في إطار مشروع "المساعدة ​التقنية​ لدعم تعزيز الحوار الاجتماعي في ​لبنان​" المموّل من ​الاتحاد الأوروبي​، نظّمت وزارة العمل بالتعاون مع شركائها جلسة حول تقديم نتائج تحليل سوق العمل في قطاعي التكنولوجيا الرقمية / الموضة والمجوهرات، في فندق ريفييرا – بيروت، بحضور مدير عام وزارة العمل، جورج ايدا، مدير عام ​المؤسسة الوطنية للاستخدام​، جان أبي فاضل، وممثلين عن وزارة العمل، والمؤسسة الوطنية للاستخدام، والإتحاد الع​مالي​ العام وممثلين عن الاطراف الثلاثي للحوار.

وقد أقدمت خبيرة لدى المشروع، جومانا بريحي، إلى تقديم النتائج التي تدعم وزارة العمل والمؤسسة الوطنية للاستخدام في انشاء روابط وثيقة ضمن القطاعين المذكورين اعلاه لتتمكن الشركات من رصد اليد العاملة الخبيرة وتوظيفها، وتسهيل مهمة الباحثين عن فرص عمل في هذين القطاعين.

قطاع التكنولوجيا الرقمية

لمحة عن القطاع وأدائه

إن قطاع التكنولوجيا الرقمية في لبنان يوفر عدداً كبيراً من الفرص للاقتصاد اللبناني، لذلك فإن إمكانية نموه ضخمة. ويعود ذلك جزئياً إلى كون خدمات التكنولوجيا الرقمية والمنتجات الرقمية قادرة على تجاوز الحدود اللبنانية والارتقاء إلى الأسواق الدولية. بالإضافة إلى ذلك، إن النمو في هذا المجال قادر على تجاوز التباطؤ الاقتصادي الذي يشهده لبنان في الوقت الراهن نظراً إلى طبيعته الشاملة. فالتطبيقات الرقمية متوفرة تقريباً في كافة قطاعات الاقتصاد، و«المهارات الرقمية» قابلة للتحويل بين القطاعات، وهي قيّمة بالنسبة إلى ال​موظفين​ وأرباب العمل على حد سواء.

وفقاً للمركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي، إذا خضع النمو في قطاع التكنولوجيا الرقمية للتنظيم والتحفيز الملائمين، عندئذ يمكنه أن يوفر فرص عمل متعددة، وبالتالي يزيد من عدد الموظفين العاملين حالياً في القطاع، بنسبة 15% ومن التوسع في الاقتصاد الكلي بنسبة 5%. ومن شأن هذا النمو أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بمعدل 7 مليارات دولار عام 2025 وتوفير 25 ألف فرصة عمل جديدة إلى ذلك الحين.

موجز عن نتائج تحليل سوق العمل نسبة لقطاع التكنولوجيا الرقمية

أجريت استطلاعات شاركت فيها 149 شركة عاملة في قطاع التكنولوجيا الرقمية – من ضمنها 37 مؤسسة صغيرة، و69 شركة صغيرة، و43 شركة متوسطة وكبيرة الحجم.

كما عقدت 6 مجموعات تركيز مع موظفين حاليين وموظفين محتملين في القطاع، اشتملت على 3 مجموعات للإناث و3 مجموعات للذكور.

اتت النتائج كما يلي:

تستخدم معظم المؤسسات الصغيرة و​الشركات الصغيرة​ نسبة أكبر من الموظفين الكفوئين مقارنة ب​الشركات الكبرى​. هذا لأن الشركات الكبرى بحاجة إلى عدد أكبر من العمال اليدويين لأنظمة التصليح والصيانة والتجهيز. كما إن ​التوظيف​ في هذا القطاع يتم بشكل عام عن طريق التناقل الشفوي، ويتجاوب بعض ​الشباب​ مع وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن عمل.

إن عدد الموظفين الذكور في قطاع التكنولوجيا الرقمية يتجاوز عدد الإناث بأضعاف. كما يعتبر هذا القطاع شبابياً، رغم ذلك، فإن نسبة 23% من الشركات لم توظف أي عضو شاب.

إن شركات كثيرة تسند بعض مهامها إلى أجانب مقيمين خارج لبنان. وبما أن طبيعة الأعمال مرقمنة، يعتبر إسنادها إلى مصادر خارجية حلاً أقل كلفة. إن بلداناً مثل ​الهند​ و​الباكستان​ هي وجهات رئيسية لأعمال التشفير والتنمية الرقمية.

