دخل الاغلاق الحكومي في ​الولايات المتحدة الاميركية​ شهره الثاني، ومن الواضح ان رجل الصفقات ​دونالد ترامب​ وبعد عامين من انتخابه رئيسا لا يستطيع التوصل إلى اتفاق مع الديمقراطيين لإنهاء ازمة الاغلاق الذي يعد الاطول في تاريخ واشنطن، في ظل تضاؤل الأمال في الخروج من هذه الأزمة التاريخية التي تلقي بظلالها على ​الاقتصاد الأميركي​ ومعنويات المواطنين .

ويأتي هذا الاغلاق نتيجة عجز ​الكونغرس​ عن إقرار ​موازنة​ تمول عمل الحكومة بسبب النزاع بين الديموقراطيين في الكونغرس و​البيت الأبيض​، بخصوص تمويل جدار على حدود ​المكسيك​ للحؤول دون دخول ​المهاجرين​، حيث يرفض ترامب التوقيع على قانون موازنة لا يتضمن مبلغ 5.7 مليار دولار يريده لتنفيذ أحد أبرز وعوده الانتخابية وهو بناء الجدار، في حين ترى المعارضة الرافضة لبناء الجدار، أن هذا المشروع "غير أخلاقي" ومكلف وغير نافع، وتدعو إلى إعادة فتح الإدارات كمطلب أساسي.

وتعامل ترامب مع الإغلاق على أنه تحدى دعائى، واستخدم تقريبا كل أدواته لإقناع الناخبين بأن الوضع على الحدود الجنوبية قد بلغ مستوى الأزمة، وأن الحل سيكون فقط عن طريق بناء حاجز مادى.

وعلى الرغم من أن الإغلاق الجزئي يطال 0.5 % فقط من الموظفين الأميركيين، إلا أن الإغلاق الحكومي بدأ يؤثر بشكل غير مباشر على معنويات الأميركيين وأكثر من نصف المستهلكين، وبدأ الثمن السياسي لهذا الإغلاق بالظهور، فغالبية الأميركيين يحمّلون الجمهوريين والبيت الأبيض المسؤولية في ما آلت إليه الأمور، وفق العديد من الاستطلاعات.

فيجد 800 ألف موظف فيدرالي أنفسهم في حالة ​بطالة​ قسرية أو يعملون بدون أجر، بسبب الإغلاق، وفي وزارات حساسة مثل الأمن الداخلي والنقل والخارجية، قلّص عدد الموظفين إلى الحدّ الأدنى.

ويعد هذا الإغلاق، الإغلاق الحكومى الثاني فى عهد ترامب خلال العامين الذى تولى فيهما رئاسة ​الولايات المتحدة الأميركية​، حيث كان الإغلاق الأول عقب تنصيبه مباشرة واستمر 3 أيام فقط.

ولاتزال أوضاع العاملين في ​القطاع العام​ الأميركي و​مواقع الإنترنت​ المصابة بالشلل نتيجة الإغلاق غير مستقرة، حيث يتم حرمانهم من الحصول على أجورهم، ليس بسبب تقصيرهم في العمل، ولكن بسبب الأزمة بين ترامب الرئيس الجمهوري والحزب الديمقراطي .

ارشيد : تأثير الاغلاق الحكومي على ​الاقتصاد الاميركي​ محدود وهناك صعوبة في التوصل الى​​​​​​​حل 

وفي هذا الاطار كان لموقع "الاقتصاد" حوارا خاصا مع ​الخبير الاقتصادي​ د.مازن ارشيد لمعرفة اثر الاغلاق الحكومي على الاقتصاد الاميركي وعلى المواظفين ورايه حول وجود افاق للحل في الوقت القريب حيث اعتبر ارشيد ان تاثير الاغلاق ومع دخوله الشهر الثاني محدود على الاقتصاد ولكن ذلك يعتمد على طول فترة الاغلاق، حيث انه كلما ازدادت هذه المدة كلما كان التاثير الاقتصادي اكبر ولكن في مختلف الاحوال لن تكون له تأثر كبير نظرا الى الحديث عن ان تكلفة هذا الاغلاق تبلغ حوالي 1.5 مليار دولار اسبوعيا وهو لا يعتبر رقم كبير بالنسبة للاقتصاد الاميركي وبالتالي وفي عملية حسابية بسيطة بلغ تكلفة الاغلاق لمدة شهر حوالي 5 مليار دولار كحد اقصى وهذه الرقم لا يشكل سوى 0.5 % من ​الناتج المحلي الاجمالي​ الاميركي الذي يبلغ 20 ترليون دولار.​​​​​​​

واضاف ارشيد شهدت الولايات المتحدة الاميركية فترات اغلاق سابقة حيث انه منذ العام 1981 لغاية اليوم حدث حوالي 12 اغلاق حكومي كانت تتراوح مدتها بين ايام واسبوع ووصلت في عهد بيل كلينتون الى 26 يوما في تسعينات القرن الماضبي وحتى في عهد الرئيس ​اوباما​ وكانت الخسائر على الاقتصاد تتراوح بين المليار الى 2 مليار دولار اميركي .

واشار ارشيد الى ان هذا الاغلاق يؤثر بالطبع على الموظفين حيث ان مئات الالاف من المؤسسات الفيدرالية حيث بات الموظفين مجبورين على التوقف عن العمل لفترة غير مدفوعة الاجر مما سيؤثر بشكل مباشر على الاوضاع الاقتصادية لهؤلاء.

اما في مجال تاثيرها على البيانات المالية الاميركية المرتقبة فتوقع ارشيد ان لا يكون اثر هذ الاغلاق كبير حيث لا تشكل ​النتائج المالية​ المترتبة على هذا الاجراء خسارة كبيرة للاقتصاد لكن يبقى تأثيرها الرمزي حيث ان ال​اسواق المال​ية في ​اميركا​ تاثرت في بداية الامر وعند اعلان قرار الاغلاق حيث تراجعت ​الاسهم​ بشكل كبير لكن في ما بعد استوعبت الامر وارتدت بشكل ايجابي على اعتبار ان الامور السياسية تنعكس على الاقتصاد وتؤثر على اسواق المال .

وختم ارشيد بالقول انه يصعب التنبؤ الى امكانية وجود حل يلوح في الافق لهذه الازمة لان هذا الموضوع جوهري بالنسبة للطرفين حيث ان ​الرئيس الاميركي​ دونالد ترامب يبدو مصمما جدا للحصول على الموافقة والتمويل اللازم لبناء جدار الفصل مع المكسيك حيث عبر عدة مرات من خلال تغريداته على "تويتر"رفضه القاطع للتنازل عن هذا البند في ​الموازنة​ مما يعطي مؤشرا على صعوبة حل هذه الازمة يقابله تعنت الديمقراطيين واعتبار هذا البند مكلف ودون جدوى .