شهدت ​مصر​ في العام 2018 الكثير من التطورات على الصعيد الاقتصادي، تطورات ستنعكس نتائجها بالطبع على العام الجديد، فمصر التي حصلت على قرض صندوق النقد الدولي التزمت حكومتها بموجبه وخلال العامين الماضيين بتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي استهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وتحسين مناخ الأعمال، وتقليص دعم ​الطاقة​، ووضع استراتيجية شاملة متوسطة الأجل لإدارة الدين ، فشهدت مؤشرات الاقتصاد الكلي تحسناً ملحوظاً وبشهادة العديد من المؤسسات الدولية، كان اخرها تقرير وكالة ​بلومبيرغ​ الذي اشار الى ان ​اقتصاد مصر​ سيحل في المركز السابع عالميا بحلول عام 2030بحجم 8.2 ترليون دولار ويسبق بالترتيب ​اقتصاد روسيا​ و​اليابان​ و​المانيا​.

كما اشار ​البنك الدولي​ الى ان اقتصاد ​القاهرة​ هو المحرك الرئيسي لاقتصاديات ​الشرق الاوسط​ و​افريقيا​ نتيجة نجاح ​الاصلاحات الاقتصادية​ وتجاوز مرحلة الاقلاع، تقارير دولية تحمل الكثير من التفاؤل لمستقبل ​الاقتصاد المصري​ ولكن لا يخفى على احد ان البلاد امامها الكثير من التحديات هذا العام وخاصة في ظل ارتفاع ​الدين العام​ وزيادة معدلات ​التضخم​، الذي تعبر عنها صرخات المواطن الذي اكتوى من ارتفاع الأسعار ، وزيادة ال​ضرائب​، ورفع المزيد من الدعم.

وفي هذا الاطار اجرى موقع "الاقتصاد" مقابلة خاصة مع مستشار غرفة ​الاسكندرية​ لشؤون الصناعات و​ريادة الأعمال​ نبيل بدوي حسنين للاطلاع على اهمية تحديات الاقتصاد المصري ومعرفة اين اصبح برنامج الاصلاح الاقتصادي وابرز نقاط موازنة 2019 وسبل مواجهة ارتفاع الدين العام في البلاد .

في البداية اين اصبحت مصر اليوم في برنامج الاصلاح الاقتصادي ؟

يتجه برنامج الإصلاح الاقتصادى إلى التوسع مع العمل على ترشيد ​الواردات​ وزيادة الصادرات من خلال زيادة الإنتاج المحلى وتشجيع رواد الأعمال والمستثمرين وإقامة المشروعات الصناعية الكبرى .

ومما لاشك به إن الاصلاحات الاقتصادية التى نفذتها الحكومة خلال الفترة الماضية أسهمت بشكل كبير فى تحسن نظرة العالم للاقتصاد ، والذي بات أحد أهم الاقتصادات التى يشار لها ويحظى باهتمام ومتابعة دولية.

فقد كشف تقرير لبنك "ستاندرد ​تشارترد​" الدولى عن احتلال الاقتصاد المصرى المركز السابع عالميا، ضمن قائمة أكبر 10 اقتصادات عالمية مع حلول عام 2030.

وفقاً للتقرير، الذى نشرته وكالة "بلومبيرغ"، فإنه من المتوقع أن يصل حجم الاقتصاد المصرى لنحو 8.2 تريليون دولار، كما توقعت مؤسسة "فوكس إيكونوميس" أيضا أن تشهد مصر نموا اقتصاديا قويا خلال العام المالى الحالي، وقالت إن النمو الاقتصادى خلال هذا العام سيكون مدعوما بزيادة ​الإنفاق​ الحكومى على ​الاستثمارات​، وارتفاع إنتاج الغاز الطبيعى وتحسن البيئة التنظيمية والإدارية وذكرت أحدث التقارير الصادرة عن البنك الدولي، هذا الأسبوع توقعات المؤسسات المالية العالمية لمستقبل الاقتصاد المصري، إذ رشح الاقتصاد للنمو بمعدل 5.6% العام المالى الحالي، و5.8% العام المالى المقبل، من 5.3% توقعات للعام المالى الماضي.

في ظل ارتفاع ​معدلات التضخم​ وتراجع المستوى المعيشي للمواطنين برايك ما هي الاجراءات الذي يجب اتخاذها لمواجهة هذا الوضع الاقتصادي؟

ان العلاقة بين ​البطالة​ والتضخم علاقة طردية، فكلّما زادت البطالة قل الإنتاج وبالتالي ازداد ارتفاع الأسعار.