يحتاج أرباب العمل في هذا القطاع إلى مهارات عديدة مثل تطوير البرمجيات، والدعم في مجال تكنولوجيا المعلومات، وتطوير المواقع الإلكترونية، وكل هذه المهارات لا تتطلب الكثير من الخبرة لتطوير أي مشروع. إلا أن المهارات اليومية العامة مثل إدارة الوقت، القدرة على العمل الجماعي، و​مهارة​ التواصل والعرض – كلها شبه مفقودة عند ذوي الخبرة المحدودة وبحاجة ماسة إلى التطوير.

في ما يخص المهارات التقنية الخاصة بتطوير المشاريع، أشار أرباب العمل إلى نوعين مفقودين:

- النوع الأول مرتبط بتطوير البرمجيات، أي لغات التشفير، أنظمة التشغيل، برمجية التعلم الإلكتروني...

- النوع الثاني مرتبط بتكنولوجيا المعلومات وهندسة ​الكمبيوتر​ والاتصالات، أي تركيب وصلات الألياف الضوئية والبرمجيات والعمل على آلات جديدة...

تبيّن لدى المؤسسات والشركات التي شاركت في الاستطلاع أن بين2017 و2018 شهدت 59% من المؤسسات الصغيرة، و48% من الشركات الصغيرة و33% من الشركات المتوسطة والكبيرة الحجم تباطؤ في أداء المبيعات، أما شهدت 16% من المؤسسات الصغيرة، و 32% من الشركات الصغيرة و37% من الشركات المتوسطة و الكبيرة الحجم نمو في أداء المبيعات.

وصدرت بعض التوصيات المتعلقة بهذا القطاع وجاءت كالتالي:

توصيات للتعليم والتدريب:

تأمين دورات تدريبية بعد انتهاء دوام العمل للموظفين الحاليين وأولئك الذين يعملون حاليا في هذا القطاع أو قطاعات أخرى بغية تحقيق التوازن مع برنامج عملهم، وتعزيز تقدمهم ال​مهن​ي وفرص تطوير أنفسهم .

تأمين دورات تدريبية محدودة الكلفة خصوصا في لغات التشفير الجديدة والاتجاهات الناشئة في قطاع التكنولوجيا الرقمية. المساعدة التقنية لدعم تعزيز الحوار الاجتماعي في لبنان.

تحديث المناهج الجامعية لتلبية احتياجات السوق الحالية، حتى ولو تطلب الأمر تخصيص المزيد من المال للأساتذة المؤهلين في مجالات لم يسبق للجامعات أن عالجتها.

التشجيع على تعزيز المهارات الشخصية لاسيما مهارة صياغة السيرة الذاتية ، وحسن الإدارة، والعمل الجماعي ومهارات العرض ، والتواصل.

توسيع المعرفة في التعليم المبكر ضمن قطاع التكنولوجيا الرقمية.

تطوير المناهج الحالية المعتمدة في المدارس والجامعات وضم حصص تطوير المنتجات والمشاريع إليه.

إنشاء روابط معززة مع ​القطاع الخاص​ عبر معارض الوظائف وطاولات الحوار والمناقشات المفتوحة مع ممثلين أخصائيين عن قطاع التكنولوجيا الرقمية.

توصيات للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم:

تأمين عدد أكبر من فرص التدريب وبرامج التدريب للطلاب والخريجين الجدد.

التعاون مع جامعات أقل شهرة لنشر معرفة وخبرة الجامعات المرموقة في لبنان.

المشاركة في معارض الوظائف أو المساعدة على تنظيمها.

زيادة تدريب الموظفين الجدد والموظفين القدماء لضمان التطور المهني. يمكن لمزودي التدريب توفير تدريبات إضافية.

الاتصال بمعاهد التعليم والتدريب المهني ومزودي التدريب ومعاهد أخرى لتقديم التوصيات عوضا عن الانتقاد السلبي لأدائها .

الالتزام بطاولات الحوار مع جهات معنية أساسية لمناقشة الفرص الرئيسية.

إنشاء نقابة أو جمعية للأعمال/المشاريع التكنولوجية الناشئة.

عدم الاعتماد على التناقل الشفهي والمعارف في عملية التوظيف .حصرها بكفاءة المرشح ونشر إعلانات الوظائف على شبكة ​الإنترنت​ ومواقع التواصل خارج الإنترنت.

