افتتح رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري قبل ظهر اليوم "منتدى القطاع الخاص العربي" التحضيري للدورة الرابعة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي ستُعقد في 20 كانون الثاني الجاري في بيروت، في مقر "اتحاد الغرف العربية" (مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي). وحضر الافتتاح أكثر من 400 مشارك من 24 بلداً عربيا وأجنبياً. وشارك في الافتتاح وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية د. كمال حسن علي، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير، رئيس اتحاد الغرف العربية محمد عبده سعيد أنعم والرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي.

وحضر حفل الافتتاح الرئيسان ميشال سليمان وفؤاد السنيورة وعدد من الوزراء اللبنانيين والعرب، إضافة إلى نواب لبنانيين وسفراء ودبلوماسيين ووفود من الغرف العربية والغرف المشتركة وجمع من رجال الأعمال والمستثمرين العرب وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية. وشارك في تنظيم هذا المنتدى جامعة الدول العربية واتحاد الغرف العربية واتحاد الغرف اللبنانية ومجموعة الاقتصاد والأعمال.

وأسف الحريري في بداية كلمته لـ"غياب الوفد الليبي عن أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية"، مضيفاً أن أهمية "منتدى القطاع الخاص العربي تكمن في النقاشات التي ستجري فيه لأنها ستكون بنودا تمهيدية للقمة العربية وأن توصياته ستُرفع إلى مؤتمر القمة". وعبر الحريري عن "تمنياته بنجاح القمة الاقتصادية العربية خصوصا وأنها القمة التنموية الأولى التي تُعقد بعد اقرار الامم المتحدة لأهداف التنمية المُستدامة في العام 2015". وقال أنه يتمنى صدور توصيات عملية عن "منتدى القطاع الخاص العربي" تساهم في تفعيل التعاون العربي وتحسّن من مستوى معيشة المواطنين في كل البلدان العربية.

وأضاف الرئيس الحريري، أنه "من غير المناسب تكرار الكلام عن الأمور التي يجب فعلها وتحسينها وتخطيطها لأن الناس تريد أفعالا لا أقوالا"، لافتاً الى ان "لبنان كما باقي البلدان العربية يحتاج إلى الكثير من الجهود خصوصا على مستوى التشريعات التي يعود تاريخ سنّ بعضها إلى 50 وأحيانا 60 عاما"، معتبراً انه "من الضروري القيام بتطوير التشريعات وبشكل مشترك بين البلدان العربية، لما تتمتع به من أثر على حياة المواطنين العرب".

كما دعا "إلى رفع القيود وتسهيل العبور بين البلدان العربية ليتمكن العرب من تعزيز التجارة والصناعة".

وختم الرئيس الحريري قائلاً "ان دور المرأة في العالم العربي أساسي، وأنها تشكل نصف العالم العربي، لكن ذلك لا ينعكس في تمثيلها السياسي والاقتصادي، وأنه لا يمكن للاقتصادات العربية أن تكتمل من دون المرأة. ورأى أن المرأة التي لعبت دورا قياديا في كل بلدان العالم، تستطيع أن تلعب دورا مماثلا في بلداننا."

أما وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري فأشار في كلمته الى إن "انعقاد مؤتمر سيدر ونتائجه لاسيما لناحية إقراره مساعدات مالية كبيرة بقيمة 11.6 مليار دولار، عكس ثقة المجتمع الدولي بلبنان وبقدرته على تجاوز الصعاب والتحدّيات الكبيرة المتعلقة ببنيته الاقتصادية بشكل عام، الامر الذي وضع الدولة اللبنانية أمام تحد حقيقي لإثبات قدرتها على الوفاء بالتزامات مؤتمر سيدر، وتحديداً تطبيق الإصلاحات المالية والهيكلية والقطاعية المطلوبة من قبل الدول والمنظمات الإقليمية والعالمية المانحة التي شاركت في المؤتمر."

