انطلقت جلسة اللجنة المعنية بالمتابعة والإعداد للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة، صباح الخميس في ​فندق فينيسيا​ في ​بيروت​، على مستوى كبار المسؤولين لمناقشة مشروع بنود جدول أعمال القمة، على ان تنطلق الجمعة أعمال القمة بشكل رسمي، وتستمر حتى يوم الاحد المقبل.

ويعول ​لبنان​ على هذه القمة بشكل كبير لاستعادة ثقة ​الدول العربية​ بعد مرحلة من شبه المقاطعة سواء السياحية أو الاقتصادية، إلا ان الفراغ الحكومي الحاصل والخلاف السياسي القائم، يمثل حجر عثرة أمام هذا الهدف، كما يؤثر بشكل سلبي على الملف الأكثر أهمية، والمتمثل بقضية النازحين السوريين وإمكانية دعم ومساعدة لبنان للتخفيف من هذا العبء.

وبالإضافة إلى كل ما سبق إنعكس الكباش السياسي بين الأطراف المحليين على القمة وصورتها، سواء بالنسبة لموضوع دعوة ​سوريا​ للحضور من جهة، او بالنسبة لمعارضة حضور الوفد الليبي للقمة من قبل بعض الأطراف السياسية اللبنانية من جهة اخرى.

ووسط كل هذه المعمعة، يبقى السؤال المطروح، هل سيستفيد لبنان إقتصاديا من هذه القمة بشكل فعلي وملموس ؟ أم أن أهميتها تبقى فقط معنوية في ظل الفراغ الحكومي والإنقسام السياسي والتعطيل المحكم ؟

في هذا السياق إعتبر الخبير الإقتصادي وليد أبو سليمان في حديث خاص لـ"الإقتصاد" أن "إنعقاد القمة الإقتصادية العربية في بيروت هو امر إيجابي بدون شك، وبمثابة رسالة معنوية إذا صحّ التعبير على الرغم من بعض المشاكل والكباشات السياسية التي رافقت مرحلة التحضير لهذه القمة. ولكن في حال تمت مناقشة ملفات مهمة كملف النازحين السوريين على سبيل المثال - وهو ملف ضاغط على إقتصادنا الوطني - فإن الإجراءات الفعلية والمساعدات الفعلية لا يمكن أن تحصل إلا عبر المؤسسات الحكومية والمؤسسات التنفيذية. ونحن للأسف في الوقت الراهن نعاني من فراغ حكومي قاتل، سيمنعنا من الإستفادة من اي دعم مادي وفعلي بهذا الخصوص".

وفي سؤالنا عن إمكانية الخروج بقرارات إقتصادية وإجتماعية فعلية من قمة بيروت، خاصة ان القمم الإقتصادية العربية السابقة أثبتت أنها قمم شكلية أكثر من كونها قمم هادفة، قال أبو سليمان "على مر السنوات الماضية والقمم السابقة، لم نلمس كلبنانيين أي دعم فعلي أو ملموس، ولكن نأمل أن تكون هذه القمة مختلفة وان يصدر عنها بعض القرارات الملموسة والفعلية خاصة فيما يتعلق بملف النازحين، مع العلم ان كافة المؤتمرات الدولية السابقة التي عقدت لدعم الدول المستضيفة للاجئين، لم ينتج عنها أي مساعدات فعلية ملموسة لتخفيف العبء عن لبنان. ولكن كما ذكرت، فإن الفراغ الحكومي والكباشات السياسية ستكون عقبة امام لبنان، حتى ولو كان هناك نية عربية فعلية للمساعدة بهذا الخصوص".

بدوره قال الخبير الإقتصادي د. غازي وزني في تصريح خاص لـ"الإقتصاد" أن "حكومة لبنان اليوم هي حكومة تصريف أعمال، ونعاني من فراغ حكومي قاتل أدى إلى تراجع إيجابيات هذه القمة بشكل كبير جداً. من هنا أعتقد ان الإفادة من إنعقاد هذه القمة في بيروت ستكون إفادة معنوية، أكثر من انها إفادة إقتصادية فعلية وملموسة. فالملفات الأساسية التي يمكن للبنان أن يستفيد منها في هذه القمة هي 3 ملفات: ملف النازحين السوريين، ملف إعادة إعمار سوريا، وملف إعادة ترميم وتعزيز العلاقات اللبنانية العربية خاصة على الصعيد الإقتصادي. وكل هذه الملفات تحتاج لوجود حكومة لبنانية فاعلة ومتناغمة، لكي نستفيد بشكل فعلي وملموس. من هنا أكرر بأن الإستفادة ستكون معنوية فقط للأسف، وستساهم بإعطاء صورة جيدة عن لبنان في ظل المرحلة الصعبة التي نمر بها. ولكن بالمضمون وبالواقع فإن نتائجها الملموسة ستكون محدودة بلا شك".

من جانبه لفت مدير "معهد المشرق" للشؤون الإستراتيجية والإقتصادية سامي نادر في حديث مع "الإقتصاد" إلى ان "إنعقاد قمة بهذا الحجم في لبنان في ظل إستقرار سياسي وحكومي، كان سيعطينا قوة دفع هائلة، وسيضعنا مجددا على خريطة المنطقة، خاصة أننا بأمس الحاجة في هذه المرحلة للإستفادة من كافة الفرص المتاحة أمامنا لتحسين وضعنا الإقتصادي وترميم علاقاتنا الديبلوماسية. ولكن للأسف تنعقد هذه القمة في بيروت اليوم في ظل فراغ حكومي، وإنقاسم سياسي حاد. وقد تحولت من حدث مهم ومنتظر، إلى مناسبة لتصفية حسابات سياسية، و"لنشر غسيلنا" أمام الدول المشاركة".

وقال نادر "نعرف ان القمم العربية السابقة كانت تُعقد وسط طموحات كبيرة وعناوين لافتة، في حين انه يتم تنفيذ جزء قليل من القرارات التي تصدر، ولكن لا يمكن النظر إلى هكذا قمم وإجتماعات فقط من هذه الناحية، فمؤتر "​دافوس​" مثلاً يعتبر اهم مؤتمر إقتصادي في العالم، ويحضره كل زعماء الصف الأول، ويتم طرح الكثير من المواضيع الإقتصادية، في حين يتم تنفيذ القليل منها. ولكن الاهمية تبقى في الحدث بحد ذاته، وليس فقط بالمقررات او التوصيات التي ستصدر عنه. وبالتالي هناك اهمية لإنعقاد هكذا مؤتمرات بدون شك، ولكن للأسف خلافاتنا السياسية أثرت بشكل كبير على هذه القمة، وأفقدتها الكثير من أهميتها وقيمتها".