توفير ​ميزات​ إضافية للموظفين (ليس عليها أن تكون مكلفة) لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتعزيز موقعهم داخل الشركة والحد من معدل التنقل بين الشركات .

توصيات لوزارة العمل والشركة الوطنية للاستخدام

تنظيم معارض وظائف خاصة بقطاع التكنولوجيا الرقمية أو فعاليات أخرى لربط شركات التكنولوجيا الرقمية بالموظفين المحتملين.

تقديم التوصيات للمرشحين عن كيفية كتابة سيرتهم الذاتية والتموضع في سوق العمل.

تشجيع إنشاء مدارس تشفير ومعاهد تعليم مهني موجهة نحو التكنولوجيا و معاهد تدريبية عوضا عن التركيز على قطاعات تقليدية (مثل الزراعة والبناء) التي لم تعد تقدم نتائج مثل السابق.

تقدم الإرشادات المهنية والتوصيات وتوجيه الذكور والإناث إلى قطاع التكنولوجيا الرقمية باقتراح مراكز تدريب ومعاهد تعليم مهني ومعاهد أخرى تعزز مهاراتهم ودرايتهم بهذا القطاع.

الحكومة وصانعو السياسة

طرح أنظمة للمشاريع الناشئة (التكنولوجية وغيرها) وإعطاؤها مهلة سنتين لتنشأ وتثبت.

تشجيع أصحاب المشاريع عبر تمكين رأس المال الاستثماري والجهات المسرعة والجهات الحاضنة. عندما لا يشعر المستثمرون بضغط مالي كبير، يمارسون ضغط ا أقل على أصحاب المشاريع ويتساهلون مع مدة الفترة التجريبية .

الاستثمار بالمخاطرة. يجب أن يكون "اقتصاد المعرفة" قادرا على المخاطرة والتعلم من هذه المخاطر. فالابتكار لا يأتي إلا بالمخاطرة. ولا يمكن للبنان أن يصبح مبتكرا ومنافسا شرسا إذا استمر في اتباع الاتجاهات المحددة عوضا عن الابتكار.

قطاع الموضة والمجوهرات

لمحة عن القطاع وأدائه

سوق المجوهرات اللبنانية سوق كبيرة ومنافسة شرسة تبلغ قدرتها على التنافس 600 مليون دولار. لهذه السوق 3 قطاعات فرعية: السلع رخيصة الإنتاج، السلع متوسطة الإنتاج، السلع فاخرة الإنتاج. يذكر أن الشركات المصنعة للمجوهرات لا تشارك خبراتها أو معلومات عنها علناً، ما يعزز السرية في هذا القطاع. ويعود السبب في ذلك إلى تهرب أرباب العمل من الضرائب المرتفعة.

تعتبر المجوهرات لا سيما اللآلئ والأحجار الكريمة والمعادن، من بين البضائع الأساسية التي يصدرها لبنان. عام 2015، بلغ سعر الصادرات 407.26 مليون دولار مشكلاً نسبة 15% من إجمالي الصادرات اللبنانية. يذكر أن القانون اللبناني لا يفرض ضرائب على المنتجات الصادرة، في حين يمكن للوجهة المستوردة أن تفرض الضرائب على السلعة المصدَّرة. يذكر أن هذا القطاع بالإضافة إلى قطاع الموضة ليسا محصنين ضد ​الركود الاقتصادي​ الحالي.

وقد أفادت تجارة التجزئة في قطاع الموضة في لبنان لمدة طويلة، قطاع السياحة العربية المتراجع منذ عام 2011. فخلال فترة الازدهار الممتدة من 2009 إلى 2012، نما حجم سوق ال​أزياء​ اللبنانية بمعدل 3.9% سنوياً، بفضل قطاع التجارة بالتجزئة الذي كان واعداً وفقاً لـ Blominvest. غير أن تزعزع الاستقرار السياسي والجمود الاقتصادي الراهن، بالإضافة إلى ​الأزمة السورية​ التي رمت ثقلاً كبيراً على قطاع السياحة وعلى معدل إنفاق المواطنين اللبنانيين، كل ذلك أثر في نمو سوق ​الأزياء​ اللبنانية. فشهدت منذ 2013 تقلصاً سنوياً بدأ بنسبة 4% إلى 5% على الأقل، وبلغ 20% في 2017.

موجز عن نتائج تحليل سوق العمل نسبة لقطاع الموضة والمجوهرات

أجريت استطلاعات شاركت فيها 35 شركة مجوهرات و106 شركات موضة – من ضمنها 36 مؤسسة صغيرة، و42 شركة صغيرة، و28 شركة متوسطة وكبيرة الحجم.

