جاك مشعلاني هو رجل أعمال ومجتمع ودولة، نال التقدير محليا وعربيا وعالميا، بسبب خبرته المهنية وتحليلاته الشاملة ومعلوماته الدقيقة. يمتلك أكثر من 35 عامًا من الخبرة في مجال تطوير الأعمال المصرفية والتمويل في ​أوروبا​ و​الولايات المتحدة​ و​آسيا​.

وقد حاز على ماجستير في القانون، وإجازة في الاقتصاد، من "University of Paris 2 – Assas"، بالاضافة الى ماجستير في إدارة الأعمال من "معهد الدراسات السياسية في ​باريس​". كما تابع الدراسة في القانون الدولي الخاص واللوائح القانونية الدولية في "أكاديمية لاهاي للقانون الدولي"، وفي البرنامج التنفيذي للقيادة العامة في "كلية كينيدي الحكومية" في "​جامعة هارفارد​".

خلال سنوات خبرته المهنية، كان شريكًا في شركات عدة، كما شغل مناصب تنفيذية عليا في مجال التمويل، وإدارة البنوك وشركات إدارة الاستثمار للمجموعات المالية الرئيسية، بما في ذلك "​بنك الصين​"، و"Banque Heritage"، و"UBP"، و"Julius Baer"، و"​باركليز​"، و"Kleinwort Benson"، و"BAII".

في العام 2010، أسس شركة "Mechelany Advisors" في جنيف في ​سويسرا​، ثم أوصلها إلى ​الشرق الأوسط​ لتصبح "Mechelany Advisors FZE "، ومقرها ​الإمارات​.

ومن خلال مع الأدوار الإدارية في الشركات المالية، والتفاعل المستمر مع ​البنوك المركزية​ ووزارات المال، اكتسب مشعلاني خبرة مباشرة في الاقتصاد الكلي (macro-economic)، وفي الظروف الجغرافية السياسية لأهم ​المناطق الاقتصادية​.

والى جانب ذلك، أسس في العام 2017 "حزب ​لبنان​" الذي يسعى من خلاله الى بسط سيادة القانون، اعتماد العلمانية الاختيارية، توحيد اللبنانيين، بناء الهوية اللبنانية.

فلنتعرف أكثر الى جاك مشعلاني في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد":

كيف تصف مسيرتك المهنية الطويلة والغنية بالأحداث؟

لا شيء يأتي بسهولة، والنجاح هو ثمرة العمل والتماسك والتركيز والجهد. كما يجب أن يتابع الانسان دراسته، ومن ثم التركيز على تحقيق النجاح، من خلال اكتساب الخبرات المختلفة، في كل المواضيع أو المجالات التي تستهويه.

ما هي الصفات التي أسهمت في وصولك الى النجاح المهني؟

رائد الأعمال يكون بالعادة وحيدا، وبالتالي لا يجب أن يخاف، بل عليه الاهتمام بتفاصيل العمل كافة (الكهرباء، الضرائب، المحاسبة،...) لكي ينجح. كما أن تقدمه متعلق بشخصيته، فاذا كان محبا للمخاطرة، سيناسبه عالم ​ريادة الأعمال​، أما اذا كان يخشى المخاطرة سينجح أكثر كموظف في مؤسسة كبيرة، حيث قد ينجح في شق طريقه وإظهار قيمته المضافة.

ومن هنا، أنصح أولادي أن يبدأوا مسيرتهم كموظفين، لكي يتعلموا أسس الشركات وبنيتها ونظامها، ومن ثم يفكروا في ريادة الأعمال. وبالتالي لا يجب أن يبدأوا من هذه المرحلة لأنهم لن يحصلوا بهذه الطريقة على الخبرة التي سيحتاجون اليها في المستقبل.

هل واجهت يوما أي صعوبة في العمل دفعتك الى الشعور بالرغبة في الاستسلام؟

نعم بالطبع، ففي العام 2011، أسست شركة ناشئة على الانترنت في ​كاليفورنيا​، وأطلقنا تطبيقا كان واحد من أكثر ​التطبيقات​ الواعدة في المستقبل، بحسب صحيفة "USA Today".

ولكن بعد سنتين من العمل، لاحظنا أننا نستثمر الأموال في المشروع بطريقة غير مستدامة، وقد وصلنا الى مرحلة كنا بحاجة فيها الى المراجحة ما بين مواصلة العمل رغم الافتقاد الى موارد التمويل، أو إيقاف المشروع؛ فقد وضعنا ملايين الدولارات في الشركة،هل نتوقف أم نستمر؟

وكان النتيجة النهائية إنهاء المشروع، وأعتقد أن هذا القرار كان مناسبا، لأننا كنا بحاجة الى استثمار مبلغ 30 مليون دولار في حال أردنا الاستمرار، وذلك دون أي ضمانات على النجاح.

ولا بد من الاشارة الى أن عالم ​الشركات الناشئة​ صعب ومعقد، لأن الشخص يبدأ بفكرة معينة، وبعد ذلك سيسعى بكل جهوده من أجل إيصالها الى نقطة النجاح، لكن هذه العملية تتطلب الكثير من الموهبة و​الطاقة​ ورأس المال والخبرة والمهارة.

