كريستين حداد، شابة ​لبنان​ية طموحة، شقت طريقها بثبات في عالم التأمين حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم، ورغم انشغالاتها العملية، لم تتوانَ عن ممارسة هوايتها وشغفها؛ العمل الإعلامي.

مسيرتها المهنية تؤكد مقولة أن "النجاح يحققه فقط الذين يواصلون المحاولة بنظرة إيجابية للأشياء"، اذ يجب أن يحافظ الانسان على الروح الإيجابية مهما كانت الظروف، ومهما كثرت التحديات واشتدت حدّتها.

كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع الإعلامية والمديرة التنفيذية في "Trust Insurance -Jammal Trust Bank"، كريستين حداد للتعرف أكثر الى تجربتها المهنية والمراحل التي مرت بها.

ما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت الى ما أنت عليه اليوم؟

في بداية الطريق، تنقلت بين دراسة الحقوق والعلوم السياسية في "​الجامعة اللبنانية​"، لكنني شعرت أن القانون والسياسة ليسا المجالين اللذين تجد فيهما شخصيتي اكتمالها. وخلال تلك الفترة، كان التسويق مجالاً يفرض نفسه على الساحة العلميّة، ومن هنا اخترته تخصصي الجامعيّ.

وأثناء الدراسة الجامعيّة، كان لا بد لي من إيجاد عمل لمحاولة تأمين المصاريف. فبدأت بالعمل في شركة التأمين التابعة لـ"بنك بيبلوس"، "Adir"؛ وهنا كانت الانطلاقة.

في البداية، لم أكن أعرف أي معلومات حول مجال التأمين، وتعلمت المبادئ والأساسيات كافةً، من الصفر، وذلك بمساعدة عامل "الفضول" الذي حثني على التعلم، والملاحظة، والدخول في أدق التفاصيل.

فأحببت هذا المجال، وتنقلتُ بسرعة كبيرة من قسم الى آخر. وكلّ قسم عملتُ فيهِ، ترك في داخلي العديد من الخبرات والمعلومات التي أهّلتني في ما بعد لأن أتقدّم سريعًا في هذا المجال وأصل إلى ما أنا عليهِ اليوم.

ولأنني بطبعي أحب الناس وخدمة الزبائن، أسهمت في تأسيس مركز اتصال خاص بالشركة، كان الأوّل من نوعهِ في لبنان الذي يختصّ بتقديم الخدمات السريعة للمؤمن عليهِ عند تعرضه لحادث. بالإضافة الى جمع المعلومات اللازمة من الزبائن واستعمالها في تسويق منتجات أخرى. ومن هنا كان نجاحي في مجال خدمة الزبائن والتسويق التأميني.

بعد ذلك، خضعت للعديد من التدريبات في مجال التأمين المصرفي في ​جنوب إفريقيا​ وأوروبا، وتعمقت في قراءاتي الخاصة، حول التأمين، والمعلومات العامة.

ولطالما كنت شغوفة ومصرة على التقدم والتوسع في مجال التأمين، اذ من المهم أن يحب الانسان ما يقوم به لكي يتمكن من التقدم. فالنجاح لا يأتي بسهولة، بل يتطلب السعي بجدية للوصول اليه، هذا ولأن للتأمين هدف انساني اجتماعي يؤسس لبناء مجتمع معافى وخاصة ضمن المجتمعات المحدودة الدخل.

وهنا لا بد من الحديث عن عملي الاعلاميّ، اذ شاركت في إعداد وتقديم برنامج "أمن حالك" على "​تلفزيون لبنان​" مع زميلي نادر شاهين، وهو البرنامج الأول من نوعه في ​الشرق الأوسط​ حول التوعية التأمينية؛ فالعديد من الأشخاص يوقعون على عقد التأمين دون قراءته، ولا يتعرفون الى التغطيات المتوفرة، وبالتالي عند حصول أي حادث، تبدأ المشاكل التي قد تصل في بعض الأحيان الى المحاكم. ومن هنا، سعى البرنامج الى توعية الناس حول هذا الموضوع وتحفيزهم على اعتبار البرامج التأمينية حل وتغطية وليس فقط بوليصة الزامية.

وإلى الآن، لا زلت مستمرة في برنامجي الاذاعي التثقيفي والاجتماعي، والذي يطرح مواضيع عدة ويأخذ آراء الناس، ويقدم الأفكار الايجابية.