وساهمت المشروعات العملاقة التى اقرتها الدولة فى تراجع نسبة البطالة إلى أقل من 11%، وخفض معدل التضخم السنوى إلى نحو 11٫4% فى ايار 2018 ومن ثم الي 8.55%في ايلول 2018، وهو ما ساعد البنك المركزى على ما قام به من خفض لأسعار الفائدة، وكانت تلك المؤشرات هى الأساس الذى قامت علية الإشادات والتوقعات المتفائلة لعام 2019 .

وفي اطار الاجراءات التي يجب على الحكومة اتخذها في البداية يجب دمج الأقتصاد غير الرسمي وهي قضية هامة جدا تبنتها الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية حيث يبلغ حجم الإقتصاد الموازي (غير الرسمي)حجما تجاوز 3 تريليون جنيه مما يضيع على الدولة ضرائب ضائعة تتجاوز ال600 مليار جنيه لو تم تحصيليها لتبوأ الإقتصاد المصري مكانا مرموقا.

بالاضافة الى تحقيق اقتصاد إنتاجي وهو العامل الأساسي في خفض التضخم والسعى لتنوع ​الايرادات​ العامة وترشيد الإنفاق وترتيب الأولويات حسب النتائج المرتقبة، واستكمال المشروعات ذات العائد الأسرع.

كما على الحكومة مراقبة الأسواق بشكل مستمر وتوسيع برامج المسؤولية المجتمعية وتعزيزالمشاركة الاجتماعية والاقتصادية بين ​القطاع العام​ والخاص وحل مشكلة المصانع المتوقفة بالاضافة الى إلغاء الجمارك على مستلزمات الإنتاج.

ما هي اسباب ارتفاع اقتراض مصر من الخارج؟ وما هي خطة الحكومة في السداد؟

ان ارتفاع الاقتراض حينما يكون لتمويل المشروعات وليس لسد ​عجز الموازنة​ فلا يخيف وأن مصر تعتبر من أقل الدول على مستوى العالم في تكلفة الاقتراض.

اما عن خطة السداد فتتمثل في إعادة هيكلة منظومة الدعم والإصلاح الضريبى وتحرير سعر الصرف وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، وتحسن ​إيرادات​ قطاع ​السياحة​ والقفز بالقطاع الصناعي بانشاء 4100مصنع بالصعيد وخطة الدولة نحو تنمية القطاع الصناعي وتنفيذ مشروع مصانع الأجيال ، بما يدعم احتياطيات مصر الدولية وتدفقات العملة الصعبة التى تعزز قدرة مصر على سداد أقساط المديونيات الخارجية فى مواعيدها.

و هناك جداول محددة لسداد أقساط المديونيات الخارجية فى مواعديها تراعي التدفقات النقدية وأرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى إلى جانب بعض المستحقات التى تجددها مصر بالاتفاق مع ​الدول الدائنة​ .

ما هي ابرز بنود موازنة 2019؟

تعمل الحكومة على خفض ​عجز الموازنة العامة​ للدولة خلال العام المالي 2019 ليصل إلى 427.8 مليار جنيه، في مقابل 438.8 مليار جنيه في 2018

وستركز الموازنة على زيادة الإيرادات الضريبية والتدفقات في قطاع الغاز فضلًا عن الخفض المستمر في الدعم الحكومي بما يساعد على زيادة الإيرادات العامة مع الأخذ في الاعتبار ان حجم تدفقات السياحة وإيرادات قناة ​السويس​ و​الاستثمار الأجنبي المباشر​ ثابت ويسير بشكل جيد للغاية.

برايك ما هو دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية المستدامة في مصر ؟ وماهي ابرز الصعوبات في هذا المجال ؟

ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي القاطرة التي تشد الاقتصاد الوطني من خلال زيادة القيمة المضافة وتشغيل ​الشباب

وفي مصر حاليا مايزيد عن 2.5الى 3 مليون منشأة صغيرة ومتوسطة يعمل بها 75% من اجمالي العمالة المصرية.

المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، هي ​كلمة السر​ في تنمية الإقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن الإجتماعي، وتوفير فرص العمل، والحد من ​الفقر​ والبطالة، وانقاذ الجنيه من موجة الهبوط أمام الدولار.

وإن هذه المشروعات تعمل علي تحقيق طموحات الشباب، وتمكينهم من مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، خاصة أنها لا تحتاج لرأسمال كبير.

وتعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة، عصب الاقتصاد الوطني كونها المشغل الأكبر للأيدي العاملة، وتسهم في زيادة إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم المتحققة من المنتجات التي تصنعها،.

ولابد من تيسير تأسيس هذه المشاريع وتوفير الدعم المادي حتى تتمكن من توسيع نطاق عملها، وأهم العقبات أمام هذه المشروعات هي صعوبة التمويل وإجراءاته، اضافة الى ارتفاع كلف الإنتاج والطاقة، وقلة وجود الدعم المجتمعي لها.