ويجب أن يتقبل رائد الأعمال فكرة أن كل مشروع من أكثر عرضة للفشل من النجاح، ولهذا السبب عليه دراسة الجوانب كافة قبل الإقدام على أي خطوة.

فللأسف نرى اليوم العديد من الأشخاص الذين يرمون أنفسهم في مشاريع دون أي تحقيق دقيق للإيجابيات والسلبيات. كما نلاحظ أن العديد من الموظفين الناجحين في شركات كبرى، لديهم رغبة في أن يصبحوا رواد أعمال، فيستقيلون من الوظيفة ليلاحظوا بعد فترة أن مسار بات مختلفا تماما.

من هنا، تجدر الاشارة الى أنه يجب الدخول الى عالم الأعمال بعناية وحرص، وبعد دراسات وتحليلات دقيقة.

هل وصلت الى طموحاتك المهنية كافة؟

الشخص الطموح لن يصل أبدا الى مرحلة النهاية، بل سيسعى دائما الى تنفيذ المشاريع الجديدة على مختلف الأصعدة (سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا،...).

ما هو الإنجاز الأكبر الذي حققته الى حد اليوم؟

السعادة تعتبر الإنجاز الأكبر بالنسبة لي.

هل شعرت بالتقصير تجاه وقتك الخاص وعائلتك بسبب أعمالك الكثيرة؟

مع كل يوم يأتي، نحصل على 24 ساعة جديدة وعلى كمية كبيرة من الطاقة، ووالسؤال يكمن في كيفية استخدامها؛ فهل سنخصصها للعمل؟ للعائلة؟ للأصدقاء؟ للعلاقات الغرامية؟ للمنزل؟ للمجتمع؟...

أما "اللذة" الأكبر في ريادة الأعمال، فتكمن في أن يكون الانسان مديرا لنفسه، وبالتالي قادر على تنظيم وقته.

ومن خلال تجربتي المهنية، تعلمت درسا في الحياة؛ فعندما يشعر الشخص أنه يسير في الاتجاه الخاطئ عليه التوقف والعودة الى الوراء، ومن الأفضل أن لا يواصل المسيرة. كما يجب أن يتحلى بالتركيز لكي يتمكن من الاستمرار والوصول الى المرحلة المفصلية التي يقرر فيها مواصلة الطريقة أو الرجوع الى الخلف.

برأيك، هل أن الشهادة الجامعية كافية من أجل نجاح الانسان وتقدمه؟

التعليم يساعد الانسان على الوصول بسرعة أكبر ويوفر عليه بعض الوقت، لكنه غير كاف ولا يعدّ الطريق الوحيد للنجاح.

نصيحة الى جيل الشباب اللبناني.

الخبرة تسهم في تحسين وضع الانسان في الحياة، وطريقة العمل في لبنان مختلفة عن ​دبي​ مثلا، أو أوروبا أو ​استراليا​. وبالتالي فإن نصيحتي للمتخرجين هي أن يستفيدوا من فرص السفر والتعلم والعمل في الخارج، ويعودوا بعد ذلك الى لبنان.

فاذا حصل الجيل اللبناني الجديد على الخبرة من الخارج، وتعلم كيفية العمل والعيش في نظام مختلف، قبل العودة الى بلده الأم، سيسهم بذلك في تحسين حياته من جهة، ومجتمعه من جهة أخرى.

فللأسف نجد في لبنان أن العديد من الجهات تفتقد الى الاحترام والتقيد بالقوانين والأنظمة، وقد اعتدنا على العمل في جو غير منظم. في حين أن عوامل إنجاح أي مشروع، تكمن في احترام الآخر والتقيد بالقوانين.

ونلاحظ أن الدول تزدهر اقتصاديا بسبب وجود نظام يلتزم به الناس، ومن هنا يستخدمون كل طاقاتهم للعمل والنجاح، ولا يتلهون بأمور سياسية (مثل تشكيل الحكومة) أو حياتية (تأمين ​المياه​، الكهرباء،...)،...

فالشعب يتكيف مع نظامه الإيكولوجي، والمشكلة في لبنان تكمن في أن نظامنا فاشل ويفتقر الى الدقة والكفاءة والفاعلية.

وبالتالي يجب العمل على حل مشاكلنا المحلية، لأننا نتحلى بثروة كبيرة من رأس المال البشري، ولو كان نظامنا ناجح، لكنا بلد رائع ولا مثيل له؛ ولدينا كل المقومات من أجل تحقيق هذه الغاية.

ولكن للأسف، لا نستطيع أن نتخلص من الطائفية والتجاذبات والمحسوبيات و​الفساد​، كما لا نجد من يفكر ويخطط، بل إن كل مسؤول يفكر في مصلحته الشخصية بدلا من المصلحة العامة. وقد وصلنا الى مرحلة يمكن أن نطلق على اللبنانيين تسمية "الناجين النفسيين" (psychological survivors).