مع تسلّمه وزارة الاتصالات ، غرّد الوزير ​محمد شقير​ على حسابه الخاص على ​تويتر​ فقال:"مشروعي إيصال شبكة الألياف الضوئية fiber optic من بيروت حتى آخر بيت في لبنان وتحسين الاتصالات".

لا شك ان عصر اليوم القرن 21 هو عصر الاتصالات والتكنولوجيا والمعلوماتية  بلا منازع بعدما سحقت كل القطاعات الاخرى واحكمت عليها السيطرة بشكل اضحت معه خاضعة في انتاجها لتقدم  الاولى .

وكثيرا ما يتم التداول  بموضوع الألياف الضوئية أو "الفايبر" دون أن يعرف البعض مدلولها أو استخداماتها، إلا أنها فى الحقيقة هى ألياف شفافة مصنوعة من الزجاج النقى، بقطر أصغر من شعر الإنسان، ويجرى استخدامها فى الاتصالات الضوئية البصرية، خصوصاً أنها تتميز بالقدرة على البث لمسافات طويلة وتتيح معدل نقل بيانات كبير للغاية مقارنة بكابلات السلك التقليدية.

وتستخدم ​الالياف الضوئية​ بدلا من الاسلاك المعدنية حيث تسافر فيها البيانات بمستوى آمان اعلى من الاسلاك التقليدية من حيث خطر فقدانها ، كما انها محمية من خطر ضد التداخلات الالكترو مغناطيسية التي تعاني منها الاسلاك المعدنية بشكل كبير.

في 13 شباط الفائت، اطلق وزير الاعلام الحالي ، الاتصالات سابقاً مشروع الألياف البصرية على جميع الأراضي اللبنانية. وقال في كلمة ألقاها في سراي الحكومي: "إن اللبنانيين سينعمون بسرعة ​انترنت​ غير مسبوقة في تاريخ لبنان، وهذا الانجاز هدية للشباب اللبناني الحالم بوطنه في ذكرى 14 شباط" .

وبعدها، ألقى رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ كلمة هنأ خلالها اللبنانيين بهذا الإنجاز، واصفاً انجاز مشروع ​الانترنت​ السريع بالمشروع المهم جدا للبنان لأن المواطنين بحاجة الى هذا النوع من التكنولوجيا التي تساهم في تسهيل اعمالهم وتخلق وظائف وفرص عمل عديدة لهم.

وهنا لا بد من الاشارة الى  انه على صعيد ​سرعة الانترنت​ السريع ، يحتل  لبنان المركز الـ165 من أصل 200 بلد لعام 2018.

رحلة التلزيم

لم تبدأ رحلة تلزيم مشروع الالياف البصرية بسلام  في وزارة الاتصالات اذ ان البعض رأى ان الوزير الجراح اطلق يد الشركات الخاصة في هذا القطاع لقاء بدلات اعتبرتها  نقابة موظفي اوجيرو زهيدة، وسبقها إعطاء شركات محدودة عقداً بقيمة 300 مليون دولار لتمديد الالياف في كل لبنان، بالرغم من أن بعض الوزراء المتعاقبين أكدوا أن ​أوجيرو​ يمكنها، بقدراتها الذاتية، أن تقوم بهذه المهمة، وخوفا من الموظفين من ان يأتي اليوم الذي يتم فه الاستغناء عنهم  قاموا مع الاتحاد العمالي العام بقيادة رئيسه الدكتور بشاره الاسمر الذي يبقى رأس الحربة في كل مواجهة للأقتناص من الحقوق العمالية ، بالطعن بقرارات الجراح إعطاء تراخيص مد الالياف البصرية للشركات الخاصة، ثم استكملوه بطعن جديد بالمرسوم الذي يعطي الحق نفسه للقطاع الخاص امام مجلس شورى الدولة في 25 نيسان الفائت . اليوم في شباط 2019 ، لم يعلن ​مجلس الشورى​ عن قراره بعده في حين  انه في خطوة لافتة  للوزير ​جمال الجراح​، قبل تسليمه  وزارة الاتصالات لخلفه ، إصدر 3 قرارات يتراجع فيها عن 3 قرارات أصدرها في 5 آذار 2018، ويجيز فيها لكل من شركات: ترايسات (Tri Sat)، غلوبال كوم داتا سرفيسز (GDS) ووايفز (Waves)، ممارسة حق المرور والترابط باستخدام شبكة الألياف الضوئية المحلية العائدة للوزارة وربط المشتركين بشبكتها . ولم تمنع القرارات الثلاثة   الشركات نفسها من الحصول على ترخيص جديد.