وأضاف خوري "عمدت الحكومة اللبنانية الى وضع ورقة عمل تحت عنوان: "رؤية الحكومة اللبنانية للاستقرار والنمو وفرص العمل" قدمتها الى المؤتمر  في 6 نيسان 2018، كما وضعت لهذه الغاية استراتيجية للنهوض الاقتصادي تقضي بدعم القطاعات الانتاجية ذات الاولوية وزيادة قدرة لبنان التصديرية. وفي هذا السياق لا بد من الاشارة الى ان إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في أيلول 2017 قد شكل نقطة تحوّل في المسار الاقتصادي للبنان، كونه وضع مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص على المسار التنفيذي الصحيح من خلال تحديد الاجراءات اللازمة لتنظيم عقود الشراكة وتنفيذها والتقاضي بشأنها الامر الذي من شأنه ان يؤمن الثقة للمستثمرين . وفي الاطار عينه تم التعاقد مع شركة "ماكينزي" حيث تم وضع مخطط حول: "هوية لبنان الاقتصادية والاجراءات الكفيلة بتحقيقها"، الامر الذي من شأنه ان يوفر كافة المعطيات الاقتصادية لأي مستثمر محلي او اجنبي".

ولفت الى ان "خلاصة ما توصلنا اليه في رؤية لبنان الاقتصادية هو مضاعفة التركيز على القطاعات المنتجة ذات القيمة المضافة العالية والتيترتكز على المعرفة بدرجة كبيرة وتحدث أثرا مضاعفاً ومرتفعا وتتسم بمستوى أعلى من المرونة، العمل على بناء رأس مال بشري متميز يلبيالاحتياجات الاقتصادية المستقبلية، ضمان حكومة فعالة وكفؤة تدعمها سياسات الانضباط الكلي أي المالي والنقدي، بناء اقتصاد مفتوح يقوم بشكلأساسي على تنمية القطاع الخارجي والتركيز على الصادرات. وهذا الامر يتطلب توفير بيئة أعمال وبنية تحتية تنافسية وهذا ما نصبو اليه من خلال تنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر" الذي خلص الى:

1- تأمين قروض ميّسرة لتمويل برنامج الانفاق الاستثماري الذي يضم حوالي 190 مشروعا من أصل 250 مشروع مقدم من قبل الحكومة اللبنانية، وهي تشمل مختلف قطاعات البنى التحتية مثل: النقل، المياه والري، الصرف الصحي، الكهرباء، الاتصالات، النفايات الصلبة، انشاء المناطق الصناعية، وغيرها. ولهذه الغاية تم تحديد مشاريع البنى التحتية المؤهلة للشراكة بين القطاعين العام والخاص وأبرزها:

أ‌- توسيع مطار بيروت الدولي

ب‌- تأهيل وتوسيع مطار رينه معوّض في محافظة عكار،

ت‌- وانشاء الطريق السريع بين خلدة ونهر ابراهيم على طول 38 كلم منها 12 كلم انفاق

ث‌- انشاء مرفق جونيه السياحي

ج‌- وانشاء مرفأ جديد في صيدا

ح‌- انشاء سد في نهر البارد في شمال لبنان، وسد اخر في عين داره وسد وبحيرة مزرعة الشوف

خ‌- مشروعي معامل الزهراني وسلعاتا لتوليد الطاقة

د‌- انشاء المركز الوطني للمعلومات National Data Center

ذ‌- مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس".

وتابع: "إضافة لمشاريع عدة في الصرف الصحي ومعالجة النفايات الصلبة وتحويلها الى طاقة، يصل مجموع كلفة هذه المشاريع الى 6 مليار و578 مليون دولار اميركي، وهذا الرقم كبير ولا بد للقطاع العام من اشراك القطاع الخاص والمصارف والصناديق في التمويل ما سيساهم فيرفع معدلات نمو لتلامس 6 – 7% سنوياً، بعد ان تدنت الى حدود 1% خلال السنوات الأخيرة نتيجة للازمة السورية والتأثير السلبي للنزوح على الاقتصاد اللبناني".

