة وزراء كفوئين، لكان هناك بعض الامل، وكان بإمكاننا الإستبشار خيراً ربما بالمرحلة القادمة، ولكن هل من المعقل أن يقوم نفس الفريق الذي أوصلنا إلى هذه الحالة المزرية، بإنقاذنا من هذا المستنقع الذي نحن فيه اليوم ؟! وهل من المنطق أن نعطي ثقة للسلطة التي أوصلتنا إلى القاع لكي تنتشلنا منه مجددا ؟!

هذا الفريق راكم الديون على لبنان على مدى 25 عاما وقلّصوا حجم الإقتصاد، وساهموا بهجرة الشباب، ورفعوا نسب ​البطالة​، في ظل إنماء غير متوازن وغياب أدنى وأبسط الخدمات الأساسية للمواطنين، وزاد حجم القطاع العام إلى أكثر من ثلث القوى العاملة، فكيف يمكننا الوثوق بهم او الإستبشار خيراً منهم ؟

المرحلة المقبلة حساسة جداً، والإنهيار أو الوصول للإفلاس ليس من مصلحة أحد .. ألا تعتقد أن هذا الأمر سيكون دافعا أمام هذه السلطة لتغيير النهج والعمل بجدية ؟

ما الذي يمكنهم فعله غير فرض ضرائب جديدة على المواطنين؟

مازالو حتى اليوم يتبعون سياسات خاطئة، ففي ملف ​الكهرباء​ ها هم يسعون الأن لخصخصة القطاع وشراء الكهرباء من القطاع الخاص، في ظل عدم ضمان إمكانية الجباية الدقيقة والصارمة، مما قد يرفع من نسب العجز في قطاع الكهرباء.

فمازالوا يسعون لصفقات الشراء والبيع، ويسعون للإستفادة من الصفقات المتعلقة بالخدمات العامة.

يجب أن يعي هؤلاء بأن هناك ضرورة للخروج من صفقات الشراء والبيع، ومن المتاجرة بالخدمات العامة،. فلا ضرر في إشراك القطاع الخاص، ولكن بتلزيمات شفافة، ومن خلال هيئة عليا غير سياسية، ومشكلة من إختصاصيين مشهورين بنظافة الكف والوطنية.

لا يمكن لتجار ان تحكمنا بعد اليوم وأن تساهم بإنقاذنا، ومن في الحكم اليوم هم تجار، ويتعاملون بعقلية التاجر، لذلك أنا غير متفائل أبدا في المرحلة المقبلة.