خطوة تسبق القرار؟

بعض المصادر اعتبر ان خطوة الوزير تصب في  الاستباقية لإعلان الشورى عن قراره في الطعون المقدمة اليه من قبل الاتحاد العمالي ونقابة موظفي اوجيرو . والمصادر نفسها تلفت الى ان الوزير الجراح  في قراراته، يستند  إلى المرسوم الرقم 3260 الصادر في الجريدة الرسمية في 12 حزيران الماضي، والمتعلق بتحديد الإطار العام لتنظيم إدخال خدمات نقل المعلومات و​الإنترنت​ الفائقة السرعة بواسطة ​القطاع الخاص​ والأصول الواجب اتباعها للسماح للشركات المرخصة باستعمال البنى التحتية العائدة للوزارة من أجل تأمين هذه الخدمات. اي بما معناه أن الرجوع عن القرارات يستوجب أن يتم بمجرد صدور المرسوم وعدم الانتظار 6اشهر.

من الناحية القانونية ، فإن إلغاء القرارات المطعون بها يجعل مجلس الشورى أمام طعون فارغة وقد يحول دون إصدار قرارات إلغاء. وهذا يعني ان الاتحاد العمالي ربح مرة اخرى معركة مطلبية من ضمن سلة يتمسك بها حفاظا على مكاسب الطبقة العاملة.  

وبغض النظر عما اراد ه الوزير الجراح ، فإنه بدون شك  سيترك قضية حل هذا الملف الى وزير الاتصالات الجديد محمد شقير المتحمّس جداً الى تنفيذ مشروع الالياف الضوئية باعتباره احد العوامل المساعدة على إطلاق المشاريع الجديدة و​الاستثمارات​ المطلوبة منذ فترة طويلة يحتاجها ​الاقتصاد اللبناني​.

التنفيذ على الارض

اكثر من ثلاثين مشروعاً يتم العمل بهم الآن في ​قطاع الاتصالات​ تديرها "​هيئة اوجيرو​" . جميع السنترالات رُبطت في ما بينها بشبكة ألياف ضوئية . والمشروع يتضمن  مدّ ما بين 11000 و15000 كيلومتر من الألياف الضوئية في كل المناطق اللبنانية، بما يتيح للمستهلكين الولوج إلى ​شبكة الإنترنت​ بسرعة 50 ميغابيت/ ثانية.

المشروع سيستمر لمدّة أربع سنوات حتى يغطّي كل المناطق اللبنانية . وهو لا ينحصر بتقديم خدمة انترنت بسرعة كبيرة، بل ستكون لدى الهيئة القدرة على تقديم سلّة مكوّنة من 21 خدمة من بينها داتا المعلومات والصوت والصورة لكل مشترك، وستكون هناك مجموعة واسعة من الخيارات لإنعاش إيرادات الهاتف الثابت عبر بعض هذه الخدمات. والامر مرتبط برغبة الدولة في تعزيز المنافسة، لأن التسعير ينحصر بصدور قرارات عن مجلس الوزراء، على عكس ما يحصل في القطاع الخاص الذي لديه مطلق الصلاحيات  في تقديم الخدمات بأسعار منافسة.

وعلى الارض ايضاً ، في المدة الاخيرة ،  بدأت شركات القطاع الخاص تمديد شبكات الالياف  البصرية وهي تتيح لها تقديم سلّة من الخدمات للزبائن، أبرزها نقل المعلومات والانترنت والصوت والصورة.

مشروع الالياف الضوئية من اهم المشاريع الواجب المضي بها بعيداً عن اي احتكارات وصفقات لابل من المفترض ان تكون مربوطة بحوكمة وشفافية لتأتي جدواها على مستوى الآمال  والايام المقبلة كفيلة بتقييم الرقابة المطلوبة .

والوزير محمد شقير رجل اعمال ناجح يأتي من القطاع الخاص المحرر من اي بيروقراطية معقدة، فهل ينجح في الجمع الصائب بين القطاعين لما فيه مصلحة قطاع اتصالات من المفترض ان يكون في مقدمة ابواب الواردات الى خزينة الدولة ؟

وبعد هذه الجولة ما هي  المعركة التالية التي يريدها إصلاحية  الاتحاد العمالي العام ؟