وختم خوري قائلاً "لكن ايضا هناك ضرورة قصوى أن يترافق تنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري بإصلاحات عديدة تكرّس مبدا الشفافية والحوكمة اللازمة لتعزيز ثقة المستثمرين ومساعدتهم على تفادي المخاطر التشغيلية في هذه المشاريع، وتوفير الحماية لهم. مع التأكيد أيضاً على أهمية تعددية أدوات التمويل واقتراح تأسيس صناديق استثمارية لبنانية يجري تمويلها عبر أموال المغتربين اللبنانيين، ووضع هيكلية واضحة للمشاريع، بما يضمن تغطية تكاليف التشغيل وفصل الملكية عن التشغيل بما يضمن استمرار الخدمات، والعمل مستقبلاً على توفير آليات واضحة لفك الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وجود قواعد واضحة لحل النزاعات. اخيراً لا بد من التأكيد على عامل الثقة لتفعيل الشراكة، سواء الثقة في نشاط الدولة التي تمثل القطاع العام والتي يتوجب عليها العمل بسرعة على مجموعة مسائل اهمها:

1- ترشيق المالية العامة لإعادة الثقة للمستثمرين الاجانب والمحليين

2- وضع التشريعات اللازمة لإنشاء الهيئات الناظمة للقطاعات

3- توصيف مهام المجالس التي قد تكون معنية بالشراكة وتحديد مسؤولياتها بشكل واضح منعاً للازدواجية في العمل واتخاذ الاجراءات اللازمة لإلغاء المجالس والصناديق التي انتفى أي دور لها في الحياة الاقتصادية والتنموية الحالية

4- تمكين المجلس الاعلى للخصخصة والشراكة لكي يقوم بالدور المنصوص عليه في القانون

5- اقرار المراسيم التطبيقية لقانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ولا بد من اعداد حملات توعية لتوضيح اهمية القانون وآلياته التنفيذية".

بدوره، اعتبر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في كلمته أنه "يجب تقديم نظرة واقعية عن لبنان بعيدة عن الإشاعات وصناعة اليأس"، مضيفاً أن "لبنان شهد خلال العام 2018 كل اسبوع صدور تقرير أو تقريرين يتحدثان عن الانهيار الاقتصادي والافلاس"، موضحاً ان "الحقيقة هي أن النمو خلال العام 2018 كان بين 1 و1.5% بينما النمو في المنطقة كان بحسب صندوق النقد الدولي عند حدود 2%، وكان يمكن وصول النمو في لبنان الى حدود 2% لو تشكلت الحكومة". أما الودائع في العام 2018 فارتفعت بنسبة 3.5%، وكان الارتفاع بشكل أساسي في العملات الأجنبية، أما الودائع بالليرة فحافظت على مستوياتها، وبلغت الدولرة 70% نتيجة ارتفاع الودائع بالعملات الأجنبية. أما الفوائد فارتفعت نتيجة ارتفاع العجز في موازنة الخزينة وارتفاع الفوائد عالميا. وعموما ارتفعت الفوائد في لبنان بين 2 و3% وهذا هو معدل الارتفاع العام".

وتابع سلامة: "حققت المصارف تقدما على مستوى المؤونات وارتفعت بنسبة 3.75% من المحفظة الائتمانية. أما التسليفات فارتفعت بنحو 1.5 مليار دولار بينما استمر التسديد بحيث حافظت التسليفات على معدلات العام الماضي. وأشار أن القروض المدعومة من مصرف لبنان بلغت نحو 800 مليون دولار قروض اسكانية و400 مليون دولار قروض انتاجية".