كما عقدت 6 مجموعات تركيز ضمت موظفين حاليين وموظفين محتملين في القطاع، اشتملت على 3 مجموعات للإناث و3 مجموعات للذكور.

أتت النتائج كما يلي:

المهنة الأكثر رغبة في قطاع المجوهرات هي مهنة الصائغ. أما في قطاع الموضة فهي مهنة الخياط. ويشتمل قطاع الموضة والمجوهرات على مهن أخرى مثل تصليح المجوهرات، تصميم المجوهرات، مشغّل آلات الخياطة، مقطّع أنماط مبدع، ومصمم أزياء. هذه القائمة تشير إلى أن عدد المهن في القطاعين محدود جداً، ويمكن أن يتوفر لدى كل مؤسسة وظيفة شاغرة أو اثنتان على الأكثر، ما يحد من فرص العمل فيها.

عندما سئلت الشركات عن النقص في المهارات، ذكر بعضها النقص في المهارات الشخصية كحسن الإدارة، والقدرة على العمل المستقل، والانضباط، والتفكير المبدع. وفيما يتعلق بالمهارات التقنية، تكمن المشكلة الأساسية بالحاجة الملحة للانتباه إلى أدق التفاصيل. أما المهارات المفقودة الأخرى فتشتمل على صب ​الذهب​، وتقنيات القولبة في مجال الموضة، وشك الخرز، والحياكة، والخياطة، وإنهاء اللمسات الأخيرة، والسرعة التقنية، وتشغيل الآلات.

يضم القطاعان عدد أكبر من الموظفين الذكور. وقد أفادت 37% من الشركات العاملة في مجال الموضة أنها لم توظف يوماً أي امرأة، في حين هناك أقل من 7% من الموظفات الإناث في مجال المجوهرات. كما أن عدد عدد الشباب الذين يعملون في الموضة والمجوهرات فمحدود أيضاً.

فيما يخص توظيف الأجانب، أشار معظم أرباب العمل إلى تفضيلهم للمواهب اللبنانية، إلا أن مجموعات التركيز أفادت بغير ذلك.

معظم الشركات تؤمن لموظفيها تدريباً داخلياً لافتقارها إلى الموارد في إسناد التدريب إلى مصادر خارجية أو في التعاقد مع مستشارين خارجيين.

أن معظم الصناعيين والخريجين الموهوبين يغادرون البلاد بحثاً عن فرص أفضل في الخارج، تاركين لسوق العمل عدداً ضئيلاً من المرشحين ذوي المؤهلات المحدودة.

أما في قطاع الموضة، فقد اشتملت مشاكل التوظيف على النقص في المهارات اللازمة، وعلى نقص عام في المتقدمين بطلب عمل، ونقص في الخبرات، ونقص في المهارات... وهذا النقص في النمو والنظرة المستقبلية إلى الرواتب المنخفضة لا يشجعان الباحثين عن عمل على التفكير بهذا القطاع.

معاهد التدريب والمعاهد الأكاديمية أو حتى الجامعات لا تأخذ بعين الاعتبار احتياجات القطاع الخاص عند وضعها للمناهج. هناك نقص كبير في الحصص الخاصة بتصميم الذهب وغيرها من المواضيع المماثلة. يشهد قطاع الموضة مخاوف مماثلة، غير أن للباحثين عن عمل الشباب في هذا القطاع خيارات واسعة من حيث التعلم والتدريب لا سيما بفضل مدرسة تصميم الأزياء ESMOD

تتوقع أغلبية المشاركين في الاستطلاعات نمواً ضئيلاً مقارنة بالسنوات السابقة. كانت شركات الموضة أقل إيجابية من شركات المجوهرات، هذا لأن المجوهرات تعتبر منتجات فاخرة تلبي احتياجات المستهلكين ذوي الدخل الأعلى وهم أقل تأثراً بالظروف الاقتصادية الرديئة، ويرجح ذلك لكونها تجد سهولة في تصدير منتجاتها الى الخارج وفي استهداف المغتربين اللبنانيين خلال زيارتهم الى لبنان. أما التحديات الناتجة عن ​الوضع الاقتصادي​ الضعيف فتشتمل على ارتفاع ​الإيجارات​، وتكاليف العمل، والنقص في ​الاستثمارات​ المالية، بالإضافة إلى غياب الدعم الحكومي، وقوانين التصدير غير المشجعة للقطاع.