تقرير "​بنك عودة​" الخاص بالفصل الرابع 2018

من أجل تصويب مسار النمو الإقتصادي نحو طاقاته طويلة الأمد

خلال وضع الصيغة النهائية لهذا التقرير، شهد لبنان تشكيل حكومة وحدة وطنية، ووضع نهاية لحالة الجمود السياسي التي استمرت 8 أشهر منذ الانتخابات البرلمانية في أيار الماضي، مما أدى إلى ردود فعل إيجابية من قبل ​المجتمع الدولي​ وولّد انتعاشا في ​الأسواق المالية​ المحلّية بشكل عام. كما يشهد على ذلك التقلص الملموس في عائدات سندات اليوروبوندز اللبنانية وهوامش مقايضة المخاطر الإئتمانية. ناهيك عن تغيّر الاتجاه في سوق العرض والنقد، مع الإشارة إلى أن هذا التقرير التالي يغطي العام 2018 بالكامل، أي قبل تشكيل الحكومة الذي طال انتظاره.

• ظروف القطاع الحقيقي صعبة في عام 2018

شهد القطاع الحقيقي للاقتصاد اللبناني ظروفًا صعبة نسبيًا في عام 2018، في حين استمر القطاع المالي في النمو بشكل معتدل. وقد قام ​صندوق النقد الدولي​ بتعديل تقديره للنمو الحقيقي لعام 2018 للبنان إلى 1% من التوقعات السابقة البالغة 1.5%. وفي المقابل يقدر ​مصرف لبنان المركزي​ نمو لبنان في العام 2018 ضمن نطاق يتراوح بين 1.5% و2%. في حين أن عام 2018 قد شهد مزيدا من التباطؤ في النمو الإقتصادي، إلّا أنه لم يشهد ركودا بالمعنى الحقيقي للركود، أي نمو سلبي أو ​انكماش​ صافي في الاقتصاد الحقيقي في لبنان. ويرتبط هذا التباطؤ في 2018 بموقف الانتظار والترقب العام الذي يتخذه المستثمرين في ​القطاع الخاص​ الذين امتنعوا عن الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة في لبنان، في حين تمكن الاستهلاك الخاص من الاستمرار في النمو بشكل معتدل.

• نمو معتدل لعجز ​الميزان التجاري​ وسط نمو الصادرات و​الواردات​ بشكل طفيف

شهدت حركة التجارة الخارجية في لبنان زيادة معتدلة في إجمالي التجارة الخارجية بنسبة 2.8% خلال الأشهر الاحد عشر الأولى من عام 2018 نتيجة لزيادة الواردات بنسبة 2.5% والصادرات بنسبة 4.3%. وبالتالي، ارتفع ​العجز التجاري​ بنسبة 2.2%، من 15.4 مليار دولار إلى 15.7 مليار دولار خلال هذه الفترة. وفي موازاة ذلك وفي سياق الانكماش في التدفقات المالية إلى لبنان والنمو الإيجابي في العجز التجاري خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من عام 2018، سجل ميزان المدفوعات عجزًا متزايدًا خلال هذه الفترة.

• شبه استقرار في ​الأصول الأجنبية​ لمصرف لبنان المركزي وأول ارتفاع لفوائد ​سندات الخزينة​ بالليرة اللبنانية في 2018

في خضم التوترات السياسية الداخلية المستمرة ، شهدت الظروف النقدية للبنان في عام 2018 تحويلات صافية لصالح العملات الأجنبية في سوق القطع، وشبه استقرار في ​الأصول الخارجية​ للبنك المركزي على الرغم من سداد سندات يوروبوند مستحقة نقدا، وارتفاع أسعار الفائدة على الأوراق السندات بالعملة المحلية. وقد تقلصت الأصول الأجنبية للبنك المركزي اللبناني قليلا بنسبة 2.3 مليار دولار في عام 2018 لتصل إلى 39.7 مليار دولار في نهاية كانون الأول. وسجلت نسبة تغطية ​الكتلة النقدية​ بالليرة بالموجودات الخارجية للمركزي 77.1% في العام 2018، وظلت أعلى بكثير من متوسط الاحتياطي في البلدان ذات التقييم المشابه لتقييم لبنان (41.6%). أمّا الفائدة من يوم ليوم فقد شهدت تذبذباً قوياً خلال النصف الثاني من عام 2018 وسط نقص ​السيولة النقدية​ المحلية في ​سوق المال​، بحيث وصلت إلى 75% في كانون الأول، قبل أن تنخفض ​​إلى مستويات عادية دون 10% في نهاية كانون الثاني 2019 بعد الدعم الخليجي وتشكيل ناجح للحكومة اللبنانية.

• سيولة سليمة ونمو مرض في عام صعب

مرت ​المصارف اللبنانية​ بسنة صعبة في عام 2018، وسط توترات سياسية داخلية وعدم وجود حكومة في الجزء الأكبر من العام. ومع ذلك، سمحت الثقة في ​النظام المصرفي​ وثبات قاعدة الودائع، مقترنة بالسيولة المصرفية السليمة للبنوك في متناول اليد، للقطاع بأن يصمد أمام الأوقات الصعبة وأن يحقق نمواً صافياً في الودائع، وهو محرك نموه التقليدي. ارتفعت ودائع العملاء، التي تمثل 70% من إجمالي الميزانيات، بنسبة معتدلة بلغت 3.3% في العام 2018، أي ما يعادل 5.6 مليار دولار أميركي (6.8 مليار دولار أميركي عند إدراج ودائع القطاع المالي والقطاع العام)، بعد نمو ملحوظ في شهر كانون الأول عائد جزئيا إلى إقفال الميزانيات السنوية فيما تعززت نسبيا سيولة المصارف في الخارج خلال العام.

• نمو متوقّع في ​الناتج المحلي​ الإجمالي الحقيقي 2.5% لعام 2019 بعد تشكيل الحكومة مدفوعة بالاستهلاك، والإنفاق على ​البنية التحتية​، والتصدير.

يقول تقرير "بنك عودة" إن توقعاتنا الماكرو إقتصادية للعام 2019 تتمحور حول ​نمو الناتج المحلي الإجمالي​ الحقيقي بنسبة 2.5% (6% بالقيم الإسمية) في أعقاب تشكيل الحكومة الأخيرة ، وعلى أساس التقدم البطيء في إصلاحات "سيدر" وتنفيذها. سيكون النمو الإقتصادي الاسمي مدفوعا بما يلي: (1) نمو بنسبة 6.5% محليا في حركة الاستهلاك الخاص. (2) بينما من المرجح أن يظل الاستثمار الخاص في حالة ركود عند مستوى 2018 وسط حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي التي تؤثر على مبادرات المستثمرين. (3) مع نمو بنسبة 24% بالإستثمار العام، انطلاقاً من قاعدة ضعيفة نسبيا في سياق برنامج الاستثمار الرأسمالي الجديد للدولة؛ (4) إلى جانب نمو الصادرات بنسبة 14% على أساس إعادة فتح المعابر السورية / الأردنية في الآونة الأخيرة لصادرات الأراضي اللبنانية. وبالتوازي مع ذلك، ستنمو الكتلة النقدية بنسبة 4% على خلفية نمو بنسبة النقود الوافدة بنسبة 8% من شأنها أن تقلل إلى حد ما عجز ميزان المدفوعات.