وكشف سلامة عن أهداف مصرف لبنان للعام 2019 وهي:" المحافظة على سعر صرف الليرة، المحافظة على استقرار معدلات الفوائد، اطلاق المنصة الالكترونية للتداول التي ستوفر تسعيرا شفافا وسوقا ثانوية ترفد الأسواق بالسيولة، متابعة دعم الاقتصاد الرقمي الذي يتمتع بمستقبل واعد، العمل على إطلاق العملة الرقمية قبل نهاية العام ما سيساعد على تعزيز الحركة التجارية والسهر على احترام قوانين الدول التي نتداول بعملتها"

وشدد على أن "مصرف لبنان طلب من شركات تحويل الأموال الدفع بالليرة لأن ذلك يحصّن لبنان قانونيا لمكافحة تبييض الأموال ولا علاقة له بما روّج له عن العمل على زيادة الاحتياطيات".

من جهته، اعتبر الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية د. كمال حسن علي ان "هذا المنتدى يهدف إلى بلورة تطلعات القطاع الخاص العربي لتعزيز دوره في تمويل التنمية لتحقيق النهوض والتكامل الاقتصادي والاجتماعي المنشود، ارتكازاً على أسس التنمية المستدامة لتحقيق اقتصاد أكثر احتوائية من خلال الآفاق الجديدة الابتكارية التي فتحت أبوابها الثورة الصناعية الرابعة."

وأضاف علي إن "هذا المنتدى هو نتاج لالتزام الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتنظيم منتدى القطاع الخاص العربي في إطار انعقاد القمم العربية التنموية، تماما كما حصل في إطار قمة الكويت لعام 2009، وقمة شرم الشيخ لعام 2011، وقمة الرياض لعام 2013. وليس هذا فحسب بل إن انعقاد هذا المنتدى يأتي في ضوء النتائج التي حققتها هذه المنتديات في صياغة وبلورة رؤى موحدة للقطاع الخاص تم رفعها إلى القمة، وحظيت باهتمام من قبل القادة العرب، إلى جانب ما تم إعلانه من مشروعات عربية مشتركة للقطاع الخاص تصب في خدمة أهداف التنمية والتكامل الاقتصادي العربي".

وتابع: "شهدت الدول العربية تحولات مهمة، إذ انتقلت من اقتصاديات تعتمد على القطاع العام في التنمية إلى اقتصاديات تعتمد على القطاع الخاص في آليات نموها كما على آليات السوق الحرة، فعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى أن نصيب القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي قد ازداد مؤخراً إلى 75% في الدول العربية بدفع من برامج الإصلاح الاقتصادي. كما أن للقطاع الخاص دور في الاستثمار، وفي خلق فرص العمل الجديدة، مما جعله المحرك الرئيسي للنمو الذي شهدته البلاد العربية، لذا اتخذت القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في الكويت في كانون الثاني 2009 القرارات اللازمة لإعطاء الأولوية للاستثمارات العربية المشتركة، ولتدعيم مشروعات البنية الأساسية، وتنمية القطاعات الإنتاجية والتجارية والخدمية والاجتماعية.

واردف: "بناء على ما تقدم قد يكون من المناسب اتخاذ عدد من السياسات ولإجراءات التي تعمل على تشجيع القطاع الخاص للقيام بدور في تنفيذ مقررات القمم التنموية الاقتصادية والاجتماعية ومن أهمها:

أولاً: إشراك القطاع الخاص في مناقشة واتخاذ القرارات خلال تثبيت رؤياه وتوصياته.

ثانياً: توفير مناخ استثماري جاذب مع إزالة العراقيل الإدارية التي تعطل الفوائد المحققة من القوانين والتشريعات الجاذبة للاستثمار.

ثالثاً: توفير آليات لتشجيع إقامة شركات المخاطرة.

رابعاً: تطوير التعليم التقني ومؤسسات التدريب لتطوير قدرات العمالة والارتقاء بها لتواكب متطلبات الثورة الصناعة الرابعة.

خامساً: إزالة العقبات التي تواجه العمل العربي المشترك من خلال تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإزالة العوائق التي تواجهها ومن خلال إقرار الاتفاقية العربية لاستثمار رؤوس الأموال العربية في المنطقة العربية وغيرها."

