خاص ــ الاقتصاد

تعددت أوجه الشراكة بين رجل أعمال ​لبنان​ي ونظيره الكويتي، من انشاء شركات لتكرير ​النفط​ في ​البرازيل​ و​أفريقيا​، الى تأسيس الشركات الضخمة في ​أوروبا​ وأفريقيا، وصولاً إلى إنشاء شركة لل​طيران​ المدني، أخرى توليد الطاقة النووية، قبل أن يكتشف المتموّل اللبناني، أن كلّ هذه المشاريع كانت حبراً على ورق، حيث سارع الى مقاضاة شريكه، لكنّ المفارقة أنه توفي قبل أن يفصل القضاء في قضيته.

تعرّف "عبد العزيز. ح" وهو رجل أعمال لبناني، بحكم سفره المتعدد الاتجاهات، على "حمد. و" وهو أيضاً رجل أعمال كويتي وصاحب باع طويل في الأعمال التجارية في عدد دول أوروبا وأميركا الجنوبية و​الخليج العربي​، وقد طلب منه الأخير بالنظر لصفاته التي يتمتّع بها، مساعدته في تنفيذ مشاريعه المتعددة الأوجه، وحاول الاستفادة من علاقاته في مجال التجارة ومعرفته بآلية تنفيذ المشاريع التجارية الضخمة، فعرض عليه بداية المشاركة في مشروع "باهيا" في البرازيل، وهو عبارة عن محطة لتكرير النفط، الا أنه وبعد السير بالمشروع عاد "حمد. و" وتراجع عنه تنفيذه دون مبرر، متسبباً بضياع حقوق "عبد العزيز" من عمولات ومصاريف تكبدها في هذا السياق.

بعد فترة وجيزة عاد رجل الأعمال الكويتي من إقناع شريكه اللبناني، بأنه سوف يعوّض عليه من خلال تنفيذ مشروع "سيفورا ​باريس​" للعطورات و​مستحضرات التجميل​، وأنه بالرغم من القيام بواجباته، تخلّف "حمد. و" مجدداً عن متابعة المشروع، الى أن عاد واتصل به طالباً منه بإلحاح البحث عن عقار ملائم أو فندق في مدينة "​مونتي​ كارلو" الفرنسية ليصار الى ترميمه وإعادة بنائه.

وقائع هذه القضية تضمنتها ​الشكوى​ التي تقدّم بها "عبد العزيز. ح" ضدّ "حمد. و"، وأوضح فيها أيضاً، أنه قام بالواجبات الملقاة على عاتقه، ومن بينها الاستحصال على ​كتاب​ من مالك عقار في "مونتي كارلو" بعدم التصرف به ضمن مهلة معينة، والاستحصال على رخصة تجيز للمدعى عليه الكويتي، انشاء مبنى مؤلفاً من عشرين طابقاً وملحقاته، الا أن الأخير عدل عن تنفيذ المشروع في ​فرنسا​، وقام بنقله الى لبنان لتنفيذه على العقار المعروف بـ "موقف رياض الصلح" حيث يتمّ تشييد مشروع "​لاند مارك​"، ثمّ عاد وتنصل مجدداً من التزاماته وغاب عن التواصل الى أن عرض على المدعي مشروعاً تجارياً يتمثل بإجراء مباحثات مع شركة "توتال" لشراء ​النفط الخام الكويتي​، والتفاوض معها لإنشاء خمس محطات لتكرير النفط في خمس دول آسيوية لحساب ​دولة الكويت​.

لم ينته الأمر عند هذا الحدّ، بحسب الدعوى المقدمة من "عبد العزيز"، الذي أكد أن المدعى عليه عرض عليه تباعاً العديد من المشاريع الوهمية من خلال مناوراته، و​علم​ لاحقاً بأنه استفاد من كافة المشاريع التي كلفه بها، ضارباً عرض الحائط بحقوق المدعي المترتبة بذمته، الى أن عاد واتصل به للتسويق لمشاريع أخرى بينها إقامة شركة طيران خارج دولة الكويت، واعداً إياه بنيل نسبة من قيمة المشروع، وتعويضه عن كافة المشاريع السابقة، ثم بدّل المشروع الى شراء ​طائرات​ مستعملة وتأجيرها الى دولة الكويت بالإضافة الى مشاريع أخرى، منها شراء محطات لبيع الوقود في فرنسا، مع ما يتطلّبه من خطوات التنفيذ، إضافة الى مشروع لتوليد طاقة كهربائية نووية، كما طلب المدعى عليه إجراء مفاوضات مع شركة "توتال" لاستخراج الغاز الطبيعي من دولة الكويت، ومن ثم مشروع "​ايرباص​" طلب منه إتمام مباحثات لشراء عشر طائرات طراز جديد بهدف إنشاء شركة خاصة، وغيرها من المشاريع التي رفض المدعي البدء بأي منها قبل إجراء تسوية مع المدعى عليه.

وفي محاولة منه لإقناع المدعي أقدم رجل الأعمال الكويتي (وفق مضمون الشكوى)، على توقيع كتاب يثبت له أحقيته بنسبة من المشروع، الا أن وعوده بقيت من دون تنفيذ، عندها أيقن "عبد العزيز" أنه وقع ضحية مناورات احتيالية "حمد. و" الذي استغلّ مركزه وقربه من العائلة الحاكمة في دولة الكويت، حيث قرر مطالبة المدعى عليه جدياً بوجوب تسديد المصاريف التي تكبدها لتنفيذ المشاريع الوهمية، ووجوب إعادة كافة الملفات المسلمة اليه على سبيل الأمانة، ونتيجة عدم تجاوب المدعى عليه، وجّه له انذاراً بواسطة كاتب العدل ولكن من دون نتيجة.

وخلال التحقيقات الاستنطاقية التي أجراها قاضي التحقيق في بيروت وائل صادق، تبين أن المدعي الشخصي قد توفي، وانحسر إرثه بشقيقه محمد ورضوان، وقد أنكر المدعى عليه ما نسب اليه، وأفاد أنه تعرف على المرحوم بعدما كان للأخير رغبة بتأمين مركزاً لصيانة ​الطائرات​ العائدة للخطوط الوطنية الكويتية، لكن المشروع لم ينجح، وقد استمر التواصل بينهما لسنوات طوال، كان خلالها المرحوم يعرض عليه مشاريع وأفكاراً لم تلق منه اهتماماً، في حين كان يقدم له ​مساعدات مالية​، وأنه لم يستلم منه مستندات أو ملفات بشأن مشاريع منوي تنفيذها.

واعتبر القاضي صادق في قرار ظني أصدره بهذه القضية، أن الملف يستدعي تصحيح الخصومة وإحلال الوريثين مكان شقيقهما، بصفة مدعيين شخصيين، وأشار الى أن الجهة المدعية لم تقدم أي اثبات بشأن تواريخ الأفعال المنسوبة الى المدعى عليه، وخلص الى اتخاذ القرار بعدم سماع الدعوى بجرم الاحتيال و​اختلاس​ الأموال بسبب سقوط القضية بمرور الزمن الثلاثي.