تستمر جلسات الثقة للمجلس النيابي ال​لبنان​ي وتستمر فيها مداخلات النواب حول ملفات الإصلاحات و​النفايات​ و​الكهرباء​ و​التوظيف​ الانتخابي، حتى مع الإبهام الذي يشغل بالنا نحن كمواطنين لبنانيين حول العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية قي هذا البلد: "من يمنح الثقة لمن ومن يحاسب من، في بلد تشكّل فيه الأحزاب نفسها الأغلبية في الحكومة و​مجلس النواب​؟".

وبالتزامن مع هذه الجلسات، برز عدد من الملفات التي لا تتوافق مع مبادئ الإصلاح إن كان ملف سلفة ​كهرباء لبنان​ الذي يوحي بغياب حل جذري ​قريب​ للقطاع الذي يستنزف خزينة الدولة منذ سنوات طويلة إلى ملف تلزيم مشاريع لشركات معينة دون المرور بديوان ​المحاسبة​ او بإدارة المناقصات.

أما ​رئيس الجمهورية ميشال عون​ فأشار من جهته إلى "أننا تجاوزنا حالياً المرحلة الخطرة، وعادت السوق ال​مالي​ة أحسن مما كانت عليه قبل الأزمة. ومع تشكيل الحكومة تحسنّت الأوضاع أكثر وزال كذلك القلق النفسي للبنانيين، فالأزمة الاقتصادية لن تحل طبعاً بين ليلة وضحاها. وبعد نيل الحكومة الثقة، ستكون هناك في ال​موازنة​ إشارات عدة للدول الخارجية التي تريد تقديم المساعدة، كذلك في المقررات الحكومية، وهذا ما سيساعد لبنان اقتصادياً".

وللخوض أكثر في تفاصيل هذه المواضيع، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د. غازي وزني:

- بدايةً ما هي توقعاتك للحكومة الجديدة، وهل تتوقع أن نشهد أي حلول جذرية في المدى القريب، وخاصةً على صعيد الإصلاحات التي يتعهد بها الجميع؟

في نهاية المطاف، يجب اعطاء هذه الحكومة فرصة لأن الخيارات أمامنا باتت محدودة. إذا لم نقم بالإصلاحات فإن الوضعين الإقتصادي والمالي الى انهيار. نحن في وضع الحكومة لم تعد مخيّرة بل مجبرة على الإلتزام بتنفيذ الخطوات الإصلاحية لتتمكن من الإستفادة من فرص مؤتمر "سيدر" ولتحسين صورة الدولة أمام مؤسسات التصنيف العالمية والمؤسسات الدولية.

الخطوة الأولى التي ننتظرها من هذه الحكومة هي مشروع موازنة العام 2019 التي يجب ألا تكون موازنة أرقام بل أن تكون موازنة إصلاحية تتضمّن إجراءات تخفض العجز في المالية العامة وتحفّز النمو الإقتصادي.

نلاحظ في الفترة الأخيرة أن محاربة الفساد بات عنواناً رئيسياً لدى كافة القوى السياسية، لكن هل سيتحول إلى خطة؟ لا نعلم. التجارب السابقة لهذه القوى ليست مشجّعة، لكننا في وضع اقتصادي ومالي خطير وصعب سينهار علينا جميعاً إن لم تتم المعالجة.

- ظهر هذا الأسبوع أكثر من ملف لا يوحي بوجود نية حقيقية للإصلاح وأولها موضوع سلفة "كهرباء لبنان"، هل هناك إصلاح دون ملف الكهرباء؟

نعم المؤشرات الأولية ليست مشجّعة، لكن أود الإشارة الى أن السلفة كانت 2740 مليار ليرة لبنانية في البداية ثم تم تخفيضها الى 800 مليار واليوم يجري الحديث عن 400 مليار فقط. هم يقولون أن الإصلاح سيجري على ثلاثة مراحل: مرحلة قريبة المدى، مرحلة متوسطة المدى ومرحلة طويلة المدى، وبرأيي هذه إشارات للجهات الداعمة لـ"سيدر".

- تشير ​مصادر مصرفية​ الى اتجاه الفوائد على الودائع بالليرة وبالدولار للإنخفاض في نهاية الفصل الأول من العام 2019، ما هي توقعاتك في هذا السياق، خاصة مع الحديث عن توقف رفع الفائدة الأميركية؟

رفع وتخفيض أسعار الفوائد متعلّق بعدّة عناصر: أولها وضع المالية العامة، فالعجز المرتفع يؤدي الى رفع الفوائد، وثانياً تصنيفات الوكالات الدولية، فعندما تخفّض "​موديز​" تصنيفها للبنان من "B-" إلى "Caa1" يعني زيادة المخاطر أي رفع الفائدة، بالإضافة طبعاً إلى سعر الفائدة في ​الولايات المتحدة​ التي ساهم ارتفاعها برفع أسعار الفائدة في لبنان.

أما اليوم، وبعد تشكيل الحكومة، بات هناك عوامل مشجعة لإمكانية خفض معدلات الفوائد، مشروط بتحسن الوضع الإقتصادي والمالي طبعاً.

- أعلن السفير السعودي في لبنان عن رفع بلاده الحظر على سفر مواطنيها الى لبنان، ما هي أهمية هذه الخطوة لجهة عودة العلاقات الى طبيعتها؟

هذا الإعلان يعتبر من الأمور الإيجابية التي حصلت هذا العام أيضاً بالإضافة لتشكيل الحكومة، البدء باستخراج النفط في أيلول، دورة التراخيص الثانية التي يجري التحضير لها، ومؤتمر "سيدر".

عودة التقارب مع ​السعودية​ سيؤدي أيضاً لإعادة تنشيط العلاقات الإقتصادية التي تتراجع منذ العام 2012. ​السياحة السعودية​ تراجعت بأكثر من 65% إلى أقل من 30 ألف سائح.

وفي الوقت نفسه، هبط حجم التبادل التجاري والإستثمارات بين البلدين، لذلك فإن قرار رفع الحظر لا يعني فقط عودة السياح السعوديين الى لبنان بل يعني قرار بعودة سعودية الى لبنان من باب السياحة.