كما اشار رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير في كلمته الى أن "القمة التنموية العربية تأتي في ظل متغيرات في السياسات والتحالفات الاقتصادية العالمية، وفي ظل أوضاع اقتصادية مقلقة عالمياً وبالغة الصعوبة عربياً، ويمكن تلمسها في عالمنا العربي من خلال تراجع النمو وتردي الخدمات وارتفاع معدلات البطالة والفقر والهجرة والنزوح وغير ذلك."

وأضاف شقير "كل هذا يضع الجميع أمام مسؤوليات كبيرة وعلينا أخذ العبر من تجاربنا ومن النماذج الناجحة حول العالم، للاستفادة من القدرات والإمكانات الهائلة المتوفرة لدينا لتحصين الساحة الاقتصادية العربية والذهاب لتحقيق التنمية المستدامة".

ولفت الى ان "تحقيق نقلة على هذا المستوى لا يتطلب الكثير من الجهود والدراسات والمشاريع، فخارطة الطريق معروفة، المهمّ أن يكون لدينا الشجاعة للتقدم عليها عبر تطبيق الاتفاقيات الموقعة والمشاريع التي تم إقرارها، واتخاذ رزمة من الإجراءات التي تسهل التجارة وممارسة الأعمال والاستثمار بين الدول العربية."

وشدد على ان "المطلوب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين مناخ الأعمال في دولنا وتحفيز الاستثمار في القطاعات المجدية ومنها تكنولوجيا المعلومات وفي المشاريع المتوسطة والصغيرة، وتشجيع واحتضان المبادرات الخلاقة"، مضيفاً "لقد آن الأوان ليكون الازدهار والتطور ورفاه شعوبنا في مقدمة أهداف دولنا ولا يَظُنَنّ أحد أنه إذا ركز جهوده لتحسين أوضاع بلاده فقط من دون الاستجابة لمتطلبات التكامل الاقتصادي العربي بإستطاعته تحقيق أهدافه التنموية."

وتابع "لقد كان لبنان من أول الدول العربية التي انخرطت في الاتفاقيات التجارية والاقتصادية العربية، وهو نفّذ والتزم بكامل مقتضياتها. كما أن لبنان يمد يده دائماً لاشقائه وهو على استعداد للدخول في أي مشروع يهدف لزيادة التعاون الاقتصادي،"مضيفاُ "اليوم بلدنا يطمح لتحقيق تقدم فعلي على المستوى الاقتصادي والتنموي، وقد نجح في الحصول من خلال مؤتمر سيدر على 11.8 مليار دولار لتطوير بنيته التحتية، كما أن لبنان بدأ فعلياً بعملية استكشاف النفط والغاز في البحر، فيما التحضيرات جارية لاطلاق عملية الاستكشاف في البر.

ودعا شقير "المستثمرين العرب إلى الدخول كشركاء فعليين في تنفيذ هذه المشاريع بالشراكة مع نظرائهم اللبنانيين، خصوصاً أن لبنان أقر مؤخراً قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص".

الى ذلك، قال رئيس اتحاد الغرف العربية محمد عبده سعيد أنعم ان "هناك تحديات كبيرة تواجه العالم العربي، وعلى رأسها ملف إعادة الإعمار في الدول التي طالها الدمار نتيجة الإرهاب وهذا الملف وغيره من الملفات الشائكة ليس مسؤولية الحكومات العربية وحدها، بل المسؤولية مشتركة مع القطاع الخاص العربي."

وأضاف أنعم "مسؤولياتنا أن نكون شركاء أساسيين في صناعة المستقبل الاقتصادي العربي كما تطمح إليه شعوبنا، ومسؤولياتنا أن نرفع الصوت عاليا لنقول بصوت واحد للقادة العرب إنّ الطريق إلى المصالحة ولم الشمل العربي، هو السبيل لحفظ الموارد والثروات والمضي نحو التقدم، فيتحقق بذلك الشعار الذي رفعته القمّة "الإنسان محور التنمية"، وتصبح بذلك الطريق معبّدة لتنفيذ القرارات والتوصيات التي سوف تخرج عن القمّة، فلا تبقى بذلك مجرد شعارات غير مقرونة بآليات تنفيذ محددة أو مدعّمة بتمويل مناسب، وتستهدف تعزيز طاقات ومواهب الإنسان العربي على كافة المستويات."

