صدقت الأحوال الجوية وكذب السياسيون! فوعود "نورما" و"ميريم" بالثلوج تحولت الى حقيقة، في حين أن وعود المسؤولين السياسيين بتشكيل الحكومة خيبّت، ولا تزال، ظنون اللبناني مرة بعد مرة...

فبعد طول انتظار، ارتدت جبال لبنان حلّتها البيضاء، وشعر عشّاق ​رياضة​ التزلّج بالسعادة والحماس بسبب انطلاقة الموسم بدأ باكرا هذا العام، بعد حرمان دام لسنوات عدة، نتيجة نقص كمية الثلوج، ما أدى الى تدهور حالة ​السياح​ة الشتوية، التي تعد عاملا أساسي في بنية ​الاقتصاد اللبناني​ بشكل عام، وفي الأوضاع المعيشية لسكان المناطق الجبلية بشكل خاص، كونها تؤمّن عددا كبيرا من الوظائف الموسميّة.

لكن التزلج رياضة لا يستطيع ممارستها سوى الميسورين، ومن هنا يبقى التعويل على قدوم المغتربين اللبنانيين والسياح العرب والأجانب، لإنعاش هذا القطاع.

فلنتعرف الى حركة هذا الموسم وتوقعات المرحلة المقبلة، في هذه المقابلة الخاصة مع أمين عام اتحاد النقابات السياحية في ​لبنان​ ​​جان بيروتي​:

كيف تقيم موسم التزلج لعام 2019 الى حد اليوم، بالمقارنة مع السنوات القليلة الماضية؟

لقد أنعم الله علينا بالثلوج هذا العام، وانطلق الموسم باكرا. كما أن واقع الثلج جيد جدا، لكنه لا يزال محصورا ب​السياحة​ المحلية، ولم يتم استثماره بالسياحة الخارجية، وبالتالي لم نشهد على قدوم السياح من أجل ممارسة التزلج في لبنان. ويعود ذلك الى أن العطل الرسمية في ​الدول العربية​ هي خلال شهر شباط القادم، وبالتالي نأمل أن تتحسن حركة السياحة حينها.

فقد سمعنا وعود كثيرة من ​الدول الخليجية​ حول قدوم السياح الى لبنان في حال تأليف الحكومة، وهذا الواقع مؤشر على أننا قادمون نحو فترة من الاستقرار السياسي.

وأتمنى أن نعي أهمية السياحة التي كانت إيراداتها تصل الى 8 مليار دولار في العام 2010، في حين أنها لا تتخطى اليوم حدود الـ3 مليار دولار فقط.

والجدير ذكره، أن الحركة في المناطق الجبلية التي تضم مراكز للتزلج، ناشطة للغاية، بسبب العنصر الداخلي اللبناني.

أين تكمن أهمية السياحة الشتوية بالنسبة الى الاقتصاد المحلي؟ هل تلعب دورا مهما؟

السياحة الشتوية تحرك العجلة السياحية في المناطق الجبلية، فالأشخاص الذين يقصدون مراكز التزلج يستأجرون ​الغرف الفندقية​ أو الشقق، ويستهلكون الأطعمة والمشروبات وغيرها. وبالتالي فإن هذه الرياضة تؤدي الى إنفاق الأموال على مستوى مقبول ومرتفع؛ انطلاقا من محلات تأجير المعدات والملابس، وصولا الى المدربين وأصحاب عربات الثلوج.

كما أن هذا الموسم يساعد الأشخاص الذين يعيشون في الجبال على تأمين المداخيل ولقمة العيش من أجل البقاء في منازلهم. وهذا ما افتقدنا اليه خلال السنوات الأربعة الماضية بسبب غياب الثلوج عن لبنان.

ومن هنا، لا بد أن نشكر الله على نعمة الثلج، التي أدت الى تحريك هذا ​القطاع السياحي​ الموسمي، الذي يغطي فترة معينة تمتد من كانون الثاني وحتى نصف آذار، والتي تكون فيها الحركة السياحية ضعيفة الى حد ما.

نرى زحمة كبيرة في المناطق الجبلية وخاصة تلك التي تحتوي على مراكز للتزلج. كيف يتمكن اللبناني من ممارسة هذه الهواية رغم الضيقة المعيشية التي يعاني منها منذ فترة؟

لبنان من أرخص البلدان التي من الممكن أن يمارس فيها الشخص رياضة التزلج، اذ أن قيمة تأجير معدات التزلج قد تترواح بين 10 و15 دولار، في حين أنها تصل في بلدان أخرى الى 100 يورو. كما رسم الدخول خلال أيام الأسبوع تصل الى 40 ألف ليرة، و25 ألف ليرة لنصف النهار.

وبالمقارنة مع الدول الأخرى التي تضم محطات للتزلج بهذا المستوى المتقدم الموجود في لبنان، نجد أن أسعارنا المحلية أرخص.

ولا بد من الاشارة الى أن الأشخاص الذين يقصدون مراكز التزلج لا يمارسون جميعهم هذه الرياضة، اذ أن البعض يصطب الأولاد للعب، والبعض الآخر ينظم النزهات على الثلج.

ولكن للأسف فإن السياحة الشتوية ليست مناسبة للميزانيات كافة، وهذه الرياضة بالتحديد ليست عادية، بل تتطلب تدريب وحضور وممارسة، وتعد مكلفة في كل دول العالم، وموجهة الى فئة معينة من الناس.

وهناك نسبة كبيرة من اللبنانيين الذين يمارسون هذه الهواية، ولكن بإمكان الشخص أن يقصد مراكز التزلج مرة أسبوعيا أو مرة شهريا، وهذا الأمر مرتبط بإمكانياته المادية.

بالعودة الى الفترة الماضية، كيف تقيم الحركة المسجلة خلال الأعياد؟

خلال فترة الأعياد شهدنا على حركة مرتفعة، كما أن المؤتمرات والمناسبات التي تلت تلك الفترة، أدت الى حركة مميزة للغاية في بيروت. أما خارج العاصمة، فكانت ضعيفة نسبيا.

إنما ارتفع عدد السياح اجماليا بنسبة تترواح بين 5% و7% خلال العام 2018 بالمقارنة مع العام 2017.

ما هي توقعاتك للمرحلة القادمة؟

لبنان يضم شعوب وطوائف عدة، وكان من المفترض أن نكون نموذجا للتعايش بين الحضارات، لكننا تحولنا للأسف الى موضوع إشكالية، لأننا نتقوقع على أنفسنا أكثر وأكثر، ونصبح "مجرمين" بحق بلدنا.

فكل الطوائف الموجودة في لبنان، لم تؤمن أي حماية وأمان واستقرار وسلام وازدهار لأهلها. في حين أن البلد لا يقوم إلا بأولاده كافة. ومن هنا، أتمنى أن نستيقظ على الواقع ونخاف من خسارة بلدنا.

أما بالنسبة الى موضوع الحكومة، فلا يمكن الاتفاق على توزير ممثلين أو مدراء لشركات، كل واحد منهم يريد خدمة مصالحه الشخصية. بل من المفترض أن تكون الحكومة فريق عمل موحد، ولكن للأسف لا نرى هذه المواصفات في حكومتنا القادمة.