لا يزال ​الاقتصاد اللبناني​ يمر في مرحلة حرجة يغلب عليها انعدام الاستقرار، ويواجه وضعا داخليا صعبا وتحديات مقلقة وضاغطة. ويكمن العائق الأكبر أمام الانفراج، في التركيبة السياسية والمفهوم السياسي ككل، الذي لا يولي أهمية للشأن الاقتصادي، بقدر ما يهتم بالحصص والتجاذبات وتضارب المصالح الخاصة التي تغلب على المصلحة الكبرى؛ أي الوطن.

فالسياسة اللبنانية تلعب دورا سلبيا بحتا في تدارك ​الوضع الاقتصادي​، وكل التحذيرات، المحلية والدولية، لم تنجح في إيقاظ الضمائر النائمة، ولم تحث المسؤولين على تقديم التنازلات لخدمة الوطن والمواطن. فالفساد الذي يطال غالبية الأشخاص، من أسفل الهرم الى أعلاه، يحرم خزينة الدولة من أموال كانت لتحد من تفاقهم ​الدين العام​ يوما بعد يوم. كما أن المشادات الكلامية لا تهتم لظالم أو مظلوم، بل تزيد من تفاقم الوضع وتدق المسامير، الواحد تلو الآخر في نعش اقتصادنا الوطني، أكان على الصعيد السياحي، العقاري، المعيشي،...

واليوم، يعول لبنان على القمة الاقتصادية العربية التي تعقد على أراضيه في عطلة نهاية الأسبوع المقبلة، وذلك من أجل استعادة ثقة الدول العربية، بعد مرحلة من شبه المقاطعة سواء السياحية أو الاقتصادية.

فهل يمكن للبنان استغلال هذه القمة في ظل غياب الحكومة واستمرار التجاذبات العربية؟ هل سيستفيد منها؟ والى أي مدى سيؤثر غياب ​سوريا​ على مفاعيلها؟

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها ​الخبير الاقتصادي​ د. لويس حبيقة في مقابلة خاصة مع "الاقتصاد":

ما هي توقعاتك بالنسبة الى القمة الاقتصادية العربية القادمة؟ هل يمكن للبنان استغلالها؟

توقعاتي ليست مرتفعة للغاية، وذلك بسبب جميع تجارب القمم العربية السابقة؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي كانت نتائجها ضعيفة نسبيا، أي بين 0/20 و10/20.

فالقمة تعقد من أجل تقديم النتائج الاجتماعية والاقتصادية على صعيد ​العالم العربي​، وبالتالي لا أتوقع أن تسهم في أي تغيير ملحوظ، وستكون القرارات "كلام بكلام".

أما لجهة لبنان واستضافته لهذه القمة، فأعتقد أن النتائج ستكون ايجابية عليه، بمعنى أن لبنان كبلد سياحي اقتصادي اجتماعي سينال ثقة الدول العربية؛ وذلك في حال عدم حصول أي حادثة سيئة.

ولكن بما أن ​ليبيا​ اعتذرت عن المشاركة، فأعتقد أن مصدر القلق قد زال.

الى أي مدى سيؤثر غياب سوريا عن القمة، خاصة بالنسبة الى موضوع إعادة الإعمار؟

مشاركة سوريا في القمة يعود الى ​جامعة الدول العربية​ فقط، ولا يمكن التفكير اليوم بموضوع إعادة الإعمار، قبل حل الأزمة. فبعد الانسحاب الأميركي من سوريا، لا تزال سوريا بركان، للأسف.

من جهة أخرى، كيف تقيم انطلاقة العام 2019 من الناحية الاقتصادية؟

لا أريد الجزم بالسلبية، ولكن من المؤكد أن الايجابيات غائبة. مع العلم أن الوقت لا زال مبكرا جدا من أجل الحديث عن هذا الموضوع، لأن 14 يوما فقط مرت على السنة الجديدة.

وأتمنى أن لا تستمر السلبيات الموجودة، مثل موضوع تشكيل الحكومة والمواجهة السياسية في البلاد. وبالتالي فإن لبنان يحصل في الوقت الحاضر على علامة 8/20.

هل توجد سبل للمعالجة السريعة للأوضاع القائمة؟

لا نشهد للأسف على معالجات سريعة، خاصة وأن هذه المعالجات بحاجة الى أرضية معينة. لكن الخلافات المستجدة والموجودة بالأساس، والتي تأخذ نوعا من التحدي، تمنع الحوار الجدي والهادئ.

ومن هنا، يجب أن تتوقف السلبيات المتعلقة بالمواجهات، من أجل العودة الى البناء بشكل ايجابي. فالكلام السلبي يتزايد أكثر فأكثر، وموضوع الحكومة لا يزال عالقا. والبعض يتحدث عن أن مشكلة لبنان هيكلية؛ وبالتالي اذا كانت هذه هي الحالة، فإن معاناتنا كبيرة ولا تحل في حكومة أو وزير.

وتجدر الاشارة الى أن لبنان يعاني من مشاكل أساسية، نغض النظر عنها بمبدأ "تبويس اللحى" و"السطحية" في معالجة الأمور. لكن التحديات تتم معالجتها بطريقة سطحية وبالتالي تبقى المشكلة موجودة.

فللأسف لقد مر أكثر من سنتين على عهد الرئيس ​ميشال عون​، وحوالي سبعة أشهر على الانتخابات النيابية، والوقت يضيع دون تحقيق أي تغيير ملحوظ.

الكل متخوف من خطر الانهيار في العام 2019، هل أصبح لبنان قريبا من حافة الانهيار؟

لا يوجد انهيار في لبنان، في حين أن ​فنزويلا​ هو مثال على الانهيار؛ فالمؤسسات انهارت، والشعب جائع، و​التضخم​ وصل الى نسب مرتفعة للغاية، والسوبرماركت خالية من البضائع، والناس يهربون من البلاد سيرا على الأقدام نحو الحدود.

فلننظر الى لبنان ونقارنه مع فنزويلا. هل تجوز المقارنة بين البلدين؟ طبعا لا! وبالتالي لن يكون هنالك انهيار في لبنان لا في 2019 ولا بعد 2019، وذلك لأن اقتصادنا مفتوح، والأموال تصل الينا، والبلد يضج بالحياة والحيوية.

ولكن من جهة أخرى، لدينا مشاكل يجب معالجتها، لكننا لا نقوم بهذه المبادرة، وهنا تمكن المشكلة الأساسية؛ اذ يجب الاهتمام بالمشاكل مع تشكيل الحكومة أو بدون تشكيلها، لأن هذه المشاكل لن تختفي أبدا. وهنا نجد تقصيرا كبيرا من قبل السياسيين في معالجة الأمور.