وختم قائلا: "ندعو القمة العربية إلى تبني رؤية القطاع الخاص العربي، والتوصيات التي سوف تخرج عن منتدانا اليوم، وعلى رأسها توفير المظلة الضرورية لتعزيز دور القطاع الخاص في مشروعات التنمية والتكامل الاقتصادي العربي والتحديث التكنولوجي وإعادة الإعمار والاتجاه نحو الاقتصاد الرقمي، باعتباره المصدر الحقيقي لتعزيز القدرة على النمو الفعلي والشامل والمستدام، والقادر على توفير فرص العمل الجديدة ومواكبة العصر."

وأخيراً، لفت الرئيس التنفيذي لمجموعة "الاقتصاد والأعمال" رؤوف أبو زكي ال ان "هذا المنتدى يشكل منصة لإجراء حوار صريح حول العلاقة العضوية بين القطاعين العام والخاص على قاعدة إعطاء ما لقيصر لقيصر"، مشيراً الى ان "دور الحكومات وضع السياسات والتشريعات والتنظيم والمراقبة وعلى مؤسسات القطاع الخاص التنفيذ، لكن المشكلة التي تواجهها هذه المؤسسات تكمن إما في التشريعات وإما في سوء التطبيق أو في الاثنين معاً، وقبلهما في الفساد الذي يفسد التشريع والتطبيق ويعطل آليات عمل السوق، وفي البيروقراطية المتأصلة في معظم مجتمعاتنا. ونحن هنا لنفكر معاً في نتائج القمم السابقة. وفي هذا الواقع وفي الاختلالات القائمة وفي ما يمكن عمله للتصويب والتطوير. نحن هنا لنفكر معاً في أحوالنا العربية المأزومة وسط عالم مأزوم. ونحن هنا معاً لننقل إلى قياداتنا التي تجتمع بعد أيام في إطار القمة همومنا والهواجس. وهذه القمة جاءت بمبادرة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية التي ينتقدها البعض كل يوم وكأنها هي المسؤولة عن الاختناقات والأزمات والإحباط في حين أنها المرآة التي تعكس كل الشؤون والشجون العربية".

وأضاف أبو زكي أن "الجامعة العربية تحاول دائما تدوير الزوايا، والبحث عن الضوء في النفق المظلم. فلماذا نلومها وهي ليست الجهة التي ترسم السياسات وتبرم الاتفاقات، ودورها هو محاولة التقريب بين المتباعدين ومصالحة المتخاصمين وصولاً إلى قواسم عربية مشتركة. إن التلاقي العربي مطلوب وبإلحاح لاسيما في هذه المرحلة السياسية والأمنية الصعبة المترافقة مع عدم استقرار أسواق النفط، الأمر الذي ينعكس سلباً على النشاطات الاقتصادية وعلى معدلات النمو وما ينتج عنها من تزايد في البطالة. ومثل هذا الوضع يستدعي دعم وتفعيل دور القطاع الخاص وتوفير المناخ المناسب لمؤسساته، وتحقيق المزيد من الانفتاح بين الأسواق، مما يساعد في تحريك العجلة وتحسين معدلات النمو. إن التحديات كبيرة والمطلوب منا تحويلها إلى فرص. ونحن على يقين أن الأمين العام لجامعة الدول العربية معالي الأستاذ أحمد أبو الغيط وبما يمتلك من خبرة ودبلوماسية، سيجد في ظل التعقيدات السياسية، فرصة لتعزيز الجانب الاقتصادي من عمل الجامعة وتفعيل العمل المشترك والإفادة القصوى من حيوية القطاع الخاص العربي".