معنويا، ماذا يعني لك الوصول الى هذه المناصب العالية بعمر صغير؟

أشعر بفرح عارم حتمًا، وخاصةً لأنني لم أرث المنصب ولم أحصل عليه "بالواسطة"، بل وصلت إليه بعد مشوار صعب للغاية، وبالتالي لم يأتِ إليَّ "على طبق من فضة"، بل كان ثمرة التعب، والجهد، والمجهود. وهنا ينبغي لي التنويه عن وقوف الإدارة أيضًا إلى جانبي، وتقديرها الدائم لجهودي، والتماسها مدى التزامي بالعمل وكمية العطاء الذي أقدمه.

ما هي الصفات التي تتمتعين بها والتي أسهمت في تقدمك المهني؟

أولا، لكي ينجح الانسان، يجب أن يتمتع بمهارة الإصغاء وأن يقدم الحلول للمشاكل المطروحة، بدلا من الجلوس و"التنظير".

ثانيا، يجب أن يتسلّح بالعزيمة والصبر و"طولة البال".

ثالثا، يجب أن يكون فضوليا للمعرفة، ولا يقف عند أقل عائق.

رابعا، يجب أن ينهض بعد السقوط، ويتعلم من الفشل والتجارب.

خامسا، يجب أن يتحلّى بطموح كبير، ورغبة في الوصول الى أبعد الحدود، وثقة بالنفس عالية، مع الحفاظ على التواضع.

هل تعرضت الى تمييز في إطار العمل لمجرد كونك امرأة؟

هذا النوع من التمييز أعطاني دفعة قوية لكي أصل الى ما أنا عليه.

وللأسف، لا يزال التمييز بين الرجل والمرأة موجودا الى حد اليوم، ومع العلم أن حدته تراجعت، ولكنه قد يظهر جليا في بعض الاجتماعات العامة، حيث يعود الاهتمام الأكبر الى الرجل وخاصة عند مناقشة بعض القرارات، وبالتالي قد تعاني المرأة من هذه الأزمة، ولكن بإمكانها فرض مكانها بشخصيتها القوية.

من قدم لك الدعم في مسيرتك؟

أستطيع القول أنني وصلت بكفاءتي، وساعدت نفسي بنفسي. لكن بعض الاشخاص أسهموا في فتح بعض الفرص أمامي، فتعلمت من كل الأشخاص الذين مروا في حياتي وساعدوني بطريقة مباشرة أم غير مباشرة في مرحلة ما.

ففي مجال العمل، يجب أن يتقدم الانسان بنفسه، أن يثقف نفسه، أن يخطط من أجل الوصول؛ وذلك من خلال القراءة، التعلم، الانفتاح، الرؤية،...

هل تعتبرين أن المثابرة والمسؤوليات الكثيرة في العمل أثرت على حياتك الخاص؟

الانسان قادر على إعطاء الوقت الكافي لجوانب حياته كافة. فأنا أستيقظ في وقت باكر جدا، وأبدأ بالعمل من المنزل ومن ثم أتوجه الى الشركة، وبعد ذلك أهتم بحياتي الخاصة، وأخصص الوقت لمشاريعي الاجتماعية، وللقاء العائلة والأصدقاء، وممارسة هوايتي المفضلة أي تقديم البرامج. وبالتالي أعطي كل وقت حقّه.

نصيحة الى المرأة.

أولا، أنصح المرأة أن لا تتأثر بالكلام السلبي، الذي تسمعه من حولها وأن لا تسمح بالتقليل من شانها أم قدراتها.

ثانيا، يجب أن لا ترضى بما يتم فرضه عليها لمجرد كونها امرأة.

ثالثا، عليها أن تسعى للوصول الى الحرية في حياتها العملية؛ مثل حرية التفكير، وعدم تقديم التنازلات. فاذا كانت المرأة حرة، ستصبح قادرة على صقل مهاراتها والوصول بجهدها وتعبها، دون الحاجة للارتباط بأي شخص أو حتى بآراء وأفكار أي شخص.

رابعا، يجب أن تكون سيدة نفسها وقراراتها، وتخلق عالمها الخاص مع الحفاظ على إنسانيتها وأنوثتها.