تنطلق هذا الأسبوع أعمال القمة العربية التنموية الإقتصادية في بيروت، بحضور عربي، كان من المأمول أن يكون على مستوى الرؤساء والملوك والأمراء بهدف استعادة ​لبنان​ ثقة محيطه العربي بعد مقاطعة طويلة سياحياً واقتصادياً، إلى أن بدأت الإعتذارات عن الحضور تتوالى الواحدة تلو الأخرى. ووفقاً لتقارير صحفية، فإن السفراء العرب في بيروت بحثوا في موضوع مشاركة دولهم في القمة الاقتصادية، وخلصوا الى انه في غياب حكومة دستورية في لبنان لا يمكن لدولهم ان تشارك في قمة بيروت على مستوى الملوك والأمراء والرؤساء .

وتمهيداً للقمة، افتتح الرئيس المكلف ​سعد الحريري​ "منتدى ​القطاع الخاص​ العربي" الذي رأى فيه أنه "من غير المناسب تكرار الكلام عن الأمور التي يجب فعلها وتحسينها وتخطيطها لأن الناس تريد أفعالا لا أقوالا"، لافتاً الى ان "لبنان كما باقي البلدان العربية يحتاج إلى الكثير من الجهود خصوصا على مستوى التشريعات التي يعود تاريخ سنّ بعضها إلى 50 وأحيانا 60 عاما. كما دعا "إلى رفع القيود وتسهيل العبور بين البلدان العربية ليتمكن العرب من تعزيز التجارة و​الصناعة​".

ولمعرفة المزيد عن الآمال التي يعلّقها القطاع الخاص على هذه القمة، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع ​رئيس تجمع​ رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم، د. فؤاد زمكحل:

ما هي البنود المتعلقة بالقطاع الخاص التي سيتم طرحها في القمة العربية الإقتصادية التي ستنعقد في نهاية الأسبوع؟

بدايةً أود أن أوضح بأن القمة العربية تبحث شؤون كافة البلدان العربية وهذا العام تنعقد في لبنان، أي أن لبنان ليس الموضوع الرئيسي. وكقطاع خاص في لبنان لدينا ثلاث أولويّات: أولها دعم ​قروض​ الدين الخاص، حيث دائماً ما نركز في لبنان على ​الدين العام​ الذي وصل الى 80 مليار ولكن لا نذكر أن الدين الخاص وصل الى 55 مليار أي ما يوازي تقريباً 110% من الناتج المحلي. ومن جهة ثانية، نشهد أيضاً رفع بنسبة كبيرة للفوائد ليس فقط في لبنان بل بالمنطقة، لذلك فإننا نتمنى أن يدرج في القمة بند إقرار قروض للقطاع الخاص مدعومة عبر صندوق دعم، "مصرف لبنان" أو وزارة المالية.

ثانياً، نحن نعلم ان ​الإقتصاد اللبناني​ يعتمد وبشكل رئيسي على ​التحويلات المالية​ والإستثمارات من الخارج. وفي السنوات الخمس الأخيرة، شهدنا تراجعاً كبيراً في الإستثمارات، والقطاع الخاص يمرّ بفترات صعبة جداًّ من التاريخ الإقتصادي الإجتماعي، و​القطاع العام​ أيضاً ليس بأفضل حالاته. ال​موازنة​ العامة مقسّمة الى ثلاثة أقسام: ثلث لدفع خدمة الدين، ثلث لدفع الرواتب (باتت أكثر بعد سلسلة الرتب والرواتب)، وثلث لتحويلات مؤسسة "كهرباء لبنان". والأمر سيبقى على حاله حتى وإن تم تشكيل حكومة جديدة، فبالسياسات نفسها لن يكون هناك فرصة للإستثمار أيضاً. جاءت فرصة للإستثمار تمثّلت بمؤتمر "سيدر" ولكن كما جرت العادة فإننا نضيّع هذه الفرصة. نأمل أن ينتج عن هذه القمّة ​استثمارات​ للقطاع العام وخاصّةً في البنية التحتية من طرقات وصرف صحي و​اتصالات​، لأنه تم استنزافها مع الإستخدام لسنوات طويلة، ناهيك عن الضغط الذي سببته أزمة النزوح السوري أيضاً.

ثالثاً، وهو أولويّة ملحّة برأيي الخاص، إصلاح ملف "كهرباء لبنان" الذ يكلّف ثلث موازنة ​الدولة اللبنانية​ وثلث ميزانيات ​الشركات اللبنانية​ وثلث ميزانيات الأسر اللبنانية.

ما هي خططكم حالياً كقطاع خاص لبناني، في ملف إعادة إعمار ​سوريا​؟

تحدّثت منذ العام 2010 عن ملف إعادة إعمار سوريا، ودائماً بشكل إيجابي، لكن لنكن واقعيين اليوم فإن إعادة الإعمار ليست بالملف القريب، حيث لازال هناك مناطق لم تنتهي فيها الحرب، لسوء الحظ طبعاً. بالإضافة الى الإلتباس السياسي الذي يسود علاقة ​المجتمع الدولي​ بسوريا، كما أن أولويات سوريا اليوم متجهة الى ​روسيا​ و​الصين​ و​إيران​، ما يعني أنه ليس هناك مشروع واضح حتى الآن.

بشكل عام، تبيّن لنا من الزيارات التي قمنا بها الى عدد من الدول أن ملف إعادة الإعمار "ليس للغد".

كشف تقرير لمجلة "​فوربس​" تراجع لبنان على لائحة افضل الدول لممارسة الاعمال للعام 2019 الى المرتبة 92 عالمياً، ومن المرتبة 11 إلى 19 في المنطقة، كيف سيتمكن بلد كلبنان معروف عالمياً بحجم ​الفساد​ والمخاطر السياسية من جذب استثمارات تنعش قطاعاته؟ وإن جرى تطبيق الإصلاحات كم من الوقت سيستغرق ذلك؟

حتىّ وإن لم يصدر تقرير "فوربس"، نحن نعيش هذه الأرقام. نحن بلد يتراجع نقطتين كل عام، في كافة المجالات، وذلك لأننا لا نقوم بأي خطوات جديدة. إن لم نعمل على تنفيذ خطة معينة للوصول إلى هدف معيّن، سنتراجع بالتأكيد. ولكن لنكن صريحين، لم يخف أصحاب الإستثمارات يوماً من الظروف في لبنان، فالجميع يعلم أن الظروف السياسية في لبنان ليست مستقرة وأن مستوى الفساد مرتفع، إلا أن النقطة الإيجابية هي استمرارية كون لبنان منصّة اقليمية، لذلك فإن تراجعنا في الترتيب لا يعني انهيار اقتصادنا.